الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


2006 معاكسات مع الفلك أم معاكسات مع الديمقراطية

فخر الدين فياض
كاتب وصحفي سوري

(Fayad Fakheraldeen)

2006 / 1 / 5
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


يؤكد معظم الفلكيين أن عام 2006 يحمل في جعبته الكثير من التوترات والصدامات والحروب إلى العالم أجمع.. وخصوصاً منطقة الشرق الأوسط. وأن ما شهدناه في 2005 الذي سمي عام الكوارث بامتياز لم يكن إلاّ مقدّمة (جيدة) لعام 2006!!
وقد يتفق هذا القول مع الكثير من التحليلات السياسية التي ترتكز على معطيات واقعية وأرقام وتوجهات قد لا يخطئها من يجيد قراءة التاريخ، وربما يصل إلى أن عامنا الحالي هو عام أشبه بقربة دم.. لن تلبث أن تنفجر لتغطي مساحات الشرق الأوسط.
تبدو هذه الرؤية متشائمة إلا أن نهايات 2005 حملت معها الكثير مما ينبىء بها.. ويدفع واقعياً نحو هذه الرؤية وبنظرة سريعة إلى ما يحصل الآن في المنطقة قد يثبت ما نقوله..
فتزوير الانتخابات الأخيرة في العراق، والتي كان يمكنها أن تكون رافعة ديمقراطية نحو حياة سياسية آمنة للشارع العراقي، جعل منها قنبلة موقوتة لا أحد يعرف توقيت انفجارها، فضلاً عن الفلتان الأمني وتصاعد أعمال العنف.
الشارع الفلسطيني بعد أن رفضت أهم فصائل المقاومة تمديد الهدنة مع إسرائيل، يبدو أنه عاد إلى نقطة البداية المؤلمة والفاجعة، ليس مع الاحتلال فحسب وإنما مع السلطة الفلسطينية نفسها، وليس مستبعداً في هذا المناخ الاقتتال الفلسطيني ـ الفلسطيني إلى جانب الفلسطيني ـ الإسرائيلي.
في لبنان عاد الانقسام الطائفي إلى قرع طبول الحرب الأهلية.. فمنذ عقدين من الزمن لم يصل الشارع اللبناني إلى هذا التمذهب والتمترس وراء رموزه الطائفية، ويبدو أن ارتدادات اغتيال الرئيس رفيق الحريري لم تبدأ بعد بشكل فعلي، رغم كل هذه الفوضى وكل الاغتيالات والتفجيرات التي تلت ذاك الاغتيال ـ الكارثة..
في سوريا أبى العام المنصرم أن يرحل قبل القنبلة الكبيرة التي فجرها نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام من باريس، والتي جعلت سوريا في مركز الخطر بعد أن كانت تدور في فلكه، ولا يمكن التكهن حول الأشهر القادمة إلا بمزيد من الضغوطات والتهديدات التي قد تصل إلى عمل عسكري قد يحول المنطقة إلى بركان لا يعلم إلا الله ما سيسفر عنه.
إيران ومشروعها النووي الذي بدأت أميركا تحضر لمواجهته وإيقافه بشكل فعلي، خصوصاً بعد الاصطفاف العربي الخليجي ضده وإعلانهم رفضه خوفاً من تأثيراته على الأمن القومي للخليج العربي.. فضلاً عن الترقب الإسرائيلي القلق لهذا المشروع و يرى الكثير من المحللين العالميين أن هذا العام ربما يحمل صداما عسكرياً بين إسرائيل وإيران.
اهتزاز النظام المصري ووصول الإخوان المسلمين بهذا الكم الكبير إلى البرلمان مترافق مع تصاعد الرفض الشعبي لحسني مبارك.. وانتشار أعمال عنف طائفي وأصولي ضد الأقباط يجعل هذا العام عام صراعات في مصر قبل أن يكون أي شيء آخر.
أميركا وأوروبا تضعان الشرق الأوسط تحت أنظارهما تماماً ومتفقتان على تغييره (ديموغرافياً) وفقاً لما يريانه مناسباً لمصالحهما الاستراتيجية والبعيدة.. ولم يعد الأمر مقتصراً على محاربة الإرهاب وإنما تحول إلى تدخل وقح في حياة الناس اليومية ورسم مستقبلهم بدءاً بالمناهج التربوية والتعليمية وصولاً إلى شكل النظام الذي يدير الدفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
الفلكيون يتحدثون عن (معاكسات) بين الكواكب:
(زحل) في مواجهة (المشتري) و(أورانوس) في مواجهة (بلوتو).. و(المريخ) سيمر في أسوأ مفاصله الفلكية الذي سيترافق مع حالة خسوف وكسوف للشمس والقمر ستؤدي في معظمها إلى حروب وكوارث..
مع تقديري لهذه المعاكسات لكنني لا أعتقد أنها هي المسؤولة فعلاً عن استباحة شعوبنا العربية وعن سنواتنا العجاف الطويلة وهزائمنا المتتالية وتشردنا في بقاع الأرض هروباً من المخافر والعسس.. واللقمة المغمسة بالإذلال والفقر، لأننا منذ نصف قرن نعيش غربة متواصلة مع التاريخ ومع أنفسنا ومع الآخر.. والأهم غربة عن الفرح!!..
ولا أعتقد أن الدورة الفلكية بهذه القسوة لتجعل قطار عمر هذه الشعوب لا يتوقف إلاّ في محطات موحشة وبادرة.. أشبه بالزنازين والأقبية التي لا تجعل للحياة طعماً إلا طعم الدم، لأنها دورة (عادلة) فهي للعالم أجمع.. والسماء لا تتآمر على شعب بعينه.. دون العالمين!!
وبالتالي أنا لا أكره زحل ولا المريخ ولا أورانوس وليس بيدي أن أكره أي منها.. مهما لعنهم الفلكيون وجعلوهم علةً لبؤسنا وعلة لإفراغ حياتنا من معاني الحرية والرأي العام والضمير الوطني، لكنني أكره أميركا.. التي سلحت (المريخ) وحمّلته كل مشاريع البنتاغون مع الكثير من التسلط والغطرسة وأرسلته إلى الشرق الأوسط..
وأكره الأنظمة التي لا تسمح للزهرة ـ كوكب الحب والسعادة بعبور سمائها.. دون أن ترافقه كتيبة عسكرية..
ولا تسمح للقمر بليالٍ رومانسية حالمة دون أن يأخذ موافقة من (الأجهزة الأمنية).
ولا تسمح لهذه النجمة الحبيبة ـ الديمقراطية بمجرد التفكير أن ترسل ضوءها نحو شوارعنا المظلمة بقسوة .. دون أن توجه عليها مدافعها وتسيّر دباباتها وطائراتها معلنة حرباً (قومية) على هذه النجمة العنيدة التي لا تكف عن المجاهرة بانتصارها ..مهما طال الأمد !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -