الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المشهد الثالث من مسرحية [ زمن حَبَشتَكُوْنْ ]

عبدالله محمود أبوالنجا

2016 / 12 / 10
الادب والفن


المشهد الثالث

يُفتح الستار على حجرة واضحة الاتساع فى كهف فى باطن أحد الجبال، مزودة بأحدث مافى ذلك العصر الآتى من أثاث وأجهزة.. فى وسط الحجرة يوجد مكتب مستدير فضى اللون .. توجد أريكة عجيبة الشكل، تتسع لأربعة أشخاص؛ ظهرها إلى الجدار المواجه للجمهور .. هناك أيضاً أربعة مقاعد صغيرة عجيبة التصميم ،اثنان منها على يمين المكتب المستدير، واثنان على يساره .. توجد شاشة مستطيلة الشكل أعلى الأريكة .. تُعرَض على الشاشة مشاهد كونية للمجموعات الشمسية التى تحتويها مجرة درب التبانة، كتلك التى تعرضها فيديوهات موقع اليوتيوب فى أيامنا هذه، كما تُعرَض كذلك مشاهد للمجرات الأخرى المعروفة لعلماء الفضاء والفلك، مع التركيز على مجرة المرأة المُسَلْسَلة، وذلك بواسطة كاميرات فيديو مثبتة فى سفن استكشاف فضائية تتجول بين المجرات.. يوجد باب فى الجدار الأيسر يؤدى إلى غرفة للنوم .. عليه لافتة مكتوباً عليها (غرفة نوم الأحرار الطيبين) . . كما يوجد باب آخر إلى اليمين يؤدى أحد مخارجه إلى حمام ملحق بالحجرة، والمخرج الآخر يؤدى إلى سلم حلزونى ينتهى إلى مدخل الكهف فى قمة الجبل .. يدخل سِفيَاسْ من الباب الذى إلى اليمين، وقد بدت عليه علامات الاندهاش الشديد، يتلفت حوله، سِفيَاس يرتدى زياً ليس كالذى كان يرتديه فى المشهد السابق؛ الجزء العلوى منه عبارة عن بدلة محاطة بأطواق دائرية برونزية اللون كأنها دوائر بارزة فوق بعضها البعض، والجزء السفلى منه عبارة عن بنطلون تبرز فوقه أجسام بلاستيكية برونزية مثلثة الشكل .
سِفيَاسْ : ( هامساً لنفسه بصوت منخفض، وهو يتمعن فى اللافتة التى على باب غرفة النوم ) غرفة نوم الأحرار الطيبين . . ( صائحاً ) سَعدَيُونْ . . سَعدَيُونْ . . أنت ياسَعدَيون. . استيقظ يارجل . . استيقظ أيها العربى الجسور .
ص. سَعدَيُونْ : ( من داخل حجرة النوم ) حالاً . . حالاً . . سأوافيك ياسِفيَاس . . لحظات وسأكون عندك . .
سِفيَاسْ : ( ممازحاً ) ألم تشبع من النوم بعد أيها الحر الطيب ؟!
ص. سَعدَيُونْ : ( بصوت أعلى ) سأوافيك بعد لحظات.. ( مستطرداً ) لا تتعجل ياسفياس .
سِفيَاسْ : ( وهو يتجه للجلوس على يمين الأريكة فى المواجهة ) حسناً، ها أنا فى الانتظار ياعزيزى .
[ لحظات قليلة ويظهر سَعدَيُون خارجاً من غرفة النوم على يسار سِفيَاس، سَعدَيُون يرتدى زياً مماثلاً للزى الذى يرتديه سِفيَاس، تبدو عليه أيضاً علامات الشرود والارهاق . ]
سَعدَيُونْ : ( وهو يفرك عينيه ) عِمْتَ صباحاً ياعزيزى سِفيَاس . . ( يتخذ مجلسه على الأريكة إلى يسار سِفيَاس)
سِفيَاسْ : ( وهو يربت على الساق اليمنى لسعديون الذى جلس على يساره ) عِمْتَ صباحاً ياعزيزى سَعْدَيُونْ .. كيف كانت ليلتك ؟
سَعدَيُونْ : ( بشىء من الضيق ) لم تفارقنى كوابيس حَبَشْتَكُوْنْ لحظةً واحدة . . . .
سِفيَاسْ : ( فى دهشة ) أنت أيضاً ؟!
سَعدَيُونْ : ( مستطرداً ) ذلك الطاغية يجثم على صدورنا حتى فى أحلامنا .
سِفيَاسْ : ( وهو يتلفت حوله ) الأمر الذى مازال يحيرنى حتى الآن، هو تلك الكائنات التى حررتنا من قبضة ذلك الطاغية ! كيف استطاعوا اختراق كل الاحتياطات الأمنية لذلك الطاغية وتحريرنا والمجىء بنا إلى هذا المكان ؟!
سَعدَيُونْ : ( معقباً ) شىء عجيب بالفعل ! الأعجب هى تلك الأنثى ذات الأربعة أذرع وأربعة سيقان!
سِفيَاسْ : اسمها تاليتا . . هى التى حررتنى من معتقل حَبَشْتَكُوْنْ الذى يسميه مشفى القسم السابع، وأتت بى إلى هذا المكان . . وهى التى حررتك أيضاً من سجونه . . ألا تتذكرها ؟
سَعدَيُونْ : كوابيس حَبَشْتَكُوْنْ لم تترك لى مجالاً لأتذكر شيئاً سواها ! ولولا ذات الأذرع الأربعة تلك، والتى دأبت على إخراجنا من محبسنا هذا بين الفينة والأخرى، والطواف بنا فى مركبتها الفضائية حول الكوكب الأرضى، لتجمدت كل ذكرياتى عند كوابيس حَبَشْتَكُوْنْ ! يبدو أن جهة ما من خارج الكوكب الأرضى أوكلت لها مهمة رعايتنا لغرضٍ ما ! ثلاثون عاماً مرت علينا ونحن على هذا الحال، ولولا تلك الجولات الفضائية لأصابنا الجنون ! ( صمت طفيف ثم يشير بيمينه إلى الباب الذى جهة اليمين) هل أفلحت محاولاتك فى الخروج عبر ذلك السلم الحلزونى ؟!
سِفيَاسْ : ( وهو يشير أيضاً إلى الباب على يمينهم ) ماوراء هذا الباب شىء يحير العقل ! حمام لم أرَ له مثيلاً فى حياتى ! يشفطك ويُشَطِّفك فى ثوانٍ معدودة ! ثم ذلك السلم الحلزونى . . أعجب من الحمام ! بل هو عَجَب العُجابِ ذاته !
سَعدَيُونْ : ( موافقاً ) أجل، بالفعل . عجيبٌ أمر ذلك السلم الحلزونى . . ما إن تضع قدميك عليه، حتى تجد نفسك فى لمح البصر فى أعلى قمة جبل يكشف لك كل ماحولك من صحارى لا أول لها ولا آخر . . .
سِفيَاسْ : ( مكملاً ) لقد حاولت كل جهدى ذلك الصباح، بينما كنت أنت نائماً، أن أخطو ولو بضعة خطوات خارج ذلك الحاجز الغير مرئى المحيط بمدخل ذلك الكهف فى الأعلى . . .
سَعدَيُونْ : ( مقاطعاً ) لكن كل محاولاتك باءت بالفشل .
سِفيَاسْ : ( موافقاً ) أجل، ياسعديون . . أجل . . هناك مايشبه الحقول المغناطيسية . . شىء غير مفهوم يردك فى رفق ولين إلى جوف السلم الحلزونى !
سَعدَيُونْ : ( مستسلماً ) فلا تجد أمامك غير العودة إلى هنا . ( ثم بجدية ) يبدو أننا خرجنا من مصحات وسجون حَبَشْتَكُوْنْ إلى مصحات وسجون هؤلاء الذين اختطفونا من جبروته وطغيانه !
سِفيَاسْ : ( وهو تتملكه الحيرة ) تُرَىْ ، من يكون هؤلاء القوم ياسعديون ؟!
سَعدَيُونْ : ( بتلقائية واضحة ) ربما كانوا تابعين لذلك الـ جلوبل الذى أخبرت حَبَشْتَكُوْنْ خبره ؟
سِفيَاسْ : ( ينفى بشدة ) يارجل، أنسيت أن جلوبل لا يعرف الرحمة ولا ينقذ أحداً فى ورطة ؟!
سَعدَيُونْ : ( يتأوه وهو يتحسس جبهته ) آه . . آهِ ياسفياس . . اعذرنى ياعزيزى . . لقد أفقدنى مامر بنا من أهوال كل قدرة على التركيز . . ( ينهض من مكانه ويتجه قرب الباب الذى إلى اليسار ) من إذاً يكون هؤلاء ؟ لقد اخترقوا كل احتياطات حَبَشْتَكُوْنْ رغم تقدمه العلمى والتقنى الهائلين ! الأعجب، هى هيئتهم ! أربعة أذرع وأربعة أرجل ! هم بالتأكيد ليسوا من أهل كوكبنا الأرضى ! . . ( ضاحكاً ) يبدو أن ذلك هو التطور الذى حكاه داروين فى كُتبِه !!
سِفيَاسْ : ( وهو جالس فى مكانه على الأريكة ) سَيَبِيْنُ لنا كُلُ شىءٍ فى حينه . . لا تتعجل الأمور ياعزيزى سَعدَيُونْ .
سَعدَيُونْ : ( وهو يقف بجوار باب غرفة النوم ) كان أهون علىَّ أن أواجه كل أهوال حَبَشْتَكُوْنْ، حتى ولو فقدت حياتى بدلاً من اختبائنا هنا وكأننا جرذان .
سِفيَاسْ : ( شاردةً نظراته بعض الشىء ) حَبَشْتَكُوْنْ طاغيةٌ جبار ولا قِبَلَ لنا به . . ألم يجبر شِفيارْ وجَايْدَار أن يسحقا له كل شهر، ثلاثين ألفاً من البشر، كى يصنعا له كبسولة إكسير واحدة ؟!
سَعدَيُونْ : ( فى حنق ) اللعنة على حَبَشْتَكُوْنْ ! اللعنة على شِفيَار وجَايْدَار ! يقتلون ثلاثين ألفاً من البشر كل شهر، ولابد أن يكونوا من أعمار مختلفة، من الجنين فى بطن أمه، وحتى من هم على مشارف الموت، لكى يعيش ذلك الطاغية خالداً مُخَلَّدَاً !
سِفيَاسْ : ( فى لهجة يشوبها الحزن ) نعم . كبسولة وَهْمْ واحدة، تعادل أرواح ثلاثين ألفاً من مختلف الأعمار والأجناس ! إنهما يخدعانه بوهم الخلود، ولا يباليان بأرواح الضحايا .
سَعدَيُونْ : ( يزداد حنقاً ) اللعنة على كل عالمٍ دجال، معدوم الضمير والإنسانية ! اللعنة على حَبَشْتَكُوْنْ كبير الدجاجلة، وعلى كل طاغيةٍ جبار ! ( صوت أزيز نحاسى خفيض قادم من جهة الباب الذى إلى اليمين ، سَعدَيُون يرهف السمع ) يبدو أن هناك من ينزل السلم الحلزونى .
سِفيَاسْ : ( يرهف السمع أيضاً ) يبدو أنه ʺ سِيْزُونʺ؛ ذلك الشخص الغريب الهيئة والأطوار .
[ لحظات ويُفتح الباب الذى إلى اليمين . . يدخل ʺ سِيْزُونʺ؛ شخص نحيف البنية . . واضح الطول . . يبرز فوق رأسه صندوق معدنى مستطيل . . برونزى اللون . . تخرج من قمته وعلى الجانبين مجموعة من الأسلاك التى تشبه الهوائيات فى زماننا هذا . . ينتهى كلٌ منها بمروحة صغيرة تشبه مروحة ذيل الطائرة الهليوكوبتر فى عصرنا هذا . . الأنف مستطيل وينتهى بطرف مدبب وواضح البروز إلى الأمام . . له ذراعان رئيسيان ويخرج من كلٍ منهما ذراع ثانوى أعلاه . . وكذلك يخرج على جانبى كل ساق من ساقيه، ساقٌ أخرى أقصر بشكل واضح من الساق الرئيسية . . يرتدى زياً مثل ذلك الذى يرتديه سَعدَيُون و سِفيَاس. . لكنه مزود بأجهزة عجيبة . . يصدر عنها ومضات إشعاعية متعددة الألوان . . على ظهره مايشبه أجهزة الدفع النفاث فى عصرنا هذا ]
سِيْزُونْ : ( يقف يتأملهما لبرهة قصيرة، ثم يخاطبهما بصوت نحاسى عالى الصرير ، وفى نبرة لها صدىً واضح، وهو يتجه ليأخذ مجلسه فوق الأريكة إلى يسار سِفيَاسْ ) كيف حال أحِبَّائِنا سفياس وسعديون؟!
[ يمكن لمخرج العرض الاستعانة بخبير صوتيات ]
سِفيَاسْ : ( وهو ينهض من مكانه ويتجه نحو باب السلم الحلزونى ) بخير . . وأنت ؟ كيف حالك أيها الصديق سِيْزُون ؟
سِيْزُونْ : ( بزهو وهو جالس فى مكانه) أنا . . أنا فى أحسن أحوالى، لولا أننى حزينٌ جداً على حال أهلكما من البشر!
سَعدَيُونْ : ( بمرارة ) أهناك ألعن مما يفعله بهم حَبَشْتَكُوْنْ ؟
سِيْزُونْ : ( وهو ينهض من مكانه متجهاً ليقف فى مواجهة سعديون ) أجل . . أجل ياعزيزى سعديون . هناك ماهو ألعن وألعن مئات المرات مما يفعله بهم حَبَشْتَكُوْنْ .
سِفيَاسْ : ( متسائلاً ) لابد أن جلوبل قادم ؟
سِيْزُونْ : ( متظاهراً باللامبالاة وهو ينظر نحو سفياس ) رغم أننى لا أعلم بالضبط عمن تتحدث ياعزيزى سفياس، لكننى سأتجاهل ذلك؛ فالكلام الذى عندى لا يحتمل السكوت أو الكتمان .
سَعدَيُونْ : ( يستحثه على الكلام ) تكلم يارجل . لا تخفى عَنَّا شيئاً .
سِيْزُونْ : ( وهو يعود للجلوس على الأريكة ) أفضل أن تخبركما ʺ تَالِيْتَا ʺ بكل التفاصيل التى جَمَعَتْهَا هى فى ذلك الأمر .
سِفيَاسْ : ( باهتمام ) تقصد تلك الأنثى التى حررتنا من قبضة حَبَشْتَكُوْنْ ؟ والتى تصطحبنا فى مركبتها الفضائية فى جولاتٍ خاطفة حول الكوكب الأرضى بين الفينة والأخرى ؟
سِيْزُونْ : ( ينتفض فجأة واقفاً ويعود ليقف بجوار باب غرفة النوم، ثم يستدير ليواجه الشاشة التى على الجدار، ويصيح بصوته النحاسى، مشيراً بذراعيه السفليين إلى الشاشة ) أجل، هى تاليتا العفريته . . ( يكرر فى زهو ) تاليتا العفريته . . سأريكما مافعلته تاليتا من أجل تحريركما بالصورة وبالصوت . . حتى يتأكد السيد سعديون أننا أصدقاء لكما ولكل البشر . ( يطوح كفيه فى الهواء، فيظلم المكان تماماً، وفى نفس اللحظة تضىء الشاشة المستطيلة فوق الأريكة، وتتعاقب عليها المشاهد التالية ) :
مشهد ( 1 ) :
حجرة فى مشفى القسم السابع، بها سرير إلى اليسار، وبضعة أجهزة طبية، سفياس ملقىً على السرير فى حالة يُرثى لها، على رأسه مايشبه خوذة حماية الرأس التى يلبسها راكبو الدراجات النارية فى أيامنا هذه، الخوذة تخرج منها أسلاك متصلة بجهاز مثبت على الجدار الذى إلى اليمين من السرير، الجهاز به بضعة عدادات دائرية من أحجام مختلفة، توجد نافذة زجاجية مغلقة فى الجدار المواجه للجمهور، يظهر باب إلى يمين الجهاز المثبت على الجدار، تدخل من ذلك الباب إحدى الطبيبات اللاتى قبضن على سفياس فى مكتب حَبَشْتَكُوْنْ البَيْضَوِىْ، تمسك بيمناها مايشبه العصا الكهربائية، تغلق الباب بعد دخولها، يدور بينها وبين سفياس الحوار التالى :
الطبيبة : ( فى سخرية بالغة ) ها . . كيف حالك ياسفيوس ؟ أما زِلت ترى جلوبل ؟
سِفيَاسْ : ( صائحاً فى عصبية بالغة ) اللعنة على جلوبل وعلى حَبَشْتَكُوْنْ وعليكن جميعاً . ( ينهض من مكانه، ويخطو نحوها مترنحاً، ويحاول الإمساك بها من رقبتها، لكنها تتقهقر مسرعةً ً إلى الوراء، ثم تضغط على زرار فى عصاها الكهربائية ، فتصدر أشعة بنفسجية تنعكس على وجه سفياس، يرتعد سفياس ويتلوى ويسقط مرةً أخرى فوق السرير، يغمغم وهو يتلوى ) اللعنة على حَبَشْتَكُوْنْ . . اللعنة على جلوبل . . وعليكن جميعاً!
