الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتهت المهمة / قصة قصيرة

محمد الطيب بدور

2016 / 12 / 5
الادب والفن


أطلقوا عليها اسم ...الحديدية...أم الزين ...في العقد الخامس من العمر...تعيش في بلدة منذ سنوات..زوجها الموظف بالبريد استطاع بعد سنوات بناء منزل متواضع...كان عليه تخصيص معظم دخله لأبنائه الذين تميزوا في دراستهم...آخرهم سينتقل الى الجامعة للحاق بأخته و أخيه...لكن مصاريف اقامتهم و تنقلهم ستتضاعف...تناول الأمر مع زوجته ...و طالت جلسة الليل لاتخاذ قرار
خطير...ليس بامكان الرجل الرحيل...و أم الزين و ان كانت حاسمة في تربية أبنائها و توجيههم
و مواكبة تطور دراستهم...لم تكن تحسن غير تدبير شؤون المنزل و متابعة أبنائها في بلدة صغيرة...
و اتخذ القرار...عليها الانتقال معهم حيث يدرسون و الاقامة معهم للتقليص من حجم المصاريف ...و على الزوج البقاء في البلدة ...قرار صعب ...لكنه اتخذ...هي سنوات قليله و ستنتهي المعاناة...و هل
في الحياة ما يساوي فرحة نجاح الأبناء و تتويج الأتعاب بطعم الرضا و أداء المهمة الصعبة.
لم تكن البداية سهلة ...أم الزين...المرأة المنحدرة من وسط ريفي ...و المنقطعة من صفوف الدراسة
مبكرا...تملك زادا ثقافيا متواضعا...تجالس كثيرا ابنتها...تعلمت كثيرا و لكنها اصطدمت خلال بداية اقامتها بالعاصمة بنمط حياة جديد أخل بتوازنها المادي و الوجداني...اكتشفت الوحدة طوال اليوم تنتظر أبناءها...لا ينشغلون بها كثيرا ليلا...يعلمون حاجتها للكلام معهم...يكتفون بالجلوس معها اثر وجبة العشاء...ابنتها تعلم هواجسها ...تتصل بوالدها...تحادثها قليلا و تنكب على الدراسة....نمط حياة يكتنفه
الكثير من الصمت و القليل من الصخب ...هي من تعودت على ربط علاقات مع الجيران رأت
في اقامتها الجديدة الأبواب موصدة طوال الوقت...و نادرا ما ترى سكان العمارة ..
و سريعا اكتشفت حاجات أبنائها المتزايدة...والدهم لم يبخل...تداين ...أما هي فقد كانت تتصرف بطريقة
لا تزعجه كثيرا...باعت تباعا مصوغها...دون علم أبنائها و زوجها...لسد حاجيات تتضاعف....و تكاليف عيش يومية تزيد من معاناتها ...حتى تعرفت على جارتها المقيمة غير بعيد من شقتها...تآلفا ..تزاورا....أشارت عليها الجارة بحل يساعدها على التقليص من حجم المعاناة ...امتنعت في البداية
لكنها ...فكرت و قبلت في النهاية...
تغير نمط العيش في الشقة...تحسنت الوجبات الغذائية...و تنوعت...تضاعف المصروف اليومي ...
اقتنت أم الزين تلفازا صغيرا...لكنها على غير عادتها...أصبحت تنام باكرا...و لاحظ أبناؤها احجامها
عن الشكوى من متطلباتهم...كانت تعد و تفي بوعدها...و تتعلل خلال سؤالها بتعب لا يعرفون مصدره
حتى أن شحوبها المتواصل و قلة صحتها جعلهم يفكرون في امكانية رجوعها لبيت العائلة بالبلدة...رفضت بشدة...معللة بأن المهمة لم تنته...و عليهم الانكباب على دراستهم....
حاولت ابنتها معرفة تغيرها ...و ما سر توفر ما يكفي لسد حاجياتهم...عرفت أن أمها باعت مصوغها
لكنها لم تقتنع...حتى جاء يوم...عادت البنت في غير موعدها...لاحظت غياب أمها عن الشقة...لم تفاتحها في الموضوع... أعلمت أخويها بأن تغييرا حصل لأمهم...و حول مائدة العشاء...دب الصمت
..كانت تلاحظ وجومهم و نظرات الحيرة في أعينهم...لم تكترث...تدخل غرفتها...و تتركهم أحيانا حول التلفاز...
و ذات صباح...تظاهرت ابنتها بالذهاب الى الجامعة...حتى خرجت أمها من الشقة...راقبت مسلكها...اتبعت خطاها دون أن تشعر...رأتها تدخل عمارة مجاورة...لم تستطع الدخول ..مكثت في الخارج ...تنظر لباب العمارة مترددة...و أخيرا قررت الدخول...و غير بعيد من المدخل ...رأت أمها
تمسح المدارج...سقطت منها حقيبة اليد...تفطنت أم الزين ...وجدت نفسها وجها لوجه مع ابنتها...
تسمرت في مكانها...بينما أجهت ابنتها بالبكاء....أسرعت اليها ...احتضنتها...فقالت البنت...سامحيني يا أمي...كانت مشورتهما...حينها تأملتها في عينيها و قالت : ماذا كنتم تظنون ؟ صمتكم قتلني ....انتهت المهمة يا ابنتي.....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??