الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مدير أوقاف عدن !!

بكر أحمد

2016 / 12 / 6
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


من المدهش ان يتصاعد الدخان الكثيف من لا شيء، انه فن الإلهاء السلبي الذي يمارس على عقولنا وعلى الوعي التفاعلي مع الآخر، من المدهش أن ترى امرا طبيعيا وتلقائيا يحدث كل يوم وفي كل مكان ان يأخذ حيزا أكبر من حيز الكارثة ليصبح مثل كرة الثلج ما أن يصل إلى القاع حتى يبدوا اكبر بكثير من بدايته عندما كان في القمة.
لم يعد شيء يحيرني ، فعندما يكون الأمر مناط باشخاص لا يرون الاخرين إلا من خلال مرحلة واحدة من ثقب التاريخ ويسعون جاهدين لحشر الجميع داخل هذا الثقب فأنا اتوقع أي شيء حتى وان كان هذا الشيء مجرد خروج رحلة جامعية لطلبة في مكان مفتوح وعام.
لكن المزعج حقيقة ان يتحول الأمر من مجرد إبداء رأيي إلى مآكينة دينية تهرس أي شيء أمامها لا من اجل حراسة الفضيلة كما يدعون بل من اجل وضع بصمتها وفرض حضورها حتى وان كان هذا الحضور على حساب حرية الانسان وتلقائية تصرفه وايضا على حساب حياته التي قد تتعرض للخطر بسبب التوجيه الديني الذي يبيح لمستخدمة الغلو في ردة الفعل .
لن أخوض في موضوع الإختلاط، لأن هذا الموضوع أصبح مملا أكثر مما ينبغي، والنقاش معهم ضمن حقلهم الديني الضيق أمر ما عاد يكمن إحتماله، فالممارسات الطبيعية لا يمكن لها ان تخضع لإرادتهم الهشة بحجة أنها أوامر الله ويجب ان تطبق، فتضخيم الشعارات اللغوية وصبغها بصبغة دينية لم تعد تنطلي على أحد، ولا يمكن للإسلام ان يحرم الإختلاط ولا دليل على تحريمه سوى في عقول تلك الفئات المريضة بهاجس الريبة والشك.
لا يمكن إنكار تفشي ظاهرة التزمت والغلو في عدن، والغلو دائما يفضي إلى نتائج وخيمة، فالنفوس المحتقنة بأية عقيدة هي نفوس معادية للآخر المختلف معها، وهي مستعدة للتعامل معه من باب التخلص منه لبقاء فكره فقط متسيدا يجني ثمار الانتصار وحده، والسلفية تبدوا لنا وكأنها تتصرف بنهم محاولة وضع اليد على كل شيء تحت ذريعة ان الله يريد ذلك وهم المخولون بتحقيق إرادته.

المرعب جدا في الأمر هو التماهي الرسمي مع هذا التيار المتشدد، بل والتحريض على اولئك الطلبة وكأنهم ارتكبوا جريمة إرهابية وقتل جماعي ، فعندما يصدر خطاب رسمي من مدير أوقاف عدن إلى أئمة المساجد بتوحيد خطبهم بإتجاه اولئك الطلبة ، فهنا يتحول الأمر من ظواهر متطرفة إلى عمل رسمي ممنهج يدار من قبل مؤسسات الدولة نحو التطرف والغلو وفرض أتجاه واحد إقصائي .
هل ما قام به مدير اوقاف عدن امر دستوري، بمعنى هل من حقه منع الطلبة من الخروج برحلات جماعية والدعاء عليهم من فوق المنابر وتصوير الأمر وكأنه عمل منافي للقيم والأخلاق الانسانية، لا ليس من حقه هذا الأمر ، وهذه الوظيفة لا تخوله أن يتعدى على المواطنين بهذه الطريقة الغير نظامية، ووحدهم من يقوم بمثل هذا العمل هم من يعتقدون بان الحق دائما في صفهم وأن الآخرين يقفون على الخطأ ويجب إخضاعهم بكل السبل ، وهذا منافي للقيم التي نشأت عليها مدينة عدن التي كانت ملاذا للتنوع .
لن تهزم عدن، ولن تمحى قيمها المدنية الأصيلة حتى وان بدى لنا بان قوى التخلف هي من تهيمن، فالبيئة العدنية هي بيئة رافضة للجفاف ، وكلما حاولوا تخصيبها بما ليس منها، تلفظه كاجرثومة مرضية وتعيد بناء جهازها المناعي لتبقى عصية عليهم.
لن تنكسر الإرادة الحرة في هذه المدينة وستبقى شعلة من الحرية حتى وان بدى الظلام كاسحا، فالظلام لا يدوم لأن أدوات العصر قد بددته وأصبح الوعي الثقافي للشباب والجيل الصاعد اقوى من أن ينكسر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصير مفاوضات القاهرة بين حسابات نتنياهو والسنوار | #غرفة_الأ


.. التواجد الإيراني في إفريقيا.. توسع وتأثير متزايد وسط استمرار




.. هاليفي: سنستبدل القوات ونسمح لجنود الاحتياط بالاستراحة ليعود


.. قراءة عسكرية.. عمليات نوعية تستهدف تمركزات ومواقع إسرائيلية




.. خارج الصندوق | اتفاق أمني مرتقب بين الرياض وواشنطن.. وهل تقب