الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زلزال دونالد ترامپ

ريمون نجيب شكُّوري

2016 / 11 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


لحظة تاريخية حاسمة فاجأت العالم بأسره إنها لحظة إنتخاب صاحب إمبراطورية مالية كبيرة ليكون رئيساً لأكبر إمبراطورية عرفها التاريخ. لحظة أفزعت زعماءَ دول كثيرة. فوقفوا حيارى في آمرهم لا يعلمون كيف سيحول دونالد ترامپ العالم
ربما يختلف كثيرون معه بسبب رعونته لكن إنتخابَه كان رداً للسياسات العقيمة الني أتبعتْها الولايات المتحدة خلال العقود الأخيرة المساندة للزعماء الديكتاتوريين والتي خلقتْ أو خلفت الإرهاب والفوضي وأشعلتْ الحروب
ويتمنى كثير من زعماء العالم أن لا تكون سياسة صاحبنا ترامپ أكثر خواءً من سياسات سابقيه ويجر العالم الى كارثة نووية أو بيئيية جراء رعونته

لكن سؤالاً يطرح نفسه: كيف أستطاع دونالد ترمپ الذي لم يخض معتركاً سياسياً من قَبْـلُ التغلبَ على جميع منافسيه وعلى إقناع قرابة نصف الشعب الأمريكي بإنتخابه؟ هل كان ذلك بفضل ذكائه أم بسبب عنجهيته؟

رأيي الشخصي: لا بفضل ذكائه ولا بسبب عنجهيته بل هنالك عوامل متعددة المجال لتناولها هنا. لكن يبدو لي أن أهمها وجود شريحة( لا أود أن أقول طبقة) في المجتمع الأمريكي تضم أكثر منو60٪‏ من البيض أغلبهم من قاطني المناطق الريفية والزراعية تحمل أفكاراً وآراءً غير متناغمة مع سيرورة مناحي التطورات الأخيرة في المجتمعات العالمية منها على سبيل المثال مسألة الإجهاض وزواج المثيليين والتغاضي عن وطأة التغيير المناخي
تَعتبرُ هذه الشريحةُ أن الإجهاض َعمليةُ إغتيالٍ للجنين وأن زواجَ المثيليين إثمٌ كبير. ولا يكترث معظم مؤيدي آراء هذه الشريحة بالعواقب الوخيمة للإحترار العالمي معتقدين ــ بناءً على برمجة عقولهم دينياً ــ بقرب المجيء الثاني للمسيح الذي سيأخذ على عاتقه معالجة المسألة لصالح النوع البشري.
وعلى الرغم من أن التمييز العنصري قد أُنْهِيَ قانونياً إلا أن ترسباتِه لا زالت باقية في داخل نفوس كثير من الأمريكيين (وغير الأمريكيين)
إضـافة الـى هـذه الأمـور تـشعـر هـذه الـشريحـة بكـثيـر مـن الأستـعـلاء عـلـى الآخرين بـسبـب التـفـوق الـعـسكـري والإقـتـصادي لأمـريكـا يـنـعـكـس بشـعـار American Exceptionalism الـذي يـشـبـه الى حدٍ ما Dueshte Uber Alles
أسارع مصرحاً ــ لئلا يساء فهمي ــ إنني لا أدعي أن أقول شيئاً جديداً فكل ما ذكـرتُ معروفٌ جيداً وليس بخافٍ عن أحد.
الأحداث العالمية التي جرتْ خلال العقود الأخيرة من أعمالٍ إرهابية، …وتصاعد الأصولية الدينية …وتدفق لاجئين من ألوان وجذور مختلفة وذوي خلفيات وثقافات متنوعة … ودخول مهاجرين غير شرعيين وشرعيين،…وإنتخاب رئيس أمريكي من جذور أفريقية، أقول أن تلك الأحداث خيبتْ آمال الشريحة فبدت لها كبوادرَ تغييرٍ عميق في تركيبة النسيج الإجتماعي للمجتمع الأمريكي بإتجاهٍ لا ينسجم مع رغباتها مما أقلقها وأشعرها بإهتزاز في مكانتها المؤثرة في سياسية القوة والجبروت ”الإمبراطورية“ الأمريكية.

فإنبثق شخصُ يجسِّد رؤى وهموم الشريحة ويشعر شعوراً قوياً ومُلِّحاً بمسؤولية المناداة الى تغييرٍ جذري في سياسة أمريكا الداخلية والخارجية متوائمٍ مع تطلعاتها ويدعو اليه بِهمةٍ وعزيمةٍ
صحيح أنه رجل لا خبرة له في السياسة ولا يمتلك بلاغةً خطابية متميزة وأنه مثقل بفضائحَ أخلاقية، لكنه أثبت منذ صعوده المسرح السياسي أنه منافس صعب المراس في تعامله مع منافسيه بأسلوب عنجهيٍ سمجٍ لم يعهده الأمريكيون في معاركهم الإنتخاببية من قبلُ.(رغم أن جميع المعارك الإنتخابية ليست سوى مسرحيات). وهو أسلوب ربما إستساغه جيل مهني جديد. وهكذا استطاع المرشح الإنتخابي ترامپ سحب البساط من تحت أقدام جميع منافسيه ومعارضيه
إذا صحَّتْ الزاوية التي أنظر منها فإن ترامپ لم يكتشف بذكاء عقدة نصف الشعب الامريكي في حبهم للقوة والجبروت إنما تجسدتْ فيه تلك العقدة وعمل على تأجيجها محاكياً بعنجهيته وديموغاغيته آدولف هتلر
ولا يمكن أن ينكر أحد أن له طموحاتٍ شخصية الى الوصول الى أعلى منصب في الدولة الأمريكية لكنه كان يشعر بالإضافة الى طموحاته أنه يحمل على كتفيه آمال وتطلعات تلك الشريحة. فقد صرح ــ عقب تعالي أصوات الدعوات المتعددة بالإنسحاب من المعركة الإنتخابية نتيجة الكشف عن فضائحه الأخلاقية ــ قائلاً : إنني لا أستطيع خذلان مؤيدي
نعم، سياساته المعلنة رعناء.جلبتْ السخرية عليه من كل حدب وصوب. لكن لم يبالِ مؤيدوه بذلك فلم يلقَ خذلانآً منهم. وفعلاً صوتوا له. …… فأنتُخِب.
بإختصار :
دونالد ترامپ نتيجةُ الشريحة وليست الشريحةُ نتيجةَ دونالد ترامپ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - غيرة القواد والتاكسي !
يحيى طالب ( 2017 / 1 / 12 - 08:19 )
يقال ان قواد ركب تاكسي في بغداد ايام زمان وبالطريق اشروا له بنات لياخذهم توصيلة في طريقه فرفض القواد ان يقف لهم ابو التاكسي بكل اصرار وقال للسائق - انا قواد واذا احد شافني راكب سوية ويه هؤلاء البنات فاكيد راح يشك بيهم ويقول عليهم كح--ب ولهذا السبب رفضت منك الوقوف لهم خوفا على سمعتهم ! وربما الايام القادمة راح نشوف غيرة ترامب افضل من غيرة سلفه الشرفاء جدا !! والعاقل يفهم ! -شكرا دكتورنا الغالي على مقالك الجميل وشكرا لموقع الحوار

اخر الافلام

.. داعمو غزة يغيرون ا?سماء شوارع في فرنسا برموز فلسطينية


.. رويترز: قطر قد تغلق مكتب حماس كجزء من مراجعة وساطتها بالحرب




.. مراسل الجزيرة هشام زقوت يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع


.. القسام تستهدف ثكنة للاحتلال في محور نتساريم




.. واشنطن تطالب قطر بطرد قيادة حماس حال رفضها وقف إطلاق النار