الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تبّاً للفنّ أم تبّاً للعقلانية؟!

علي عبدالحفيظ مرسي

2016 / 12 / 6
الادب والفن


مفهوم أنّ المجتمعات تكره الحريات المفرطة لكنّ ما تكرهه المجتمعات أكثر هو تلك النوعية من العقلانيات التي تحاول طرح الموضوعات المجتمعية التي يمكن نعتها بالثابتة على طاولة البحث والنقاش العقليين..
الذي يشاهد فيلم: "5 to 7" (من الخامسة وحتى السابعة) الذي أنتج في العام 2014م، عن قصة وإخراج: فيكتور ليفين، بطولة برنيس مارلو، والمرحوم –إن جاز التعبير- أنتون يلتشين. السماء انتقمت – إن جازت التعبيرات أيضاً- من أحد البطلين وأشكرها شخصياً أن لم تنتقم من الآخر ..
الفيلم ومهما كان مستوى إطلاع وانسجام المشاهد مع الثقافة الغربية ومع الحريات المدنية التي تحملها هذه الثقافة فإنّه سوف يلفت نظره ذلك التناقض المدهش بين المفاهيم والتقديرات الأخلاقية والعمليّة الموجود داخل الثقافات الحرة نفسها ..
الفيلم يعرض حواراً عقلانيا يحلل المفاهيم الثقافية والأخلاقية والعمليّة ويحاكمها أيضاً على نحو ربما يدهش أكثر المتلقين عقلانية .. وبالمناسبة ليس هو النوع الأول من الأفلام التي تناقش بهكذا تعقل لكثير من المفاهيم الثقافية الموروثة بشكل عالمي تقريباً مما يتعلق بمفهوم الممكنات الجنسيّة تحديداً .. ومع أنّه منذ فرويد وكارل جوستاف يونج أصبح معروضاً على العقل العالمي أن يناقش مثل هذه الممكنات إلا أنّها ما تزال محلّ جدل في الغرب نفسه. إشكاليّة الممككنات الجنسيّة تتمثل في أنّها ممكنات!! ما يعني أنّه لا الحوار العقلاني ولا الحوار الأخلاقي ولا حتى الحوارات المصلحيّة نفعت في مقاربتها على النحو المناسب لخطرها.. هل يمكن أن تكون المقاربة النفسيّة التي قاداها العبقريان فرويد ويونج؟ لا أظنّ لا لشيء إلا لأنّ المقاربة النفسيّة التزمت بحدود المكبوتات التي تكبتها الأنا العاقلة Ego ضد الأنا المندفعة أو فيما يخصنا هنا يمكن أن نطلق عليها الأنا التحرريّة ID ومع إنّ الاندفاع له صور في غاية السوء لكنّ كون الجنس ممكناً ومقبولاً للقلب هو ما يدفع بالذاكرة البشريّة على الأقل لاحترام اندفاعاته وربما تخليد مثل هذه الاندفاعات ولو بالتطرف في اللوم والحظر الظاهريين!!
الفيلم يدور حول علاقة حب (ذات اتصال جنسي) ما بين شاب أمريكي يافع يشتغل أو يحاول الاشتغال بالكتابة وهو في سنّ الرابعة والعشرين من عمره، يبدو أنّه في غاية الاستقامة وما يزال في طور عذريته وبين امرأة فرنسيّة مكتملة النسويّة والعقل بسنّ الثالثة والثلاثين من عمرها متزوجة من ديبلوماسي فرنسي يبدو عليه سيما الرشد الكامل –أو بحسب ما يفهم كل منّا الرشد-، وأمّ لطفلين رائعين..
لا يمكن لعين البصير أو الخبير أن تغفلا تلك الصدمة الأخلاقية التي يشعر بها الشاب حين تخبره المرأة بأنّها متزوجة وأنّ زواجها مستقرّ وأنذها أمّ لطفلين وأنّه كان يجب عليه أن يفهم من خلال تحديدها لمواعيد اللقاء بأنّها ما بين الخامسة والسابعة عصراً أنّ هذا التحديد إنّما يكون من امرأة متزوجة لديها مسئوليات أسريّة .. المرأة وبكل درجة من درجات الوعي والتحكم شرحت للفتى أنّ هذا هو نمط العيش الذي حددته هي وزوجها للعيش سويّاً وأنّهما بهذا في درجة من التفاهم وضمان سلامة تواصل العيش بينهما، وأنّ هناك أناساً لنتزوجهم لكنّ هناك أيضاً أناسا لنحبهم أو لنمارس معهم الحب!! لم يقبل الشاب أخلاقياً الأمر في بدايته ثمّ ما لبث أن عاد أدراجه للمرأة ليبدءا معا علاقة ما بين الساعتين الخامسة والسابعة.
لم يكن أحد مشاهد الفيلم حين تقف سيارة فارهة لديبلوماسي فرنسي إلى جوار الشاب المحب لكي يدعوه من بداخلها للانضمام إليه معرفاً نفسه بأنّه زوج المرأة صديقة الفتى .. أقول لم يكن هذا المشهد هو المشهد الأول الذي أشاهد فيه زوجاً يخبر عشيق زوجته في بعض الأفلام اللغربية بأنّه ممتنّ له؛ لأنّ الأخير أعاد إلى زوجته بريق عينيها أو ربما رباطة جأشها الأنثوي!! لكنّه مشهد مذهل وصادم على كل حال والحمدلله ليست صادميته واقفة عند حدود الإرهابيين بل لمواطن أمريكي أصيل جلس مدهوشاً إلى جوار زوج صديقته الذي لم يدعه للانضمام إليه ليس في سيارته الديبلوماسية فقط، بل دعاه إلى العشاء وفي بيته أيضاً؟
على العشاء قابل الكاتب إحدى ضيفات العشاء تماثله في السنّ وتعمل في مجال النشر وقام بإيصالها بعد العشاء إلى سبيلها.. في التاكسي لم تصدر عنه أيّة محاولة للغزل، وفي أثناء توصيله لها دار بينهما حوار عن عن مستويات القبول الحضاري المختلفة ما بين الفرنسيين والأمريكان قالت له ببساطة إنّ الحياة في فهمها هي عبارة عن مجموع اللحظات الصغيرة الحلوة لذا علينا أن نجمع أكبر قدر ممكن من هذه اللحظات..
مشهد الحوار بين الأب وابنه حين أعلمت المرأة عائلة صديقها بأنّها في الثالثة والثلاثين من عمرها، متزوجة وأم لطفلين مشهد قد يكون الفارق فيه بين الأب الشرقي والأب الأمريكي أنّ الأخير فقط لم يستعمل السلاح في مواجهة ابنه وأدار حوراً في غاية العقلانية مع ابنه وإن لم ينس أن يشير إلى أنّ هدوءه هذا هو بديل عن انفجار متوقع في البنكرياس؟!.. لكن الرفض وباسم العادات كان موحدا بين أب أمريكي وآخر شرقي.. المدهش ليس هو الحوار بين الأب والابن بقدر ما هو الحوار بين الأب والأم التي ظهرت وهي تودع صديقة ابنها وهي في تمام الرضا.. حيث تسائل هي الأب بدلاً من أن يسائلها هو عن سبب رضاها عن الصديقة المسنّة نوعا ما إضاقة لباقي الصفات الصادمة حيث تسائل الأم الأب الذي يبدي سخطه على النحو التالي: كيف يكون لديك إحساس بالأبوة وأنت لا تشعر بالامتنان أنّ شخصاً ما يعشق ابنك؟!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب