الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آرا خاجادور والنأي بالنفس عن الأسئلة القاتلة؟ (2/18)

خسرو حميد عثمان
كاتب

(Khasrow Hamid Othman)

2016 / 12 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


تكملة أولاً- تسطيح المسائل وتشويهها:
لم أتمكن من إكتشاف مَنْ مِنَ القياديين الشيوعيين إبتكر عبارة" وانتهى بعد سنوات ليتحول إلى داعية لحزب البعث العربي الاشتراكي، ويكرس نفسه له في الصحافة باسم (سليم سلطان)، وأخيراً توفي بعد أن تعرض إلى لوثة في دماغه" هل كان جاسم الحلوائي أو عزيز سباهي؟ أوغيرهما، لم أجدها في كتاب ثمينة ناجي رغم ملاحظتي لمحاولاتها لتسفيه إسم حميد عثمان ولكن بصيغ أخرى، قد يكون هذا الإبتكار من قبل هيئة متخصصة ب"الدعاية الموجهة" في الحزب الشيوعي العراقي تتفن في إبتكار أسماء وتعابير ذات وقع موسيقي لها التأثير في تحبيب حامليها من خلال كثرة الترديد، الى أن يستقر في العقل الباطن، أسماء كتسمية "سلام عادل" على سبيل المثال، لدرجة لاحظت رد فعل سلبي من الطرف المقابل، في بعض الحالات، عند ذكري حسين أحمد الموسوي أو حسين أحمد الرضي بدلاً من سلام عادل أثناء الحديث. وبالمقابل إيجاد تسميات وأوصاف لتكريه من يقع في دائرة الغضب والإنكار الأبدي كما حصل مع حميد عثمان وغيره. ممارسة هذه الظاهرة مألوفة لدى العديد من القياديين الشيوعيين الذين يبدو أنهم يؤمنون بالمثل المصري" الزن على الوذان....أمر من السحر".
لنرى كيف إلتزم زكي خيري بعبارة طنانة ذكرها في الغلاف الخلفي لكتابه الموسوم "صدى السنين في ذاكرة شيوعي عراقي مخضرم (بأنه نذر حياته لتحرير الانسان من استثمار أخيه الانسان ومن ظلمه) عندما عبّر، بأسلوبٍ فيه الكثير من الفجاجة، عن ما تراكم في قلبه تجاه حميد عثمان، رغم قضاءه سنوات عمره الأخيرة في السويد، البلد الذي فيه الأجواء التي يتعلم الإنسان، الذي له القابلية على التعلم، من خلالها إحترام الأخر كإنسان، حتى وإن كان مجرماً عتيداً، إنْ لم يسْبُقْ له تعلُمِهِ وممارسَتِهِ لهذا السلوك، الآنساني والمتحضر، في بيئته الأصلية، ولنحكم فيما إذا التزم زكي خيري بكلامه الذي أشرنا إليه من جانب، وإحترم تقاليد المجتمع الذي كتب وطبع كتابه في أحضانه، وفيما إلتزم بقوانينه التي لا تسمح بالإساءة الى الأخر مهما كانت الاسباب وحتى للحيوان من جانب أخر، عندما نقرأ ماكتب في ص 168 من نفس الكتاب: "وفي ساحة النضال اكتشف الحزب سؤ معدن حميد عثمان فطرده من صفوفه وبمرور الأيام عرى حميد عثمان نفسه بنفسه تماماً كعدو تافه للحزب".
أما كريم أحمد الذي عوَض تسمية " مؤتمر البلاط" ب"مؤتمر البالوعة" ونعت جماعة " راية الشغيلة" ب "راية البلاط" في منشورات الحزب الشيوعي العراقي عندما كان سكرتيراً للحزب، حسب ما يرويه بهاءالدين نوري في(ص160وص180) من مذكراته، كما وصف حميد عثمان بالفرعون في مذكراته التي أسماها بالمسيرة، لقد صدق من قال: من شبّ على شئٍ شابَ عليه. وبالمقابل يبدو لي إن بهاءالدين نوري لم ينحو مثل هذا المنحى، حيث لم أُلاحظ لجوءه الى التسويف والكلمات أو التعابير المعبرة عن غريزة عدوانية أو ذات دلالات سوقية ومبتذلة، كظاهرة متكررة، في مذكراته بصورة عامة كما فعل العديد من رفاقه في كتاباتهم.