الطبيبة : ( بحنق وهى تحدق فيه بغيظ وهو ممدد فوق السرير ) لن تكف عن وقاحتك هذه حتى تموت أيها الأخرق ! ( تنتابها حالة عصبية فجأة، ترتعد بشدة وتتلوى حتى تسقط على الأرض، وفى نفس اللحظة يهدأ سفياس وتزول عنه الحالة العصبية التى انتابته، يحدق فى الطبيبة الملقاة على الأرض فى اندهاش واضح، يُفتح الباب الذى دخلت منه الطبيبة، وتدخل أنثى تشبه سيزون فى كل شىء، لولا شعرها المنسدلِ على كتفيها وثدياها البارزان أمامها بشكل ملفت للأنظار، على ظهرها جهازان من أجهزة الدفع النفاث، فى يدها اليمنى مصباح يصدر أشعة حمراء، مصوبةً إلى رأس الطبيبة الملقاة على الأرض فاقدة الوعى )
الأنثى : ( مخاطبة سفياس وهى تنزع عنه الخوذة التى على رأسه ) أنا تاليتا .
سِفيَاسْ : ( وهو يحدق فيها مذهولاً ) وأنا سفياس .
تاليتا : هيا . . هيا ياسفياس قبل أن تفيق خادمة حَبَشْتَكُوْنْ تلك . ( ينهض سفياس ويخطو مترنحاً وكأنه تحت تأثير المُخَدِّر، تمد يدها التى فى ذراعها السفلىْ الأيسر، تفتح النافذة، تظهر الأنجم جليةً واضحةً خارج النافذة، تلف ذراعها الأيمن السفلىْ حول جسد سفياس أسفل إبطه تماماً، تقفز به إلى خارج النافذة )
« قطع »
مشهد ( 2 ) :
تَالِيْتَا تحلق فى طبقات الجو العليا، بواسطة أجهزة الدفع النفاث، وسفياس يتعلق فى ذراعها مستكيناً .
« قطع »
مشهد ( 3 ) :
تَالِيْتَا تتقدم سفياس وهى تهبط السلم الحلزونى . زوم على وجه تَالِيْتَا .
تَالِيْتَا : ( وهى تلتفت إلى سفياس خلفها ) هنا لن يستطيع الوصول إليكما حَبَشْتَكُوْنْ، ولن تفلح كل أجهزته فى اكتشاف مكانكما .
« قطع »
مشهد ( 4 ) :
زوم على وجه سفياس، الذى ارتسمت على ملامحه الدهشة لمخاطبة تَالِيْتَا له بصيغة المثنى .
« قطع »
مشهد ( 5 ) :
زوم على وجه تَالِيْتَا التى لاحظت اندهاش سفياس .
تَالِيْتَا : لا تندهش عزيزى سفياس، فكما حررناك من قبضة حَبَشْتَكُوْنْ، فسوف ينضم اليك قريباً جداً حبيبك وصديقك سَعدَيُون . . ذلك العالم العربى الشجاع .
« قطع »
[ يُضاء المسرح وتعود الشاشة، التى فى مواجهة الجمهور، لعرض المشاهد الكونية للمجرات، التى كانت تعرضها قبل عرض مشاهد تحرير تَالِيْتَا لسفياس من قبضة حَبَشْتَكُوْنْ . سِيْزُون مازال واقفاً حيث تركناه قبل عرض مشاهد تحرير سفياس من قبضة حَبَشْتَكُوْنْ . ]
سِيْزُونْ : ( يخاطب سِفيَاسْ وهو مزهواً ) مافعلته تَالِيْتَا معك ياسفياس، فعلته أيضاً مع سَعدَيون .
لقد حررته أيضاً من سجون حَبَشْتَكُوْنْ . وها أنتما هنا فى أمان تام .
سَعدَيُون : ( وهو يخاطب سِيْزُون ) أجل . . أجل . . تذكرت تلك الليلة التى اقتحمت فيها ابنة جنسك زنزانتى، بعد أن سيطرت على كل حراس سجن حَبَشْتَكُوْنْ شديد الحراسة، وطارت بى إلى قمة هذا الجبل، ونزلنا بعدها إلى هذا المكان عبر السلم الحلزونى، الذى نَزَلَت منه بسفياس . أجل . . أجل . . تذكرت الآن كل ماحدث فى تلك الليلة . لقد كانت ليلة رهيبة ! أبرقت الدنيا وأرعدت ليلتها، وتوالت أصوات الانفجارات الضخمة فى كل الأنحاء، وكأن ملايين البراكين تفجرت فى نفس اللحظة . لقد كانت ليلة رهيبة بحق .
[ صوت أزيز نحاسى كالذى سبق دخول سيزون . ]
سِيْزُونْ : ( مشيرا ناحية باب السلم الحلزونى ) هاهى قاهرة حَبَشْتَكُوْنْ ومُحررة الطيبين الصالحين قد أتت .
[ لحظات قليلة تدخل بعدها تاليتا ]
تاليتا : ( وهى تتجه نحو سيزون، ثم تنحنى إنحناءة خفيفة ) سيدى وسيد الفردوس الأعلى سِيْزُون المُعَلَّىْ .
سِيْزُونْ : ( بفخر وهو يختلس النظر نحو سَعدَيُون وسِفيَاس ) مرحباً بقاهرة حَبَشْتَكُوْنْ ومحررة الطيبين الصالحين .
تاليتا : ( بإنحناءة رأس خفيفة نحو سعديون الواقف بجوار سيزون ) كيف حالك أيها العربى الجسور ؟ ( تقف بين سعديون وبين الأريكة )
سَعدَيُونْ : ربما كنت بخير لولا استلاب حَبَشْتَكُوْنْ لعقول المليارات من البشر .
تاليتا : ( لسِفيَاس الواقف بجوار باب السلم الحلزونى ) وأنت بالطبع حزين أيضاً ياسِفيَاس كصاحبك سَعدَيُون؟
سِفيَاسْ : ( مُحبَطَاً ) وماذا فى أيدينا نفعله ياسيدتى ؟
سِيْزُونْ : ( بحماس وهو ينظر بلؤم نحو تاليتا ) فى أيدينا الكثير أيها الرجلان الطيبان .
تاليتا : ( وهى تبادل سيزون نفس النظرات الماكرة ) أجل . فى أيدينا الكثير نفعله . فقط لو توحدت جهودكما مع جهودنا .
سَعدَيُونْ : ( بلهجة تشوبها رنة يأس واضحة ) وماذا تفيد جهودنا فى مواجهة حشود حَبَشْتَكُوْنْ الدعائية المتناثرة فى كل ركن من أركان أطلانطا ؟! إنه ينفق أموالاً طائلة على تلك الحشود وعلى أوكارهم، ولا هَمَّ لهم ولا عمل غير استلاب عقول البسطاء منذ لحظة ميلادهم وحتى مماتهم ! إنهم يتفننون فى كيفية استلاب عقول العوام لجعلهم يصبغون حتى أخص خصوصيات حياتهم اليومية بالفكر الحَبَشْتَكُوْنْى ! . . .
سِفيَاسْ : ( يكمل مابدأه سَعديون ) لا قيمة لحياة الإنسان عند حَبَشْتَكُوْنْ ولا عند من يتاجرون بمشروعه الديكتاتورى الإقصائى المستبد ، إلا إذا اصطبغت كل تفاصيل حياتهم بالفكر الحَبَشْتَكُوْنْى من الألف إلى الياء !
تاليتا : ( تتدخل فى الحوار ) حَبَشْتَكُوْنْ وأمناء أسراره فقط هم من يعرفون حقيقة الوهم المسمى كوكب الفردوس، والذى يجاهد مبرمجو حَبَشْتَكُوْنْ من أجل ترسيخه كحقيقة ثابتة فى عقول العوام والبسطاء . . لقد نجح المبرمجون فى ترسيخ الوهم الحَبَشْتَكُوْنْى فى عقول ووجدان العوام والبسطاء، لدرجة أن هؤلاء المساكين المغيبين، يذهبون طواعيةً وعن قناعة، إلى مراكز البرمجة المنتشرة فى كل أرجاء أطلانطا، طمعاً فى نيل رضا حَبَشْتَكُوْنْ؛ لعله يمنحهم تأشيرة السفر إلى الفردوس المزعوم، ولا يعلم هؤلاء الطيبون، أنهم مجرد عناصر خام يتم سحقها فى معامله اللعينة لصناعة وهم إكسير الخلود ( تضيف ساخرةً ) هِىء . . هِىء . . لا يدرى أن رحيله هو شخصياً، عن أرض أطلانطا قد بات قاب قوسين أو أدنى ! ذلك الشيطان الرجيم !
سِيْزُونْ : ( يدلى بدلوه ) ليس العوام والبسطاء فقط، بل هناك علماء فى شتى علوم الكونيات والإنسانيات يروجون لكوكب الفردوس الحَبَشْتَكُوْنْى، لدرجة أن بعضهم يقسم بأغلظ الأيمان أنه رأى بأم عينيه، ذلك النعيم المُقيم، الذى يرفل فيه أهل ذلك الكوكب الفردوسى المزعوم !
سَعدَيُونْ : ( وهو يتجه ليجلس على يمين الأريكة ووجهه نحو الآخرين ) حَبَشْتَكُوْنْ يغدق عليهم الأموال الطائلة، لكى يبرمجوا البشر على التضحية، حتى بأرواحهم من أجله، ومن أجل استمراره مسيطراً، على مصائر البلاد والعباد، فى كل مكان على ظهر هذا الكوكب، وإلى أبد الآبدين ! يالَهُ من أنانىٍ مستبدٍ وتافهٍ وحقير !
تاليتا : المأساة الكبرى الآن ليست فيما يفعله حَبَشْتَكُوْنْ بأحبائنا أهل الأرض . . المأساة الكبرى ستأتى من سكان كوكب النيار .
سِفيَاسْ : ( مبدياً دهشته ) لكنهم أصدقاء حَبَشْتَكُوْنْ وحلفاؤه، ويتزاورون فيما بينهم !
سَعدَيُونْ : ( وهو جالس على الأريكة ) أنا شخصياً لم أرَ أياً منهم فى قصر حَبَشْتَكُوْنْ .
سِفيَاسْ : ولا أنا . . حَبَشْتَكُوْنْ لم يكن يسمح لأحد غير سولار وشفيار بحضور اجتماعاته مع هذه الكائنات !
سِيْزُونْ : ( وهو يتبادل نظرات المكر مع تاليتا ) هذا لحسن حظنا . . أقصد لحسن حظكما .
تاليتا : ( لسيزون وهى تتجه للجلوس على يسار سَعدَيُون ) لا بد أن ننقذ أحباءنا أهل الأرض ياسيزون .
سِيْزُونْ : ( مؤكداً لكلامها ) طبعاً . . طبعاً ياحبيبتى تاليتا . . لابد من إنقاذ سكان الأرض من الإبادة على أيدى زيمارا حاكم النيار .
سِفيَاسْ : ( مستنكراً ) النِّيَار يريدون إبادة أهل الأرض ! لماذا ؟ ! أليسوا حلفاء حَبَشْتَكُوْنْ ؟ !
تَالِيْتَا : ( مُوَضحَة ً ) سكان النِّيَار . . سوف ينفلت كوكبهم من مداره مندفعاً نحو النجم العملاق المسمى " جهنوم "، والذى تدور فى فلكه كل كواكب مجموعتهم الشمسية . . .
سِيْزُونْ : ( مُكملاً وهو يخطو بعرض المسرح ليقف على يمين سِفيَاس الواقف بجوار باب السلم الحلزونى ) وبالطبع سوف ينصهر كوكبهم فى باطن ذلك النجم كما تنصهر قطعة البلاستيك فى الأتون الجهنمى .
سَعدَيُونْ : ( مُستنكراً ) وماشأننا نحن أهل الأرض بما يحدث لكوكب النِّيَار ؟!
سِيْزُونْ : ( متسائلاً ) كيف ؟ وأنتم أصحاب الشأن كله . . ( لتَالِيتَا ) أوضحى لهما الأمر من فضلكِ ياتَالِيْتَا . .
تَالِيْتَا : ( تنهض وتتجه إلى جوار باب غرفة النوم، ثم تستدير وتخاطب سِفيَاس وسَعْدَيُوْن) أهل النِّيَارْ ياأحبائى . . لم يعثروا على أى كوكب، يناسبهم العيش فيه، سوى كوكب الأرض، وذلك بعد فحص دقيق وتحليل عميق لغالبية المجموعات الشمسية، الموجودة فى مجرتى المرأة المُسلسلة ودرب التبانة . . .
سِيْزُونْ : ( مكملاً ) ذلك ببساطة شديدة ودون الدخول فى أية تفصيلات .
سِفيَاسْ : ( صائحاً وهو يتجه للجلوس على الأريكة إلى يسار سعديون ) يعنى احتلال . . أهل النّْيَار سوف يحتلون كوكب الأرض !
تَالِيْتَا : بل هى الإبادة ياعزيزى سِفيَاس .
سَعدَيُونْ : ( متسائلاً فى دهشة ) ولكنهم أصدقاء حَبَشْتَكُوْنْ ؟!
سِيْزُونْ : (وهو مازال واقفاً بجوار باب السلم الحلزونى ) كان ذلك قبل أن يعلنهم حَبَشْتَكُوْنْ برفضه استضافتهم على كوكبه، رَيْثَمَا يتدبرون أمرهم ويجدون حلاً لمأساتهم .
سِفيَاسْ : ( صائحاً وهو فى مكانه على الأريكه ) إذاً ، هى الحرب بينهم وبين حَبَشْتَكُوْنْ .
سَعدَيُونْ : ( وهو فى مكانه على يمين سفياس ) بل هى الإبادة لكل سكان الأرض، كما قالت تاليتا .
سِيْزُونْ : ( وهو يتبادل نظرات اللؤم مع تاليتا ) أجل . هى الإبادة لكل سكان الأرض؛ فلقد تفوق أهل النّْيَار على حَبَشْتَكُوْنْ فى كل شىء، فى المائة عام الأخيرة . ( صمت طفيف جداً يستطرد بعده ) أهل النّْيَار حققوا تقدماً مذهلاً، وخاصة فى أسلحة الإبادة الإشعاعية وأسلحة التفكيك الخَلَوِيَّة . .
سَعدَيُونْ : ( معترضاً ) لكن حَبَشْتَكُوْنْ - كما علمت - كانت لديه أسلحة مضادة لأسلحتهم التى ذَكَرْتَ ياسيزون .
تَالِيْتَا : ( ساخرةً ) هُوهُوهُوهُوهُو... هُوهُو.. ! لقد توصل علماء النّْيَار إلى أجهزة تعطل عمل جميع أسلحة حَبَشْتَكُوْنْ، بما فيها سلاحه الجديد الذى يفوق سرعة الضوء .
سِيْزُونْ : ( مؤكداً كلام تَالِيْتَا ) ماتقوله تَالِيْتَا صحيح مائة فى المائة أيها الرجلان الطيبان .
سِفيَاسْ : إنها الكارثة إذاً .
سَعدَيُونْ : أجل . هى الكارثة بكل المقاييس .
تَالِيْتَا : ( وهى تخطو بعرض المسرح لتقف على يمين سيزون بجوار الباب المؤدى للسلم الحلزونى ) ولكنكما تستطيعان التصدى لها . ( تنظر لسيزون بطرف عينها نفس نظرة المكر السابقة )
سِفيَاسْ : ( متهكماً ) نتصدى لها ؟! من ؟! نحن ؟! إننا حتى لم نقدر على حماية أنفسنا من حَبَشْتَكُوْنْ !
سَعدَيُونْ : ( موافقاً ) ونحن كما تريان لسنا أكثر من مجرد شخصين حالمين بعالمٍ أفضل .
سِفيَاسْ : ( مازال متهكماً ) لقد اصطادنا حَبَشْتَكُوْنْ وكأنه يصطاد جُرْذَيْن !
سِيْزُونْ : ( يهرول ويقف على يمين الأريكة إلى اليمين من سعديون ) سنمد لكما يد المساعدة .
سَعدَيُونْ : ( يباغته بالسؤال ) من أنتما ؟ ومن هم الذين تتحدثان باسمهم ؟! إننا لا نكاد نعرف عنكما شيئاً سوى تحريركما لنا من قبضة حَبَشْتَكُوْنْ ، واحتفاظكما بنا هنا بعيداً عن الأنظار !
تَالِيْتَا : ( تخطو لتقف بجوار الأريكة على يسار سفياس، ثم وهى تتبادل مع سيزون نفس نظرات اللؤم السابقة، تشير إلى سيزون وهى تتحدث ) هذا صديقكما سيزون قائد كتائب الخيرات على كوكب ʺ جودنيس ʺ . . .
سِيْزُونْ : ( مكملاً وهو يشير بيمناه إلى تاليتا ) وهذه تاليتا مسئولة تدقيق نشر الحب والعدل والسلام على كوكبنا العظيم ʺ جودنيس ʺ . .
[ يتبادل سفياس وسعديون النظرات، وتكسو ملامح وجهيهما الدهشة والحيرة ]
سِفيَاسْ : ( مرتاباً وهو ينظر إلى سيزون ) وأنتما هنا لمساعدتنا ؟!
سِيْزُونْ : ( مؤكداً وهو يتبادل النظرات مع تاليتا ) أجل ياعزيزى سِفيَاس .
سَعدَيُونْ : ( متسائلاً فى يأس ) ضد من ؟ ضد النّْيَار ؟ أم ضد حَبَشْتَكُوْنْ ؟ أم ضد شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ؟ . . نحن أهل الأرض . . أهل الطمع والزيف والنفاق والخداع والغرور !
سِفيَاسْ : ( مكملاً كلام سَعدَيُون ) كنا قديماً نخطىء ونتوب . . كانت لا تزال فينا بقايا إنسانية . . حتى جاءنا زمن حَبَشْتَكُوْنْ، فأصبحنا نخطىء ونخطىء ونخطىء . . والقليل . . القليل منا من يفكرون فى التوبة أو إصلاح ماأتلفوه ! اللعنة على كبير الدجاجلة ؛ اللعنة على حَبَشْتَكُوْنْ وعلى كل من يدورون فى فلكه !
