الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا؛ لا تبحث عن منتصر بين المتحاربين!

محمد شرينة

2016 / 12 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


سوريا؛ من المنتصر
لا تبحث عن المنتصر بين المتحاربين!
أنا لا اعتبر التاريخ علم بالمعنى الفعلي للكلمة لكن هذا لا يمنع أن هناك خطوط رئيسية يتبين أنها صالحة و تنطبق بشكل جيد لتفسير عشرة آلاف سنة من التاريخ البشري المعروف.
مثلا المجتمعات التي كانت أقرب لفكر علماني دنيوي يضع الانسان في المرتبة الأهم و بالتالي يحقق مشاركة الناس في صياغة القوانين التي تحدد مصيرهم وشكل حياتهم ؛ كانت هي الأنجح. قارن الهند بالصين و مصر بروما. رغم أن مصر أقدم كثيرا حضاريا الا انها انتهت اقليم روماني. ظلت الصين قوة عظمى حتى القرن الثامن عشر ثم استعادت وضعها كقوة عظمى بعد أقل من مئتي سنة من ضعفها بينما انتقلت الهند من سلطة سيد اجنبي الى سلطة آخر. بالنسبة للمجتمعات التي يفقد الناس فيها تأثيرهم يستعمل الدين عادة لتبرير ذلك حيث الحاكم هو ظل الله! حتى أوربا وصلت الحضيض أثناء سلطة حكام ظل الله.
لنبدأ حوالي 1000 قبل الميلاد حيث احتدم الصراع على سيادة حوض المتوسط بين القرطاجيين والإغريق / اليونان/ وكان المنتصر مدينة جمهورية صغيرة اكثر عقلانية و اشد رحمة وانسانية والأهم أكثر تواضعا؛ قليلة ان لم تكن عديمة الاهمية تدعى روما. صراع المتغطرسين الاغريقي والقرطاجي أهدى البشرية العالم الروماني أحد أروع ان لم يكن أروع ما عرفته البشرية. حيث مواطنون متساوون من جنوب سوريا الى شمال المانيا واباطرة يحكمون الدولة من أصل سوري واسباني وتركي وفرنسي وتونسي وليس فقط من ايطاليا.
في الصراع بين الرومان البيزنطيين والفرس الساسانيين الذي استمر 300 سنة وبعد نصر ساساني كاسح استرد الرومان الكرة وانتصر هرقل نصرا مبينا لكن بعد عشرين سنة انتهت فارس الساسانية ودخلت بيزنطة طريقا اجباريا ل ثمانية قرون انتهت هي الأخرى بعدها ؛ أما المنتصر فهم قوم لم يسمع بهم أحد من قبل: العرب.
في الصراع بين الأمويين والعلويين أنتصر العباسيين!
في الصراع بين الفاطميين والعباسيين انتصر الأتراك!
بين البرتغاليين والأسبان انتصر الانكليز!
بين الانكليز والفرنسيين انتصر الألمان!
بين الألمان والانكليز انتصر الاميركيين!
ادارة اوباما ليست غبية ولكنها تبحث عن منتصر جديد!
الأميركان يفكرون وهم مصيبون الى درجة كبيرة أن المنتصر لن يكون من الاسلاميين /سنة وشيعة فكلاهما أصولي تجاوزه الزمن/ ولا الديكتاتوريين المشتبكين في سوريا الأن. ِ لا أظن أن سياسة أميركا ستتغير مع الإدارة الجديدة.
يتقاتل في سوريا الآن اشد أشكال الهمجية التي عرفها البشر؛ الديكتاتورية الفردية العائلية الفرعونية التي تعود الى أسوء ما عرفته العصور القديمة والأصولية الدينية التي تجعل الله وسيلة بدلا من أن يكون غاية / خوارج السنة والشيعة/ وكلاهما نصره ؛ ان حدث؛ كارثة لن تقوم للبشرية بعدها قائمة.
ليس مهما أن تنتصر بل المهم بأي ثمن ؛ لقد خُيًل لهرقل أنه حازمجد العالم ولكن كل شيْ انهار خلال عقدين فقط!
لا أعرف الى اين تسير الأمور في سوريا لكن ما أعرفه هو : لا تبحث عن المنتصر بين المتحاربين.
واعرف أنه في سوريا يكتب مستقبل البشرية وهناك كتب هذا المستقبل مرات ومرات.
ِ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - انهم يريدونها لامنتصر
مروان سعيد ( 2016 / 12 / 5 - 18:37 )
تحية للاستاذ محمد شرينة وتحيتي للجميع
موضوع رائع وسرد تاريخي حقيقي والحكمة لايوجد منتصر في الحروب اما الحرب الحالية في المنطقة
ومن خلال متابعة الاحداث منذ البداية تجد ان الوضع بين المتقاتلين لاغالب ولا مغلوب ينتصر طرف بضعة ايام فيدعم الطرف المغلوب ويمد باسلحة وعدد لازمة لكي يقوى ويستعيد ما سلب منه
ولكن المعادلة قلبت في التدخل الروسي الذي كشف اصول اللعبة وبدء يتصدى لها لكي ينهي الصراع ووقف سيل الدماء
وفي النتيجة وبعد ان تنتهي هذه الحرب القذرة سنعد امواتنا وسنحصي الخسائر ونقول يا ريتنا ما بدئنا وماذا فعلنا بنفسنا من اجل السلطة ومن اجل انتصار السنة على علوي واحد هو بشار الاسد
ما هذا الغباء عندنا من اجل اسقاط بشار نقتل الاف الابرياء ونشرد ملايين
ان دماء الشعوب المتحاربة الغبية هي في رقاب السعودية وقطر وتركيا والدول الاوربية واميركا التي وقفت بجانب الغباء وشجعت عليه ودعمته
نعم يا اخي اذا شاهدت اثنان غبيان يتقاتلان تقف وتحل هذا القتال ولا تمدهم باسلحة فتاكة لكي يخلصوا على بعضهم
واخيرا سيرتد ما فعلوه عليهم لاان قوانين الله سارية القاتل مثله مثل المشجع على القتل
مودتي للجميع

اخر الافلام

.. فصل جديد من التوتر بين تركيا وإسرائيل.. والعنوان حرب غزة | #


.. تونس.. مساع لمنع وباء زراعي من إتلاف أشجار التين الشوكي | #م




.. رويترز: لمسات أخيرة على اتفاق أمني سعودي أمريكي| #الظهيرة


.. أوضاع كارثية في رفح.. وخوف من اجتياح إسرائيلي مرتقب




.. واشنطن والرياض.. اتفاقية أمنية قد تُستثنى منها إسرائيل |#غرف