الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غريبة أنت أيتها المرأة الجزائرية

مزوار محمد سعيد

2016 / 12 / 2
كتابات ساخرة



المرأة الجزائرية كغيرها من نساء الدنيا هي كائن جميل، لطيف وناعم للغاية، ولها ميزات كثيرة تحرّك الوجدان والمشاعر، لتسري في جسد الحياة "vita" سريان الدماء في العروق، لها أصالتها وعمقها التاريخي السحيق في جذور هذه الأرض، فلا يعرف الجزائر سوى نساءها، وإن ما أردت أن تتعرّف على الجزائر حقا عليك بالزواج "sposare" من إحدى بناتها، فستظهر لك الجزائر بشكل عذريّ خالص تماما.
تعلم المرأة الجزائرية أن زوجها المستقبلي سيخونها ومع ذلك تتزوجه، تعلم بأن التقاليد "tradizioni" والأطر الإجتماعية التي تلتزم بها عن ظهر قلب لا محل لها من إعراب العلوم والمنطق والمعقولات والأديان وحتى الأساطير والخرافات، ومع ذلك تقدم عليها بلا كلل ولا ملل، هي سيّدة الحرّاس الذين لا يتركون أي تفصيل لأية صلة تنفك عن وجودها، وهي التي تزاول وجودها عبر حصر ذاتها في قفص " gabbia" صمم منذ الأزل ليحفل ببقائها فيه منذ الأزلية أبد الدهر.
ما أعظم التاريخ حين تسطّره النساء وربات البيوت بالخصوص، ولنا في مجتمعات تقدّس دور العائلات لأمثلة ناصعة في هذا الخصوص، دون أن ننس ما ورد في الأثر الذي يقول: وراء كل رجل عظيم إمرأة.
لقد حكمت ملكة المملكة المتحدة إمبراطورية شاسعة بدهاء شديد ولا تزال تفعل، وهي وريثة الملكة فيكتوريا وعرابة المرأة الحديدية تاتشر، ولا تزال تحكم ميركل العقل الألماني، ولا تزال السيّدة لوبان تتحرش بالعقل الفرنسي، وهي أمثلة ماثلة أمامنا لنساء قويات في عالمنا المعاصر.
وعلى أرض القراصنة "الجزائر" التي لم تحتفل عبر تاريخها سوى بالرواية والروائيين فقد يحضرني إسم آسيا جبار كإحدى الأمثلة التي تؤكد على حضور المرأة الجزائرية في صلب دورها التاريخي والحضاري بعيدا عن سفن العباب بين سلب الذات ونهب الروح.
ما تعان منه المرأة الجزائرية هي الوصاية "tutela"، وصاية الأب ثم الأخ ثم الزوج ثم الابن، ثم الغريب والغرباء، ولا يمكن أن تتخيل نفسها وصية ذاتها لأنها ببساطة لا تشعر بذاتها ولم تشعر بها في يوم من الآيام، وعندما تستشعرها تزهوا بمجون الآخرين بدل أن تحتفي بزهو ذاتها ذاتيا.
في الجزائر فتيات لا يمكن لشاعر واحد أن يتغنى بهنّ كلهن، فعبر عيونهنّ وألوان بشراتهنّ المختلفة يمكن رصد الجمال مزركشا على جوانب خطاب لا يمكن أن يسجنه لا أحد ولا أيّة قصيدة أو كتاب.
في الجزائر الأنوثة معلقة على الأبواب تداعب السراب، تنادي بأعالي أصواتها كصوت آخر مغني يتعمّد بصوته المبحوح كل حين.
في الجزائر الصبايا يتعلّقن بحريتهن المهدورة كالجنين، وهو يحاول أن يكون سعيدا ببكائه، أن يكون فرحا بعالم ولد معه ولم يولد فيه.
في الجزائر آثار على رمال البحر المتوسط، ترسم إبتسامة مؤنثة، تغازل أمواجا مرجانية الحضور، تحضن زمنا إرتمى بكله في جهله، وتمسح دموعا على خد تجاهل قسوة الحياة وانحاز إلى وفاء "fedeltà" مكنون.
لا يمكن أن نستهين بمن أنجبت الثوار وربتهم تحت القصف وبين تسابيح الرصاص، لا يمكن أن نستخف بمن لقنت العالم الحضارة ببداوتها، وصنعت من لدائن أبدان ضعيفة روائيين كبار، ولا يسعنا إلا أن نحترم تلك الذات التي ناضلت من أجل أن تغدق زوجا، وأن تحمي إبنا، وأن تدرّب إمرأة صاعدة في مجال الأنوثة " femminilità".
لولا نساء الجزائر لما كانت الجزائر رغم مكرهن الأنيق، ورغم ما يحيط بهنّ من تحديات يعجز هذا المقام عن ذكرها لصعوبتها على أي كاهل مهما كان قويا، لا يزال الطريق طويلا لتتعرّف المرأة "donna" الجزائرية على دورها، لتلتقي بنفسها بنفسها، وتتصالح مع أنوثتها قبل أن تفتخر بجزائريتها، لأنّ لكل وردة أشواك تدمي قاطفها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب