الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حينما يحزن الياسمين

عقيل الواجدي

2016 / 11 / 30
الادب والفن


حينما يحزن الياسمين
عقيل فاخر الواجدي
ربما انبرى كلكامش ( 1) لان يكون اول من اصّل لفكرة كسر قاعدة الموت المقيتة التي تشعرك بالعجز امامه بالرغم من كل الامكانيات التي يمتلكها الانسان من ذهنية وفكرية وحتى احتيالية ، هو الشيء الذي اخذ بالالباب واوقفها عاجزة عن فك سره منذ بدء الخليقة ، فلم يُفلح حتى السعي لفلسفته – الموت - في ان تُغيّر من واقعه واثره وحتى طعمه .
يبقى الموت عملية انطفاء وتلاشٍ وتغييب قسري حتى كأنك لم تكن ، وتبقى الاجتهادات التي يتبناها البعض في انه استمرار للواقع بعيدة عن القبول النفسي وما جُبل عليه الانسان من حب الحياة التي يرى فيها ذاته الحقيقة وان اختلف مفهومها من شخص الى اخر ( فالموت في نظر النورسي (2) هو بداية رحلة جديدة من الحياة تاتي بعد ان يسلم المرء الروح ليبدأ مرحلة حياتية اشرف واسمى من تلك الحياة المرئية المالوفه )
ذات الحزن الساحر ،
نص للشاعرة الفلسطينية ( ياسمين المقدسي ) تحاكي الموت فيه بلغة الحزن الذي لاتملك سواه امام واقع لامجال لدفعه باسلوب شعري ارتقت فيه اسلوبا ومعنى الى مستوى النصوص الراقية التي تمنحك فرصة التامل وانت تقرا الاسطر مرتسما في مخيلتك سيناريو المأساة التي مرت بها الشاعرة .
النص ( ذات الحزن الساحر ) يوحي الى الامكانية الفنية التي تمتلكها الشاعرة والمرتكزة على الابعاد اثلاثية الاساسية لبناء اي نص ادبي متميز ( الوعي والاسلوب وتوظيف المفردة ) وهي تبادرنا برسم عالم وجعها وحزنها بمقطعيات متناسقة ومتسقة لاتشعر معها بالتشظي او التشتت ..
يحكى أن امرأة من خشب السنين
تقرأ الحنين وتستند الى الذكرى...
تحمل في جعبتها ورود لا تذبل وفي عينيها
حكايا لاتصدق .......
أحببت الدمع في عينيها وسميته الندى
وأعطيت يديها أسرار الروح
قلت لها أنت هي ذات الحزن الساحر
مثواك قلبي
ليأخذها مني النعاس فأقف بارتباك أمام ضباب الغياب المحتمل في الحلم
يعلو صمتي كرائحة عاصفة لم تأتي بعد
وأغلق قلبي كي أراها في الحكايا
اللغة الانيقة والشفافة مكنت الشاعرة ( ياسمين المقدسي ) في استدراجنا لتتبع خطوات نصها وهي تردف المقاطع بانسيابية نهر هاديء يخفي تحته الوجع في مراسيم بوحٍ مثقلٍ بالحنين ، فمخاطبة الموتى يثقل الارواح ومطالبتهم بالعدول عن الرحيل اطنابا في الوجع الذي لاتطيقه الارواح المحبة
لا ترحلي ....
لا ترحلي قلت لها
وكلاما كثيرا لكني تركت المعاني عاريه
لم تسمعني ...
قد أغرتها الظلمة لتغمض عينيها
وتبدو للعابرين كأنها تنام
كأنها تنام.......
عرفت ...
هي لعنة الرحيل من جديد
هرعت افتح علبة القلب لأرى من تبقى
من أحبتي ادخرهم لهذا الوقت
لاكتشف الفراغ
ماتبقى أحد .......
قليل من الوقت
دمعة لاتجف
تنهيدة لاتحمل حرف
قد فتحت السماء بابها .......
ذهبت
ذهبت
.........
نص ( ذات الحزن الساحر ) دليل سير شاعرتنا بكل ثقة نحو مدينة الشعر التي تتشتت من حولها الخطى ، فالسائرون كُثر والواصلون قليل ، نص يستحق اكثر من قراءة فنية واكثر من اهتمام .
الهوامش :
1- ملك اوروك من الحضارة السومرية في جنوب العراق
2- بديع الزمان نور الدين النورسي ( 1877 – 1960 )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا