الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا مرر خدام هذه الكرة في الوقت الضائع؟

يوسف العادل

2006 / 1 / 3
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


من الطبيعي أن يلجأ عبد الحليم خدام إلى شتى صنوف اللعب المافيوي والانتقام ممن كنسوه عن بكرة سلطاته ونفوذه من مركز دائرة القرار في النظام السوري، حينما أطلق على نفسه رصاصة الرحمة في مؤتمر البعث السوري منذ شهور معلناً استقالته، ومن الطبيعي أن يستهدف غيره ويستهدفوه في سياق الصراع على السلطة، وبأحط الأساليب وأبشعها والدارجة في مثل هذه الميادين، ومن الطبيعي أن يمتلك هذا الرجل أوراقاً سياسية متنوعة وأسرار ثمينة وخبرات في الدهاء السياسي تكدست في يديه على مدى عقود في مدرسة الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد،ولكن من المستغرب لأول وهلة كيف سيق الرجل الثاني في سوريا إلى هذا المصير(خروجه من النظام) رغم توفر مقومات صموده في الصراع على السلطة واستعصائه المفترض على النيل منه لاسيما في المرتين التاليتين على الأقل:
1. في المرة الأولى حينما كان جزءً من مثلث قوي وخطير يربض على الساحتين السورية واللبنانية يضم الحريري وخدام وغازي كنعان،ويؤسس لاقتلاع تراث ونفوذ ومرتكزات مدرسة حافظ الأسد من أرض الصراع السياسي في المنطقة، ثم وجد خدام نفسه يواجه مصيره كآخر رأس في هذا المثلث ،(بعد الحريري وكنعان) حيث تعددت الوسائل والمصير واحد( اغتيال، انتحار، إقالة وتصفية إدارية،سياسية قضائية...الخ).
2. في المرة الثانية حينما كان بإمكان خدام (أحد أبرز خزنة أسرار النظام السوري) لو أراد( إن لم يكن متورطاً في اغتيال الحريري، أو يكون قد خدعه النظام بأية إعادة اعتبار) أن يدفع بكل أوراقه إلى سلة ميليس ويزيد في تشديد الخناق على النظام السوري الذي كان يحبس أنفاسه عشية إصدار التقرير الأول سيما وأن الأمريكان كان يبحثون عن بديل للرئيس السوري، ولو كان من قبيل الضغط وانتزاع التنازلات السورية في الملف العراقي وغيره من الملفات، لكن خدام اختار هذا الوقت ( بشكل يدعو للاستغراب) لنشر غسيله وغسيل النظام السوري الذي سرعان ما استنفر مؤسسته التشريعية والإعلامية والقضائية وغيرها للإجهاز المعنوي السهل على هذا الرمز الذي شق عصا الطاعة(وخان النظام الذي أنعم عليه)،وبالطبع جاءت مقابلة خدام على قناة العربية في وقت خرج فيه النظام نسبياً من خطر مركز الضغوط الدولية عليه إلى فضاء أرحب ما يفقد المقابلة المردود السياسي الذي يرتقبه خدام منها.
لكن يبدو أن آليات الصراع على السلطة وترتيبات محصلات موازين القوى الداخلية المتناغمة والمتساوقة مع العامل الخارجي وفق مدرسة حافظ الأسد لم تتح لخدام إمكانية النفاذ عميقاً إلى داخل بنية قواعد اللعبة السياسية التي تأسست وتبرمجت تاريخياً على تأبيد هيمنة وسيطرة أسرة الأسد الأب(أولاده حصراً) على سوريا نظاماً وشعباً ومقدرات ، وهو بذلك يتعرض الآن للعنة هذه اللعبة على غرار رفعت الأسد وغازي كنعان وغيرهم, ممن أ’لحقوا في ذمة التاريخ بهذا الشكل وذاك.
ويبدو أن خدام لم يدرك عقم الحضانة الفرنسية له كفرس رهان للفرنسيين الذين لن يسمح الأمريكان لهم وله بالقفز خارج المدار الذي تدور فيه رحى الترتيبات الأميركية في المنطقة عموماً وفي العراق خصوصاً،حيث سيمعن الأمريكان في قطع الطريق على عودة النفوذ الفرنسي إلى لبنان أو سوريا وبأية سقوف تاريخية،(كما قطعوا الطريق على عودة هذا النفوذ لعقود بالتحالف مع النظام السوري وابنه البار خدام) ولن تخرج عندئذٍ رمايات تحالفات الفرنسيين المؤقتة مع الأمريكان في الضغوط على النظام السوري خارج المدى المجدي للمصالح الأميركية, فثمة خطوط حمراء أميركية تجعل من مشروع خدام والتبني الفرنسي له أمراً لا رجاء منه، سيما وأن موضوع تبديل النظام في سوريا لم يعد على الأجندة الأمريكية بعد أن شرع النظام السوري بتسريع التنازلات الفعالة للأمريكيين في العراق، وكنا شهدنا كيف مر يوم الانتخابات العراقية تحت غطاء الهدنة ، لدرجة يظن فيها المرء أن مفاتيح امن العراق واستقراره في يد السوريين(ويبدو أنهم كذلك)، وفي كل الأحوال سيكون خدام قد قدم للأمريكيين من حيث لا يحتسب تثقيلاُ لضغوطهم على النظام السوري، فتتسارع خطوات التنازل ثمناً لرقبة النظام الذي فوت الوقت على خدام في لعبة البدائل الذي يأمل خدام أن يدخلها، إنما البوابة الفرنسية غير سالكة إلى الساحة السورية، وكان على خدام أن يسلك في الوقت المناسب الطريق الأميركي، وأعتقد أنه تحرك في الوقت الضائع، وأضاع مكسب المثول المرتقب للرئيس السوري ووزير خارجيته أمام لجنة التحقيق في اغتيال الحريري، حيث ستودع مفاعيل ذلك خارج جيوب خدام.
2/1/2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم الدمار.. نازحون يعودون إلى منازلهم


.. المتحدث باسم نتنياهو للعربية: لا مستقبل لحماس في قطاع غزة




.. اجتماع محفوف بالتحديات الدبلوماسية والتجارية بين الصين وفرنس


.. العالم الليلة | -رفح- في انتظار اتفاق.. وبوتين يؤدي القسم لل




.. الداخلية المصرية تشكل فريق تحقيق في مقتل رجل أعمال إسرائيلي