الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تائه في المنفى

أسامة سليم

2016 / 11 / 26
الادب والفن


“انت ما عليه الان و الباقي سراب”

(حيدر حيدر)


شعور بالدهشة يعتريه…. كأن هذه الرؤيا قد مرت عليه سابقا في مكان اخر,,,, كأنه البرزخ ,,, الناس تطوف يسارا و يمين ,,,الالهة غاضبة و الطقس ينفذ تعليماتها ,, مطر مطر مطر …. جموع تتغافر تحت محطة الباص و في الحانة الرخيصة و في المقاهي الشعبية ,,,,, بحّ صوت بائع المحارم و لم يبع علبة محارم بعدُ ,, انتشري ايتها الانفنوانزا الجميلة ,,, اطفاله جائعون,,, صنبة بورقيبية بكل شموخ تحيّ المارين ,,, اما ابن خلدون فلا عزاء له ,, يفتح كتابه المقدمة او ما بقي منه بعد ان سرق اعوان الشرطة اوراقه كي يلفوا بها سجارة حشيش ,,,, شاب عشريني يعود ادراجه لكن إلي أين ؟؟ إلي الرحم الذي ولد منه ,, إلي مدنين ,,, انا صغير و خائف لذلك امشي إلي الشارع المؤدي إلي محطة باب عليوة كي اعود ادراجي ,, اذهب إلي منزلي ,,, حين كنت صغيرا و خائفا كنت انام في غرفة الصالون التي بها جهاز التلفزيون,,, لكن الآن,, كنت أكبر مع كل خطوة وحين أصل إلى الباب كنت قد بلغت من العمر ما لا يسمح لي بالدخول.. فعدت أدراجي. وبينما كنت أمشي في طريق العودة إلى غرفتي، كانت أصغر مع كل خطوة. و حين وصلت إلي غرفتي كانت يدي لا تستطيع أن تطال مقبض الباب .,,,.العاصمة , اللعنة عليها ,,الجميع هنا ,, رجالا و نساء يدخنون ,, هنالك فتاة حزينة تشتغل بالبوتيك بعد ان تحرش بها مديرها ,,, العاهرات ,, الجزائريون,,, جميعا يكونون خليطا متجانسا من القذارة,,, انا هنا منذ اسبوعين .. انا تائه بعيدا عن عيناكي … لا اعلم مالحل ,,, مسك بصحيفته اليومية و قرأ في ركن الابراج « الحظ يقف إلي جانبك … مال وفير في الطريق إليك« لقد اكتمل النصاب ,,, لقد ثبتت الرؤيا ,,, يجب عليّ ان احرق البخور و أقيم الولائم .. الحظ يقف إلي جانبي ,,, ماوراء البحار سأكتشفه ,,, هناك حيث لن يتم تصنيفي حسب ثروتي و مكانتي و عملي و انتمائي ….
يجيبه الصدي من وراء البحار و من أعماق الكهوف
عليك ألّا تهاجر. إنهم يحاولون إبعادك عمّا خُلقت لأجله الوطن بحاحتك إن رحلت لن يتبقى لخدّام الوطن أي دمى ليتفننوا بمسخها ستقل الأهداف و سيفقد القناص متعته.. أيرضيك ترك قناص شاب تحت رحمة الملل؟ إن رحلت لن تكون مائدة عارية غافية على رصيف الوطن الغالي.. سيضطر من كانوا يأكلون فوق عظامك على إيجاد مائدة جديدة لا تليق بهم إن رحلت فمن سيسقي ياسمين الوطن بالدم؟ لا تذهب لا تدع الوطن العجوز الذي اعتاد السادية يأكل ذاته
مطر مطر مطر … جسد الفتاة يثير جنونه ,,, ببطئ تتقدم و بكل ثقة في النفس ,,لا يعلم ماذا يفعل ,, عليه ان يبتسم ,, المطر يثير جنونه و يزيد من ارتباكه كم ناج مخيلته للهروب من الواقع آه
ليتني قطرةُ المياه تلك التي تنسال ببطئ من ناصيتك الى أخمص قدميك, لأرتوي من كل إنشٍ تنساب عليه من جسدك, وأنتشي مع كل بروز ترتحل من خلاله, وأرسم كل مَعلم يخلدُ على كل مسامة طاهرة منه, أهناك ما هو أعظم حظاً من هذه القطرة ؟
عليه ان يكون ثوريا و شيوعيا ,,, هو يبلي بلاء حسنا في هذا الأمر ,,, رائحة انفاسه تملؤها السجائر الكريهة ,,, و لم يستحم منذ اسبوعين ,,, اصبح يترك شعره مهملا و يندر ان يحلق ذقنه ,,, يحتسي سجائر الكريستال بنهم كبير و لا يقتطع تذكرة حين يركب في الميتور ,,, يتنبؤ بأشياء غريبة ,,, يقول بأن النملة ستأوي الصرصار ببيتها في الشتاء القاحل ,,, ان النعجة ستقع في غرام الذئب ,,, ان النشكاء سيشربون زجاجة بيرة رفقة الوزراء و يرفعون نخب هذا الوطن الكئيب ,,, لقد اصبح شيوعيا ,,, لكن الرفاق تركوه وحده بالبرزخ ,,,, آه من وطن يقتلي ,,, اه من أعين تفتنني ,,, أه من مدينة تكرهني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت


.. عاجل.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة غداً




.. سكرين شوت | إنتاج العربية| الذكاء الاصطناعي يهدد التراث المو


.. في عيد ميلاد عادل إمام الـ 84 فيلم -زهايمر- يعود إلى دور الس




.. مفاجآت في محاكمة ترمب بقضية شراء صمت الممثلة السابقة ستورمي