الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-روج آفا- يوتوبيا الأكراد فى سوريا

رياض حسن محرم

2016 / 11 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


روج آفا" هي الترجمة الحرفية لمصطلح "غرب كردستان" فى اللغة الكردية، كجزء من مناطق تواجد الأكراد بالمنطقة المكملة لدولتهم المأمولة في سورية، شرق كردستان في إيران، شمال كردستان في تركيا، جنوب كردستان في العراق، ذلك المشروع الذى أجمع عليه الكرد بمعظم مكوناتهم وإنتماءاتهم الحزبية والمذهبية، لكنهم اختلفوا في طريقة تنفيذه فجميع الأحزاب ترفع شعار الدولة لكن الخلاف فى إسلوب التنفيذ، محاربوهم هم البيشمركة السورية ونواتها العسكريون الكرد المنشقون عن نظام الأسد مع بداية الثورة السورية، وولاء بيشمركة "روج آفا" السياسي هو فى الأغلب للحزب الديمقراطي الكردستاني في سورية الذى يهدف الى إقامة ” فيدرالية كردستان السورية” بصيغة كونفدرالية مشابهة للحالة العراقية، وتهدف الى ربط الكانتونات الكردية الثلاث المعلنة ببعضها جغرافياً، للسيطرة الكاملة على الشريط الحدودي، وبعتبرون مدينة القامشلي في شمال سوريا عاصمة لهم.
حزب الإتحاد الديمقراطي الكردستانى السورى بقيادة "صالح مسلم" يقود تحالفا ميليشياويا مؤلفا من وحدات حماية الشعب، وحدات حماية المرأة، وصناديد جيش الكرامة، والمجلس العسكري السرياني (السوتورو) وحرس الخابور الآشوري، وغرفة عمليات الفرات وتجمع ألوية الجزيرة وغيرهم، ويضم هذا التحالف بالإضافة الى نواته الأساسية من الأكراد عربا وآشوريين وسريان ومسيحيين وعلمانيين وغيرهم، وتم الإعلان فى إكتوبر 2015 الى إختيار إسم "قوات سوريا الديموقراطية" للتعبير عن هذا التجمع، وتهدف حسب بياناتها المعلنة أنها توجه أسلحتها للحرب ضد داعش وباقى المنظمات الجهادية المتطرفة لهزيمتها وطردها من التراب السورى تمهيدا لإقامة دولة سورية ديموقراطية علمانية، فى الوقت الذى اعتبر الائتلاف السوري المعارض المدعوم سعوديا، حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي تنظيما معادياً للثورة بعد إعلانه تشكيل الإدارة الانتقالية متهما إياه بافتعال الأزمات ومحاربة "الجيش الحر" بدلا من محاربة الجيش السوري، كما أنهم يتهمون الأكراد بعمليات تصفية عرقية ضد باقى المكونات.
العقبة الكبرى التى تعطّل تحقيق حلم الأكراد بسوريا لا تكمن فى المواقف الدولية، فأمريكا تتحالف معهم وهى المدرب والممول الرئيسى لهم وتعتمد عليهم بشكل كبير خاصة فى صراعها ضد تنظيم الدولة وخصوصا بعد أن أثبت الأكراد فعاليتهم فى مواجهة داعش بكوبانى ومنبج وغيرها، كما أن الإتحاد الروسى لا يتخذ موقفا مضادا لفكرة الإقليم الكردى بالمنطقة والدليل على ذلك موافقته على وجود مفوضية للأكراد بموسكو، وحتى الدول الأوروبية تجمعها علاقات طيبة بهم، ويتوافق الجميع على أن المخرج النهائى للأزمة السورية يأتى فى إتجاه دولة كونفيدرالية ديموقراطية لجميع مكوناتها، وحتى النظام الحاكم فى سوريا لا يمانع بشكل مطلق من تحقيق نوع من الحكم الذاتى للأكراد باعتبارهم قوة ذات تاريخ وطني طويل فلا يمكن إنكار دور يوسف العظمة وإبراهيم هنانو اللذان يعتبران أيقونة من أيقونات النضال