الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تلفزيون المستقبل .الحقيقة.و إعلام لا تقربوا الصلاة

مفيد عيسى أحمد

2006 / 1 / 4
الصحافة والاعلام


المتابع لتلفزيون المستقبل سيكتشف أنه مثال جلي للإعلام التابع لسياسة معينة و المداحي عنها بمصداقية أو دونها، لا غرابة وقد لعب الاعلام دوراً هاماً في الأزمة السياسية المعتملة في لبنان، و يبدو أن هذا الاعلام كما الزعماء تقاسم الشارع اللبناني و العربي. بحيث يمكننا القول أن هناك اصطفاف إعلامي .. كالسياسي
من سمات الاعلام القاصر عن الاقناع، مخاطبة المتلقي بلهجة تلقينية مدرسية و ربما قسرية مستهينة بادراكه العقلي و ربما هذا ما أصاب تلفزيون المستقبل أخيراً، خاصة بعد اغتيال المرحوم الحريري.
كل ذلك ينطلق من حرص هذه المؤسسة الإعلامية على الحقيقة ....إلى الآن مازالت فواصل هذه القناة و شاراتها و إعلاناتها تطالب بالحقيقة بشكل مبرر لو أن هذه المطالبة نأت عن التشنج و التحريض، أي لو أتت هذه المطالبة بشكل متزن وعقلاني بعيداً عن الحساسية السياسية و اللاعقلانية و هذا ما كان يعرف به تلفزيون المستقبل.
الكل يريد الحقيقة، يبدو أن ليست ثمة حقيقة واحدة بل حقائق ، تذكروا أن أول إذاعة صهيونية كان شعارها مقولة توراتية هي ( الحقيقة تحرر البشر ) و هي التيمة الاعلانية لتلفزيون المستقبل التي لا تفتأ تكررها بشكل يختلف لفظياً و لو بشكل بسيط عن المذكورة إذاعياً، أم مسألة الأهداف فثمة اختلاف واضح في الهدف و تماثل في الوسيلة .
من سمات الحملات الدعائية المبتذلة مجاهرتها بما تريد بشكل تحاملي مبتعدة عن أسس الإقناع و بالتالي عجزها عنه إلا في وسط فئات تتوافق معها سياسياُ، و هذه الفئات تكون مهيأة لتقبل هذه الجرعات الإعلامية لما تحققه من إشباع معنوي و لو كان على حساب فقدان المصداقية.
تلفزيون المستقبل كان من القنوات الرزينة و المعروفة بمصداقيتها، ربما كان الدافع لما هو عليه الآن، كونه الناطق باسم طرف من أهم الأطراف في السجال السياسي والذي ورث ذلك الإرث السياسي و الإعلامي من سياسي و زعيم كبير هو المرحوم ( رفيق الحريري )، هذا الإرث الذي لم يعامل كما ينبغي، بل عومل بشكل حط من قيمه و مبادئه إعلامياً.
هناك تحول كبير أصاب الخبر في صياغته و طريقة تقديمه التي لا تخلو من نبرة محمومة، فالخبر أصبح يصاغ وفق توجه معين إلى حد بتره و التعمية على مضمونه أو وضعه في سياق ينافي حقيقته.نستطيع أن نستعرض أمثلة عن ذلك :
الخبر الذي نقله تلفزيون المستقبل عن الفنان عادل إمام و هو يتناول الرئيس لحود في مهرجان الفيلم في دبي، أذيع الخبر و كأن الفنان إمام يسخر من الرئيس اللبناني لحود عندما قال :( أنا قلت لو لو عاوز تشتغل في السينما إحنا جاهزين ، هو وسيم و شكله مناسب ، لو حب حانديلو أدوار عادل أدهم ).
أورد تلفزيون المستقبل هذا كخبر رئيسي في نشرته و بشكل تهكمي و ساخر، رغم أن الفنان إمام على الأغلب لا يقصد ما أبرز فيما أوحى به المستقبل، لأن الخبر بدا مبتوراُ من سياقه، حتى لو قصد عادل إمام ما أوحي به، فمن الاسفاف إيراد الخبر في نشرة رئيسية بتلك النبرة التهكمية السمجة.