إلصاق صفة الجنون وإعتباره تهمة سياسية وشيئاً معيباً، بدلاً من إعتباره مرضاً، يتعرض كل إنسان أن يصيب به، وتحويله إلى مفهوم أيديولوجي للتقليل وتبخيس الأخر لم ينفرد العديد من الشيوعيين القياديين في العراق وحدهم باللجوء إليه، وإنما أُستعملت ضد كل من فَكّر أو أنتج من المفكرين والفنانين والكتاب بطريقة لا تنسجم مع طريقة تفكير"الأخ الأكبر" في بلدان المعسكر الأشتراكي. لقد وسم الشيوعيون حميد عثمان بالجنون منذ الأشهر الأولى لعمر الجمهورية قبل عقد من ظهور إسم سليم سلطان مرّة في الأسبوع على الصفحة الثالثة لجريدة الثورة، عندما كان الحزب الشيوعي العراقي بقيادة حسين أحمد الرضي - سلام عادل, وتنظيمات الحزب في كردستان بقيادة عزيز محمد, وقتها كان الحزب الشيوعي يؤدي دور"الأخ الأكبر" في الحياة السياسية والأمنية في عموم العراق بدون منافس.
وللدليل على ذلك نقتبس جزءً من الوثيقة رقم(10) التي نشرها مسعود البارزاني خلال الصفحات 193-199 في كتابه الموسوم البارزاني والحركة التحررية الكردية/ الكرد وثورة 14 تموز 1958 (14/تموز/ 1958-11/أيلول/1961) والتقرير يعود الى الربع الأول لعام 1959 حسب تقديري حيث لا توجد إشارة إلى تأريخ كتابته لا في أصل التقرير ولا في المُتَرجَم ( ويخلو الكتاب من إسم الناشر و تأريخ النشر كذلك، ولكن في الصفحة الخامسة/ الاهداء يشير الى كردستان 15 / 12 / 1990):
[الوثيقة رقم (10)
تقرير رفعه مجموعة من الكوادر المتقدمة فى الحزب
إلى اللجنة المركزية الموقّرة
تحية ثورية
........يتضح من الصفحة(6) من قرارات اللجنة المركزية أنه يجب علينا ان نتآخى بشكل جيّد مع الحزب الشيوعي وعلينا السكوت حتّى ولو أخطاءوا بحقنا. بصراحة يبدوا أن المكتب السياسى واللجنة المركزية ليسا مطلعين على واقع كردستان ومنظمات الحزب الشيوعى في كردستان. أيها الرفاق، يجب أنْ تعلموا جيداً بأن الحزب الشيوعي يعتبرنا حزباً برجوازياً قومياً كما بيّنوا ذلك فى كراس(رد على أفكار قومية برجوازية) وينصُ عَلى أنّ (الپارتي ليس منظمة ماركسيّة لينينيّة بل قومية برجوازية) ولذلك تم نعتنا مدة بالأمريكي والإنفصالي وحزب سعيد قزاز وتوفيق وهبي وبالمرتزقة، وتارة يصفون رفيقنا المناضل الأخ حميد عثمان بالمعتوه، من جهة أخرى تشن من الأعلى، طريق الشعب حملاتها يوميا، ورغم ذلك فإنّ رفاقنا بشكل عام يتخذون تجاههم منطقاً صحيحاً ويتحركون وفق ميثاق التعاون، ما عدا ذلك فإنّهم قاموا بدعايات ضد إبن الشعب الكردى البطل مصطفى البارزاني، وهم يلوكون كالبهيمة كلمات مكرم الطالباني ويقولون بأنه لو كان مصطفى البارزانى يعيش في قرية كان سيتعلّم أكثر مما تعلمه فى روسيا. إضافة إلى هذا فإنّهم يسمونه برئيس عشيرة وإقطاعى ويقولون بأن ثورة مصطفى البارزانى كانت ثورة عشائرية مثلما سمع(جوسته) من الرفيق حميد إنّه قال بأنّهم لم يمنحونى فرصة لكي أكتب مقالة عن الثورة. فلماذا السكوت أكثر من هذا يا رفاق اللجنة المركزية، لقد كان على اللجنة المركزية ومهما كان أن تدافع بشكل علمي وترد على هذه الافتراءات لأنَّ السكوت يعني الضعف.
وبينما نحاول الإقتراب منهم بأىّ شكل كان فإنّهم يأخذون بالإبتعاد عنّا...........................
پوستة / شاخ / آزاد / شيرزاد / سفين / داس
لم يحضر الرفيق پشكو الاجتماع.
يرجى رفع هذا التقرير للرئيس مصطفى البارزانى
ترجمة الوثيقة رقم 10]
أظن أن موضوع إصابة دماغ حميد عثمان بلوثة ودخوله الى ذاكرة الشيوعيين يعود الى النصف الثاني من عام 1975 عندما كانوا يؤدون دور الأخ الصغير في الجبهة التي أقاموها مع الجناح الحاكم في حزب البعث العربي الاشتراكي(الجبهة الوطنية والقومية التقدمية 1973-1978)، الجناح الذي نمى وتطور، بقدرة قادر، من حامل مسدس واحد، وأول من إلتحق به أخ غير شقيق من إخوانه غير الإشقاء بسبب صغر أعمارهم، بعدها طال هذا الجناح ونمى ريشه أكثر عندما إستقطب عتات المجرمين ومن كان فيهم الاستعداد النفسي والقدرة الغريزية الكامنة لممارسة أشد أشكال العنف والتعذيب والتصفيات الجسدية (السادية) بدون معرفة السبب، إلى أن أصبح ما يُسمى ب"منظمة حنين" وبعدها ب"العلاقات العامة" وخلال هذه المسيرة من النمو وبعد كسب الحلفاء و المزيد من المعجبين تمكن هذا الجناح من قضم الجناح الأخر للحزب رويداً رويداً بعيداً عن الأنظار، بمصاحبة ضجة إعلامية لم تنقطع، ليُمثل حزب البعث، الحزب القائد، كله ويحوله إلى حزب مطيع بجناح واحد، إعادة وتكرار لما حصل في الحزب الشيوعي العراقي قبل عقدين من الزمان من ذلك وتحت حكم "المسدس الرفاقي" أيضاً ولكن بكثير من العنجهية والقسوة المفرطة والاغتيالات عن طريق كواتم الصوت أو حوادث السيارات أوالزرنيخ ...وبعكس إتجاه حركة التأريخ الذي حدده كارل ماركس لإعادة التأريخ نفسه، حيث كان الأول دونكيشوتياً والأخير پوناپارتياً بإمتياز.
بعد إبرام الإتفاقية التي جرى التوقيع عليها من قبل صدام حسين ومحمد رضا بهلوي في مدينة الجزائر على هامش مؤتمر الدول المصدرة للنفط المعروف ب"إتفاقية الجزائر" وعلى أثر هذا الإتفاق انهارت الحركة الكوردية المسلحة كإنهيار هيكل ضخم من الكارتون تهب عليه عاصفة عاتية هوجاء فجاءة، على أثر ذلك تشردت عشرات الألوف من العوائل والمقاتلين، منهم من إلتجأ الى إيران والأخرون إستسلموا لوحدات الجيش العراقي في المناطق الحدودية والجبلية، وكان المستسلمون، أو النادمون أو تسمية رسمية من هذا القبيل، في قاطع أربيل يُنقلون على ظهر شاحنات عسكرية مكشوفة، كقطعان من الأغنام الصامتة من شدة الصدمة والرعب واليأس، الى مدينة أربيل ويجري تجميعهم في وسط المدينة أمام بناية المحافظة ومنها كانت تبدأ مرحلة أخرى للتهجير الى مدن وقصبات منتشرة على حافة كل من البادية الشمالية الجنوبية وفي الصحراء الغربية بعد إعداد القوائم، أمام أنظار الناس وصمتهم، ولكن بإشراف وتوجيه من دائرة الأمن. تراجيديا أليمة حية أمام أنظار جمهور صامت حزين، لا حول لهم ولا قوة ، وكان من بين هذا الجمهور الصامت والحزين رجل يغادر الصومعة التي كان يعتكف فيها منذ سنوات، ليُشاهد هذه المسرحية التراجيدية التي كانت تتكرر يوماً بعد يوم وعلى بعد أقل من كيلومتر واحد من منزله. كان هذا المعتكف في بيته هو حميد عثمان، الذي إعتكف بصمت منذ صدور بيان 11أذار1970, الذي إعتبره نذير شؤم عواقبه كوارث ونكبات محققة، والأخرون في حالة