الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكومة توافقية ... لماذا

طارق الحارس

2006 / 1 / 4
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


ليس من السهل أن يتحول العراق بين ليلة وضحاها الى بلد ديمقراطي فالأمر يحتاج الى سنوات طويلة ، لكننا نفتخر الآن كوننا قد وضعنا قدمنا في الطريق الصحيح الذي سيضعنا في مصاف الدول الديمقراية فتجربة الانتخابات الأخيرة بالرغم مما أثير حولها من تزوير وترويع وقتل وغيرذلك فانها تعد تجربة كبيرة مقارنة بالتجارب الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط ، وما التزوير والترويع الا جزئيات متوقعة الحصول في بلد مثل العراق عاش تجربة دكتاتورية طويلة امتدت لأكثر من ( 35 ) عاما ، إذ لا يمكن القفز بسهولة على تلك الحقبة وما خلفته من مآسي سياسية واجتماعية وثقافية واقتصادية أثرت تأثيرا سلبيا على المواطن وساهمت في تدهور روحيته ونفسيته ، تلك المآسي التي يحتاج شفاء بعضها الى زمن طويل .
سألني صاحبي : لماذا لا تقود القائمة التي فازت بأكبر عدد من الأصوات في الانتخابات الأخيرة الحكومة المقبلة .. أليس هذا ما يحصل في دول العالم .. لماذا تطالب بعض الأطراف بأن تدار الحكومة القادمة من قبل جميع الكيانات السياسية الكبيرة التي شاركت بالانتخابات .. يستمر صديقي بالسؤال .. لم شاركنا بالانتخابات وأدلينا بأصواتنا لصالح هذه القائمة أو تلك مادام أمر تشكيل الحكومة سيتم بطريقة توافقية بين القوائم الكبيرة ؟
قلت لصاحبي : أولا أنه بامكان القائمة الفائزة بأكبر عدد من الأصوات وبالتحالف مع قائمة أخرى تشكيل حكومة مثلما حصل تماما بعد الانتخابات الأولى ، إذ تشكلت الحكومة من قائمتي الائتلاف الموحد والتحالف الكردستاني ، لكن هناك العديد من الاسئلة التي تطرح نفسها قبل اتخاذ مثل هذا القرار في هذه المرحلة التي يمر بها العراق ومنها : هل أن تشكيل الحكومة من هذين التحالفين سيصب في مصلحة العراق والشعب العراقي في المرحلة المقبلة وكذلك : هل أن هذين التحالفين يمثلان جميع الطوائف العراقية ؟
من المؤكد أن الجواب هو : كلا ، إذ أن قائمة الائتلاف الموحد تمثل الأحزاب الشيعية فقط وهذا يجرنا الى القول الى أن هذه الأحزاب لا تمثل أبناء الشيعة العراقيين جميعهم ، إذ أن العلمانيين منهم يقفون في طابور آخر ربما يختلف اختلافا كاملا مع توجهات هذه الأحزاب . هذا الأمر ينطبق على قائمة التحالف الكردستاني أيضا ، إذ أنه يمثل في غالبيته العظمى الشعب الكردي فقط .
لقد مر العراق بتجربة الحكومة الائتلافية المتكونة بالدرجة الرئيسة من الائتلاف الموحد ( الشيعي ) والتحالف الكردستاني ولم تتمكن من الخروج من دوامة العنف التي ابتلى بها البلد منذ سقوط النظام ، تلك الدوامة التي تعد من أهم وأخطر المهمات التي ألقيت على عاتقها . هذا لا يعني أن سبب ذلك كان فشل الحكومة في ادارة شؤون البلد فالحكومة حاولت بكل ما تستطيع ، لكنها لم تتمكن لأسباب عديدة يقف في مقدمتها غياب ( نؤكد هنا على غياب وليس تغييب ) فئة واسعة من الشعب تتمثل في ما يسمى بالعرب السنة التي عادة ما تنطلق من مدنها العمليات الارهابية ، عن التواجد بدور واضح في الحكومة . نعتقد أن هذا الغياب تسبب بشكل أو بآخر في تدهور الوضع الأمني . لابد لنا من الاشارة أيضا الى أن أي تحرك عسكري تقوم به الحكومة ضد مناطق الارهاب يفسر على أنه تحرك شيعي ضد السنة وذلك لأن رئيس الوزراء ينتمي الى حزب شيعي ( حزب الدعوة ) ومثله وزير داخليته الذي ينتمي الى حزب شيعي آخرهو ( المجلس الأعلى ). لقد قد اشرنا في مقالات سابقة الى الخطأ الكبير الذي وقعت به قيادة الائتلاف الشيعي في عدم اختيارها رئيسا للوزراء من الشخصيات العلمانية المنضوية في قائمتها .
أما إذا أردنا أن نخرج من موضوع تشكيل الحكومة السابقة فلا يمكننا القفز بسهولة على الاعتراضات الكبيرة التي شنتها القوائم والكيانات السياسية الأخرى حول التزوير والخروقات والضغوطات والاغتيالات التي تدعي أنها حصلت قبيل وأثناء الانتخابات ، تلك الامور التي من المؤكد انها ستقف حائلا دون وصول العراق الى بر الأمان ، لاسيما بعد التصريحات الواضحة والصريحة التي بدرت من بعض القوائم التي تشعر بالغبن الانتخابي .
نحن هنا نؤكد على وقوفنا ضد مثل هذه التصريحات ونعدها تصريحات غير مسؤولة ، إذ أننا نؤمن بالحوار السياسي وليس بالتهديدات التي تحمل مثل هذه الروحية .
نحن نؤكد على أن هناك حاجة لتشكيل حكومة توافقية ، في هذه المرحلة على أقل تقدير ، تشترك فيها جميع الأطراف الكبيرة لأنه لا يمكن مقارنة وضعنا الديمقراطي في هذه المرحلة مع الوضع الديمقراطي في الدول الغربية التي لا توجد فيها قائمة تمثل هذا الجزء من الشعب وقائمة أخرى تمثل ذاك الجزء فحزب العمال الاسترالي مثلا يمثل جميع الاستراليين ين بمختلف قومياتهم وأديانهم وجنسياتهم السابقة أيضا والأمر نفسه ينطبق على حزب الأحرار ، فضلا عن حال الاستقرار الأمني التي تعيشها تلك الدول .
من المؤكد أن جميع القوائم الكبيرة ستوافق على تشكيل حكومة توافقية ، لكن المشكلة التي ستواجه هذه القوائم هي كيفية التوافق على وزارات الحكومة ولنا حديث آخر حول ذلك ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة ايريك سيوتي عضو اليمين الفائز بمقعد البرلمان عن نيس|#عا


.. قراءة عسكرية.. محور نتساريم بين دعم عمليات الاحتلال و تحوله




.. تفعيل المادة 25 قد يعزل بايدن.. وترمب لا يفضل استخدامها ضد خ


.. حملة بايدن تتعرض لضغوطات بعد استقالة مذيعة لاعتمادها أسئلة م




.. البيت الأبيض: المستوطنات الإسرائيلية تقوض عملية السلام والاس