تَالِيْتَا : ( وهى تخطو لتقف على يمين سيزون ) لا عليكما أيها السيدان الطيبان . . يمكنكما إصلاح الأمر كله .
سَعدَيُونْ : ( صائحاً وهو ينهض ويتجه إلى أحد المقاعد بجوار باب غرفة النوم ) كيف ؟ كيف والأمر كما تريان ؟ لا فرق بين البشر والآلات فى زمن حَبَشْتَكُوْنْ ؟
سِفيَاسْ : ( مخاطباً سيزون، ليؤكد على كلام سَعدَيُون ) الجميع ياسيدى يدور فى فلك العقل الأوحد ؟ ذلك الديكتاتور الرابض هناك، فى خِزانةِ حَبَشْتَكُوْنْ التراثية المكعبة، التى يعمد دائماً إلى إحاطتها بكل ألوان وأصناف الغموض والتقديس، هناك فى عُمق أعماق دهاليز قصره الحصين .
سِيْزُونْ : ( وهو يأخذ مكانه على الأريكة إلى يمين سِفيَاس ) سوف يتعطل ذلك العقل الأوحد ياعزيزى سِفيَاس ( مؤكداً ) بل سوف يتم سحقه من على وجه الكوكب الأرضى . . فقط . . إن رغبتما أنتما الاثنان فى ذلك .
سَعدَيُونْ : ( متسائلاً ) ومن الذى سوف يسحقه ؟ ( باستخفاف ) أنتما ؟
تَالِيْتَا : ( تخطو لتقف على يمين سَعدَيُونْ، وتداعب خده الأيمن بكفها الأيسر ) أجل أيها العربى الجسور . . السيد سيزون وأنا، نستطيع سحق ذلك الإرهاب القابع، فى تلافيف العقل الأوحد، حتى لو التف حوله المليارات، من مُغَيّْبىْ العقول .
سِفيَاسْ : ( مخاطباً تَالِيْتَا ) ولماذا لم تقوما بسحقه من قبل مادام مصير البشر يهمكما إلى هذه الدرجة ؟
سِيْزُونْ : لم يكن ذلك ممكناً من قبل .
سَعدَيُونْ : ومالذى جعله ممكناً الآن ؟
تَالِيْتَا : خروجكما . . خروجكما على حَبَشْتَكُوْنْ ياعزيزى سَعدَيُونْ .
سِفيَاسْ : ( مستنكرا) خروجنا ؟! نحن الاثنان ؟!
سِيْزُونْ : ( مؤكداً ) أجل . ( ينهض ويخطو ليقف بجوار باب السلم الحلزونى ) خروجكما أنتما الاثنان على حَبَشْتَكُوْنْ، ( مستدركاً ) وأنتما فقط، جعل تدخلنا لدعمكما وانقاذ البشرية ممكناً .
سَعدَيُونْ : ولماذا نحن الاثنان فقط ؟ !
تَالِيْتَا : ( موضحةً ) لأن ترددات المجالات الطاقوية، المنبعثة من خلاياكما المخية، تؤثر فى أكثر من تسعين بالمائة، من الخلايا المخية للبشر، الذين يقعون فى نطاق تلك الترددات، سواء أكان تعبيركما عن أفكاركما أو انفعالاتكما، بالصوت أو بالصورة أو حتى بالكلمة المكتوبة . أنتما من أقوى رموز التنوير والتحرير . . ( صمت طفيف ثم تستطرد ) أنتما الاثنان خطرٌ داهمٌ على الفكر الحَبَشْتَكُوْنْى . . عقولكما حرة ياعزيزى سعديون . . أقوى من كل مبرمجى الفكر الحَبَشْتَكُوْنْى السادى الارهابى .
سِيْزُونْ : ( بحماسة ) إنها فرصة تاريخية للخلاص من الفكر الحَبَشْتَكُوْنْى . . ربما لن تتكرر .
سِفيَاسْ : ( يبدى اندهاشه ) كيف استطاع حَبَشْتَكُوْنْ اعتقالنا إذأ، دون أن يثور عليه هؤلاء البشر المنضوية خلاياهم التفكيرية تحت ترددات خلايانا الطاقوية ؟ !
تَالِيْتَا : ( تخطو نحو سفياس وتجلس على يمينه مكان سيزون ) لأن التَّماس بيننا وبينكما مفتقد .
سَعدَيُونْ : وهل أصبح التَّماس بيننا وبينكما قائماً الآن بعد أسركما لنا ؟ !
سِيْزُونْ : لا . . لا . . ياعزيزى سَعدَيُون . . أنتما صديقانا وضيفانا، ولستما أسرانا . لذلك نحن حررناكما من قبضة حَبَشْتَكُوْنْ، وضربنا حولكما سوراً الكترونياً يحجبكما عن أجهزته، حتى نتمكن من إقامة التَّماس معكما .
سِفيَاسْ : ( وهو ينهض من على الأريكة ويخطو ليقف بجوار سَعدَيُون ) وكيف يقوم ذلك التَّماس بيننا وبينكم ؟
تَالِيْتَا : ( بلهجة تقريرية وهى تعود لتبادل نظرات اللؤم مع سيزون ) يقوم التَّماس بيننا وبينكما فور توقيعكما معنا بقطرات من دمائكما على وثيقةٍ، يتولى بمقتضاها علماؤنا وخبراؤنا ومبرمجونا تفعيل البرامج المناسبة لتطهير النفس البشرية من الشرور والآثام، فيصبح كل البشر مثلكما أحراراً وطيبين وخيرين وبنائين . . بواسطتكما طبعاً .
سَعدَيُونْ : ( يصيح متحمساً ) نوقع . نوقع بكل دمائنا، إذا كان فى ذلك تخليص العالم من حَبَشْتَكُوْنْ وشروره وكل أيديولوجياته الإرهابية الحقيرة .