نشوة وتنافس لأجل أن يحصل على مكسب أكثر من الأخرين. بعد أن يتأمل حميد كثيرآً لإيجاد وسيلة لإيقاف هذه المسرحية التراجيدية المؤلمة، يكتشف مجدداً بأن سلطاناً مطيعاً له ما زال تحت تصرفه، لا سلطان عليه، سلاح من أقوى الأسلحة قاطبة "القلم والورق" وباروده خليط من الكلمات والخطوط، بصنع صواريخ "فتاكة" من هذه المواد يمكن إيصالها الى مركز القرار في بغداد - القصر الجمهوري وإلى أي مكان أخر عن طريق وسيلة الإيصال المتوفرة، البريد المسجل.
بعد أن نضجت الفكرة أخذ حميد عثمان يمطر بدون رحمة: القصر الجمهوري،المجلس الوطني ، ،،،،،،،،مدير شرطة إربيل، مدير أمن أربيل بصواريخه الورقية ، مدونة على ظهر كل "صاروخ" كليشة ثابتة: المرسل/ حميد عثمان-أربيل، محلة العرب الجديد.
وبعد أن رمى عدداً غير قليل من هذه الصواريخ بمختلف الاتجاهات. حضر مفرزة من الأمن الى البيت وأخذوا معه ورافقه أخوه عبدالقادر الى أن أوصلوه الى إحدى دوائر الأمن في أربيل ووضعوه خلف القضبان بعد أن أوحى ضابط الأمن لعبدالقادر بكلام يدلُ بأن من يدخل هنا لا يخرج منه. تسربت خبر إصابة حميد عثمان بالجنون وسيُعرض على لجنة طبية لأجل تسفيره الى مستشفى المجانين في الشماعية، وقبل أن يُعرض على اللجنة الطبية بُلِّغتُ بأن أذهب الى دائرة أمن السراي لأتكفل حميد عثمان لإطلاق سراحه. ذهبت ووقعت على محضر من دون أن أقرأ كلمة منه.
أما عن كيفية إطلاق سراحه حسب ما سمعته من إحدى الحاضرات في الإجتماع الذي عقد في بناية فرع الشمال لحزب البعث في اربيل، ومن مدير الشرطة وقتئذ( اللواء جمال الأتروشي) بأن مندوباً من القصر الجمهوري حضر إلى أربيل وإجتمع بالمسؤولين الأمنيين والحزبيين وسألهم من سَجَنَ حميد عثمان وأين هو، بعد أن يلقي مدير الأمن الكرة في ملعب الشرطة ويُنفي مدير الشرطة بوجود أية معلومات عن الموضوع ولكنه سبق وأن رفض طلباً من مدير الأمن، الذي تكلم قبله، حول إلقاء القبض على حميد عثمان لأنه يرسل له بين أونة وأخرى رسائل فيها إساءات شخصية له، يكمل مدير الشرطة كلامه في الإجتماع ويقول بأنه إستلم شخصياً أيضاً مثل هذه الرسائل ولم ينزعج بسببها، لقوة الرسومات الكاركاتيرية وأبيات من الشعرالمعبر وجمال الخط وإنه يتقبل أن يصله رسالة من هذا النوع يومياً. وأخيراً يُقر مدير الأمن بأنه أمر بسجنه وموجود عندهم، وكيف لا يسجنه عندما يُسىىء الىيه كمديرالأمن. يقول له المندوب القادم من بغداد: كيف أساء اليك؟ يُجيب مدير الأمن: تصور في إحدى الرسائل يكتب لي بأنني مصلاوي لو كسر عظمي لا يجد فيه غير الخرى(الغائط).
يضحك المندوب القادم من بغدادويقول أطلقوا سراحَ، لو تعرف ماذا كتب للسيد الرئيس وللسيد النائب والأخرين......
ألم يقولوا بأن "الجنون فنون"
(يتبع)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علي... ابن لمغربي حارب مع الجيش الفرنسي وبقي في فيتنام


.. مجلة لكسبريس : -الجيش الفرنسي و سيناريوهات الحرب المحتملة-




.. قتيل في غارات إسرائيلية استهدفت بلدة في قضاء صيدا جنوبي لبنا


.. سرايا القدس قصفنا بقذائف الهاون جنود وآليات الاحتلال المتوغل




.. حركة حماس ترد على تصريحات عباس بشأن -توفير الذرائع لإسرائيل-