الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المساومات السياسية ...مساومات على الصمت المتبادل..‍‍

هرمز كوهاري

2006 / 1 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


الانظمة الشمولية ، أو أنظمة إحتكار السلطة من قبل الحزب الواحد ، تتطور الى إحتكارها من قبل الشخص الواحد هو الشخص القائد ، الذي لا يمكن أن يحل محله كائن من كان من الشعب ، لصفاته المتميزة! عن الغير ! بالشجاعة والحكمة والدراية وبُعد النظر وتحليل الامور وحتى تعقيدها وحلها على طريقته الخاصة بعد التعقيد ! بحيث ليس هناك من يتمكن أن يتبارَ معه في هذا المجال بل يكون ذلك من المحال !.
وتبدأ أبواق الدعايات من المنتفعين والعائشين على فتاته ، يتبارون في إعطاءه أسماء الحسنة وقد تبلغ 98 وليس 99 ليبقى فرق بسيط بينه وبين ربه بإسم واحد !! ثم تعزى كل عبقرية المهندسين في تخطيط المشاريع وخطط الاقتصاديين في إدارة شؤون البلد وتضحية الجنود في ساحات الحرب وجهود جميع المخلصين من أبناء الشعب المساهِمة في بناء الوطن تنسب الى حكمته و توجيهاته السديدة ، ولولاه لوقع البلد والشعب في حيص بيص !
وكنتيجة للجهود التي بذلها هؤلاء العمالقة !، تتكون لدى شعوبهم خبرة متميزة لكشف الحقائق قبل أن يكشفها الخارجون عن الطاعة والولاء ، كما فعل الكثير منهم وأخرهم وقد لا يكون الاخير، الرفيق! المناضل الذي قاد فكر الامة العربية في الوحدة والحرية والاشتراكية ، وذات الرسالة الخالدة ، في القطر السوري قلعة العروبة النابض! وهو الاستاذ.. "عبد الحليم خدام " الذي كان خادما مطيعا للقائد وحزب القائد.أما أهمية إعترافات خدام وأمثاله الهاربين من الحظيرة فهي كما يقال " شهد شاهد من أهلها "

وكما قال الكاتب القدير الاستاذ أحمد الربعي ،" أن كل ما قاله الخدام عن فساد النظام وإستهتاره هو صحيح وكذلك كل قاله " نواب الشعب السوري" ردا عليه من فساد خدام هو صحيح أيضا لأن الاخير كان ركن من أركان فساد النظام ، أما الشيء غير الصحيح هو السكوت المتبادل طيلة كل هذه المدة ...الخ" وربما الظروف الاستثنائية التي تمر بها الامة !!

وفي العراق كان الشعب يعرف كل المستور ، الذي مُورس في زمن الأسد الجسور! سيف العروبة المنصور ! الذي بنى أكبر وأوسع حقلا من القبور ! من شمال العراق الى بابل وأور !!
إن كل هذا الذي يجري في الانظمة الشمولية الدكتاتورية من صمت وسكوت بين المسؤولين هو شيئ طبيعي ، وذلك خوفا من بطش القائد وليس غير صحيح كما قال الاستاذ أحمد الربعي ،لأن الانظمة الدكتاتورية مبنية على القسوة والصمت بإخراج فني وقانوني ونضالي !

وذكرت كل هذه المقدمة لأصل الى أهم ما يهمنا وهو وضعنا في العراق الدديمقراطي في أقوال المسؤولين وفي خطبهم وفي نصائحهم فقط للشعب بإتباع الديمقراطية ، أما فيما بينهم من مخالفات وتجاوزات على القانون وعلى المال العام وعلى حقوق الناس وعلى حقوق المرأة وعلى .. وعلى ..و المخالفات التي لا تعد ولا تحصى ، فالسكوت والصمت المتبادل بينهم ضروري خوفا من تأجيج الخلافات ورغبة في لم الصف الوطني! ، وهكذا آخذين بالانتقال من دكتاتورية القسوة والصمت من قبل الحزب القائد الى دكتاتورية القسوة والصمت من قبل الاحزاب المتآلفة لتشكيل حكومة وحدة وطنية ، التي يقال أنها ستمثل جميع أطياف الشعب العراقي ، أي بمعنى إسكات كل صوت معارض للتجاوزات التي قد تصل بعضها الى جرائم مالية وأخلاقية وحتى جنائية ، وإدخال جميعهم في حظيرة الحكومة ، ولسان حالهم يقول فيما بعد " بيكم خير وتصرفوا " أو " إخدم الشاه وأعمل ما تشاء " أو يقولون أيها المعارضون إدخلوا في الوزارة لتكونوا أنتم سادة الحارة" وإلاّ لا تتكلموا عن التجاوزات وبعض الخسارة ، لآننا ظُلمنا سابقا وكأن المظلوم من حقه أن يظلم .

ومن العجيب الغريب أن مصلحة الوطن والشعب يضعونها في خدمة وحدة التكتلات السياسية وليس بالعكس ،وهذا ما جرى ولا يزال يجري في العراق الديمقراطي منذ سقوط نظام البعث ، جرى في فترة مجلس الحكم الموقت، وجرى في الحكومة التي كانت برآسة أياد علاوي ، وجرى ولا يزال يجري في حكومة الجعفري ، الذي أجبر على القسم بالديمقراطية حفاظا على مركزه وليس إيمانا منه بها ، يجري صمت مطبق على المخالفات والتجاوزات وسكوت متبادل بين المسؤولين ، فإذا خرج أحدهم أو أخرج يبدأ يعدد تجاوزات و مخالفات من كان معه من المسؤولين في سكوت متبادل ، تتحول الى اتهامات متبادلة .

قال الاستاذ راضي القاضي ، رئيس هيئة النزاهة في العراق ، هناك مئات من المخالفات المالية لمسؤولين كبار في الدولة قُدمت ملفاتهم الى القضاء ، ولكن لم نسمع حكما واحدا ضد من نهب مئات الملايين ، ووزع مئات أخرى على أفراد حزبه ، وتسلم مئات أخرى من جهات أخرى ، ورمم بيته بعشرات أخرى ، وهرّب أموالا وبضاعة ونفطا و..و.. بعشرات أخرى وأخرى ،وخلال ما يقارب الثلاث سنوات لم يقدم ثلاثة مخالفين للعدالة ، بل بالعكس لايزال هؤلا ء في مقدمة إنقاذ العملية السياسة . في صمت وسكوت متبادل فيما بينهم ، إنقاذا وإنجاحا العملية الديمقراطية ، ديمقراطية الحكيم والجعفري والصدر مدعومين بالمليشيات المجاهدة وبالمرجعيات المصونة .

بعد كل هذا ألا تبدوا هذه المساومات السياسية .. مساومات على الصمت والسكوت المتبادل بين الفئات المساومة ؟؟ بحجة " الظروف الاستثنائية التي يمر بها البلد "، في الوقت أن هذه الظروف الصعبة تتطلت الصراحة والمكاشفة والشفافية ، لفضح ثم إبعاد كل مسيء وإستئصاله قبل أن يعم فساده ويفسد غيره .

كل مخلص يفضل التفاهم والاتفاق بين الاطراف السياسية على الاختلاف والتناحر بينهم ، ولكن .. ولكن لا على حساب إخفاء الحقائق وطمس المخالفات وعلى حساب الديمقراطية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل يغير نتانياهو موقفه من مقترح وقف إطلاق النار في غزة؟ • فر


.. قراءة عسكرية.. اشتباكات بين المقاومة وقوات الاحتلال




.. ما آخر التطورات الميدانية في قطاع غزة؟


.. أمريكا.. طلاب جامعة كولومبيا يعيدون مخيمات الحراك المناصر لغ




.. شبكات| غضب يمني لخاطر بائع البلس المتجول