الخبر الآخر الذي أورده المستقبل في نشرته الرئيسية و الذي لم نره ولم نسمعه من أي قناة أخرى وهو : تصريح مسؤول خليجي أن قمة مجلس التعاون تعد بياناً بكلمات قاسية جداً عن سورية .
انتهت القمة و أشاد البيان الختامي بتعاون سورية مع اللجنة التحقيق و لم نسمع بتلك اللهجة القاسية إلا من المستقبل . ربما كان ذلك في إطار التمنيات.
أما فيما يخص تقريري ميلس فكان التصعيد أشد، فالمستقبل صاغ تقريراً بما يتوافق و هواه و بدأ يروج له و كأن نص التقرير الحقيقي و عندما صدر و كان ليس كما تمنوه قدموه بخبر فيه الكثير من المكابرة و التعمية، معتبراً ما جرى نصراً جديداً و خطوة جديدة نحو الحقيقة خاصة فيما يخص التمديد للجنة التحقيق و المحكمة الدولية و المساعدة في تقديم المعونة التقنية فيما يخص جرائم الاغتيال، رغم أن ماورد في التقرير كان أخفض بكثير مما طلبته الحكومة اللبنانية و هذا ما صرح به وزير العدل اللبناني بشكل موارب.
هناك أمثلة كثيرة ويومية في كل نشرة أخبار تذاع ، و في كل برنامج و ثمة جانب آخر هو الاهتمام بأخبار ليس لها من أهمية و أشخاص لا دور لهم سوى الصراخ بالشعاراتية التي تصرخ بها قناة المستقبل .
لنأخذ مثلاً آخر: فيما يخص اغتيال النائب تويني استنفر تلفزيون المستقبل و هذا حقه، بدا و كأنه في معركة مصيرية، كذلك هذا لا يؤخذ عليه أما أن يبدو متحاملاً و يطلق أحكاماً من دون أساس و يقوُل الناس ما لم تقوله ويحاول تصيد أقوال مجتثة من سياقها و إبراز أقوال مشكوك بصحتها و بشكل متواتر مثل ما نسب لممثل سورية في الأمم المتحدة و محاولة زج المفكر المفجوع غسان تويني في سجال وضح أنه أكبر منه و أنضج، فقد كان رده بعيداً عن الاسفاف، ليتضح بعد ذلك أن ما نقل أقرب إلى الافتراء .
حتى الرئيس السنيورة لم يسلم من تقديم تصريحاته بشكل مبتور و موجه، و هذا حدث اكثر من مرة، خاصة فيما يخص العلاقة مع سورية وذلك حين تبدو التصريحات غير منسجمة مع توجهه.
هذه الحالة أضحت واضحة إلى درجة بدا فيها الخبر في المستقبل يقدم على طريقة لا تقربوا الصلاة.
لا نورد ما ورد انطلاقاً من موقف سياسي، لكن من موقف متابع لهذه القناة منذ زمن طويل،لكن في الفترة الأخيرة جعلتنا حملتها نجد صعوبة في الانتقال إليها و مشاهدتها، كان على المستقبل أن تؤدي غرضها الإعلامي بشيء من العقلانية و المصداقية و المنطق .
قناة المستقبل تبدو كرجل غاضب يريد إقناع جميع الناس بما يريد، لكن لا يستمع إليه سوى أهل بيته و هم ربما ..مجبرين
نأسف على شاشة كانت في الصف الأول موضوعية و أداءً، و تحولت منبراً متشنجاً محموماً .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمطار الغزيرة تغرق شوارع لبنان


.. تشييع جثماني الصحفي سالم أبو طيور ونجله بعد استشهادهما في غا




.. مطالب متواصلة بـ -تقنين- الذكاء الاصطناعي


.. اتهامات لصادق خان بفقدان السيطرة على لندن بفعل انتشار جرائم




.. -المطبخ العالمي- يستأنف عمله في غزة بعد مقتل 7 من موظفيه