ضد المستعمر ويعترف بحقوق المواطنة والمساواة والحقوق الثقافية للأكراد بدرجة ما، لا ينفى ذلك مطالبة الأكراد بمزيد من الحقوق ويشهد على ذلك إنتفاضة 2004، بينما يعترض مسعود برزاني على تحرك أكراد سورية، لأنه يجد من الخطوة بروز منافس كردي قوي له على الزعامة، العقبة الرئيسية تأتى من مواقف إقليمية على رأسها التعنت التركى تجاه الحركة الكردية، فتعتقد تركيا إن الصراع والحرب الداخلية السورية أفرزت وضعاً كردياً خاصاً في شمال سوريا، وهو ما يشكل خطراً على أمنها ووحدتها الداخلية، لوجود كتلة بشرية كردية كبيرة لديها، وبطبيعة الحال ستدفعهم التطورات الكردية في سوريا إلى المطالبة بحقوقهم داخل تركيا وتخشى تركيا أن تغذي سيطرة أكراد سوريا على حدودها مطالب الانفاصل لدى الأقلية الكردية فى الداخل، لاسيما وإن التأثير الفكري بين شمال كردستان / تركيا/ وروج آفا /سوريا/ كبير جداً، وبناءً على تلك المخاوف وضعت تركيا خططها ومشاريعها لإجهاض هذا المشروع، هذا الموقف تتخذه إيران أيضا بدرجة أقل نظرا لهامشية الوجود الكردى بإيران، فتعترض لفظياً على المشروع الفيدرالي الكردي، لكنها لن تدخل في أية عملية تصعيد سياسي أو عسكري ضده ، يضاف الى ذلك موقف الحزب الديموقراطى الكردستانى بالعراق برئاسة مسعود برزانى الذى لا ينفك يعلن عن توجهه لإقامة دولة كردية مستقلة عن بغداد ولكن لأسباب كردية – كردية يتخذ موقفا مناوئا للحركة الكردية فى سوريا.
لقد نجحت الحركة الكردية أن تقيم منظمات ولجان إدارية محلية للمناطق التى تسيطر عليها كمجالس المناطق والمدن وسعت إلى تقديم تجربة ديموقراطية في إدارة الحكم الذاتي عبر هذه المؤسسات الوليدة، في الوقت الذي نجحت فيه هذه الهيئات في ترسيخ ممارسة ديموقراطية ملموسة، الاّ أنها لم تتمكن من تحقيق ذلك النمط فى كل المناطق بسبب الصراعات داخل الأحزاب الكردية من جهة و الصراع مع داعش والأتراك من جهة أخرى، وعلى قاعدة جملة هذه التجربة "مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية”، والذي أعلن عن تأسيسه في 2014، بمبادرة من العديد من القوى والفعاليات السياسية والمدنية في روج آفا وعلى رأسها حزب الاتحاد الديموقراطي، وفي مؤتمر صحفي في مدينة القامشلي، الإعلان عن انتهاء المرحلة الأولى من الحكم الذاتي (التي امتدت بين منتصف عام 2012 وحتى منتصف عام 2013)، والشروع في المرحلة الثانية، وهى تأسيس هيئة تشريعية مكلفة بتشكيل هيئة إدارية انتقالية، و تشكيل لجنة لصياغة مسودة الدستور المؤقت بعد التوافق عليه من كل مكونات المعارضة السورية، وأكدت الهيئة في بيانها الختامي على أن هذا المشروع “لا يحمل أي أجندة تسعى إلى تقسيم سورية، بل على العكس، يعتبر هذا المشروع جزءا من الحل عبر نموذج ديمقراطي تعددي تشاركي"، وتندرج تجربة “الإدارة الذاتية” في القامشلي وباقي مناطق “روج آفا”، في إطار هذه المحاولات التي راحت تبذلها قوى المجتمع السوري من أجل السيطرة على حياتها، وتخفف قدر الإمكان من حدّة الفوضى التي ولدت مع الحرب الدائرة هناك، وهي تجربة لاقت الكثير من الاستحسان لدى قطاعات شعبية واسعة، إلا أنها أيضاً واجهت العديد من الانتقادات، والتي رأت في تسيد حزب الاتحاد الديموقراطي (PYD) لهذه التجربة تكراراً لتجربة حكم حزب البعث.
لاشك أن الحكومة التركية، القلقة جدا من النفوذ الكردي، ستحاول إحباط أي تحرك نحو استقلال الأكراد، فبالنسبة لتركيا فإنه لا يمكن الفصل بين مشروع كردستان الغربية في شمال سوريا " روج آفا" عن الحرب التي يشنها حزب العمال الكردستاني في تركيا، وليس فقط لأن حزب الاتحاد الديمقراطي منبثق عن حزب العمال الكردستاني، بل لأن هناك تسربا للمقاتلين بين المجموعتين، ولأن حزب العمال الكردستاني يستطيع الاعتماد على المناطق التي يسيطر عليها الأكراد في شمال سوريا باعتبارها ملاذات آمنة لمقاتليه، وقد جاء التدخل التركى البرى شمال سوريا ليعيد خلط الأوراق مرّة أخرى، فمن الواضح أن الموقف الروسى "اللاعب الأول على الأرض السورية" وقف موقفا محايدا "إن لم يكن داعما" لهذا التدخل الذى يستهدف القوات الكردية بالدرجة الأولى وداعش لذر الرماد، كما أن موقف أمريكا الداعم الأكبر لقوات سوريا الديموقراطية لا تعارض الموقف التركى "شريكتها فى الناتو" المعلن بضرورة سحب القوات الكردية الى شرق الفرات وإخلائها للمناطق التى حررتها من داعش بما فى ذلك منبج، بينما يحنى الإتحاد الوطنى وقوات سوريا الديموقراطية رأسهما للعاصفة ويقررن الإنسحاب بعد تدريب وتسليح قوات الحماية المحلية بمنبج ضد الغزو التركى.
ختاما فإن من الطبيعي أن يحلم الأكراد بدولة كبرى تجمع شملهم المشتت، ولكن توجد تحديات كبرى فى مواجهة هذا المشروع، يعزز هذا الحلم أن الأكراد "متقدمون" مدنياً وتشريعياً عن أقرانهم العرب، وذلك ما ظهر في التشريعات الجديدة التي سنتها "وحدات حماية الشعب" في مناطقها في سوريا، مثل تشريعات تمكين المرأة، ومنع الزواج من قاصر، ومنع تعدد الزوجات، وإقرار الزواج المدني. ومن المعروف أن وضعية المرأة والقوانين التي تحميها، وتساويها حقوقياً بالرجل، من أهم العوامل المساعدة في تقدم المجتمعات المدنية، ولكن علينا أن ندرك حجم هذه التحديات كما أسلفنا، يضاف اليها معارضة النظام السورى وفصائل المعارضة المسلحة وعلى رأسها الإئتلاف السورى المدعوم من الرياض من فكرة الفيدرالية وكثير من الدول العربية والإسلامية التى تعتمد المذهب السنى فى موقفها المتشدد ضد الأكراد والشيعة على حد سواء، مما لا شك فيه أن الفيدرالية في نظام ديموقراطي حر هي عامل إضافي لمنع تغول الدولة على المجتمع، ولكن ليس كل الرافضون للفيدرالية مستبدون فقد يرى البعض أن تلك الفكرة هى المقدمة لإنهيار الدولة المركزية فى سوريا، وعموما فربما يكون من المبكر طرح هكذا موضوعات قبل أن تتحرر سوريا بالكامل وتعود العافية الى الجسد السورى، عندها يكون قادرا على تحديد مصيره ووضع دستور ديموقراطى يحدد شكل الدولة الجديدة ... أليس الشعب بقادر,








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غانتس يهدد بانسحاب حزبه من حكومة الائتلاف ما لم يصادق نتانيا


.. مراسلتنا: استهداف موقع الرمثا الإسرائيلي في مزارع شبعا |#الظ




.. السعودية تشترط مسارا واضحا نحو إقامة دولة فلسطينية مقابل الت


.. الجيش الإسرائيلي يواصل تصعيده ضد محافظات رفح والوسطى وغزة وا




.. إلى ماذا تؤشر عمليات المقاومة في رفح مستقبلا؟