سِفيَاسْ : ( مخاطباً سَعدَيُون ) انتظر ياعزيزى سَعدَيُون . . لا تتسرع يارجل . . ( لتَالِيْتَا ) تقولين ياسيدتى، أن توقيعنا ببضع قطرات من دمائنا، على وثيقة تماس بيننا وبينكم، سوف يخلص النفس البشرية، من شرورها وآثامها؛ فضلاً عن أن ذلك سوف يخلص الكوكب الأرضى من الفكر الحَبَشْتَكُوْنْى وأيديولوجياته الإرهابية المدمرة ؟ !
سِيْزُونْ : ( يتولى الرد نيابةً عن تَالِيْتَا ) أجل ياسيد سِفيَاسْ . . وثيقة التَّماس بيننا وبينكما سوف تخلق من عالمكم الأرضى فردوساً أبدياً بعد قضائنا على حَبَشْتَكُوْنْ وأيديولوجياته الإرهابية المدمرة .
سِفيَاسْ : وكيف ذلك أيها السيد سِيْزُون ؟ !
تَالِيْتَا : ( ترد نيابةً عن سِيْزُون ) لقد توصل علماؤنا فى كوكب ʺ جُودنِيْسْ ʺ، إلى نوع من الترددات الإشعاعية، يمكنه النفاذ إلى خلايا المخ البشرى، وتطهيرها من الشيفرات الكيميائية، التى تُنَشِّطْ أى ميل إلى القيام بأفعال شريرة كالقتل أو الكذب أو السرقة . . باختصار . . هذه الترددات تمحو أى نزوع لفعل الشر فى الخلايا المخية . . ثم تقوم تلك الترددات بحقن تلك الخلايا بشيفرات كيميائية تحمل جينات إنسانية طيبة كحب الخير والعدل والحق والجمال، كما هو الحال عندنا فى كوكب ʺ جُودنِيْسْ ʺ . . وعند جيراننا وأحبائنا فى ʺ بيوتيفُل ʺ وفى ʺ هابينيس ʺ .
سَعدَيُونْ : ( وهو فى قمة الاندهاش ) الأرض ؟! . . الأرض تصبح مثل ʺ جُودنِيْسْ ʺ . . وتصبح مثل السعيد ʺ هابينيس ʺ؟! . . والجميل ʺ بيوتيفُل ʺ؟! ذلك حلم من الأحلام !!! أو ربما كان وهماً من الأوهام !!!
سِيْزُونْ : ( معترضاً ) لا ياعزيزى سَعدَيُون . . ذلك سيصبح واقعاً يعيشه أهل الكوكب الأرضىى بمجرد توقيعكما على وثيقة التَّماس بيننا وبينكم .
تَالِيْتَا : ( وهى تتبادل نظرات اللؤم مع سيزون ) ستصبح الأرض بعدها فردوساً أبدياً أيها الرجلان الطيبان .
سِيْزُونْ : ( بلهجة تقريرية ) فقط . . وقعا معنا بقطرات من دمائكما على وثيقة التَّماس .
سِفيَاسْ : ( وهو فى قمة الاندهاش ) نحن الاثنان فقط ؟! ببضعة قطرات من دمائنا، تصبح الأرض فردوساً أبدياً ؟ !
تَالِيْتَا : ( مؤكدةً ) أنسيت أنكما تمثلان أكثر من تسعين بالمائة من سكان الكوكب الأرضى ياسيد سِفيَاس ؟ أنتما الاثنان ياعزيزى . . أهم من فى هذا الكوكب الأرضى . ( تتبادل نظرات اللؤم مع سِيْزُون )
سَعدَيُونْ : ( يكشف عن ذراعه الأيسر، ويهرول نحو سيزون ثم يردد بحماس بالغ ) هاكَ دمى . . وهاكَ ذراعى . . اسحب من عروقه ماتشاء من الدماء واكتب وثيقتك .
سِفيَاسْ : ( يكشف عن ذراعه الأيسر، ويهرول نحو سيزون أيضاً، ويردد بحماس ) وهاكَ دمى أيضاً . . انتزعه من عروقى واكتب وثيقة التَّماس بيننا وبينكم .
[ سيزون صامتاً يتبادل نظرات المكر والظَفَرْ مع تَالِيْتَا ]
سَعدَيُونْ : ( هاتفاً فى إصرار ) لابد من تطهير الأرض من الشرور والآثام .
سِفيَاسْ : ( هاتفاً بنفس إصرار سَعدَيُون ) لابد من تحرير البشر من قبضة حَبَشْتَكُوْنْ الحقير .
سِيْزُونْ : ( وهو يربت على كتفيهما عن يمينه ويساره ) رويدكما . . رويدكما أيها الرجلان الصالحان . ( يشق طريقه بينهما ويخطو ناحية الأريكة ويقف على يسار تاليتا، بينما يستدير سعديون وسفياس ويتابعانه بناظريهما ) الأمر مازال يحتاج إلى بعض الترتيبات .
سَعدَيُونْ : ( متسائلاً فى دهشة ) ترتيبات ؟ ! أية ترتيبات ودماؤنا جاهزة لتوقيع الوثيقة ؟!
سِفيَاسْ : ( يضيف مؤكداً كلام سَعدَيُون ) دماؤنا ولحومنا وعظامنا . . نحن جاهزان حتى بأرواحنا .
تَالِيْتَا : ( موضحةً ) ياسادة . . ياسادة . . أيها الرجلان الصالحان . . لابد أن نرجع - سيزون وأنا - إلى ʺ جُودنِيْسْ ʺ، لإحضار لوح الإيمورتاليتى المعتمد لكتابة مثل هذه الوثائق المصيرية . ( صمت طفيف ثم تستطرد ) إنها وثيقة مصيرية أيها الرجلان الصالحان .
سِفيَاسْ : ( متسائلاً ) لوح الإيمورتاليتى ؟
سِيْزُونْ : ( شارحاً ) إنه اللوح الذى يعتمده مجلس أمن المجرات، وبدونه لن تصبح الوثيقة سارية المفعول أبداً ( ثم مستفهماً ) أنسيتما مجلس أمن المجرات وقوانينه ؟
سَعدَيُونْ : ( مؤكداً كلام سيزون ) ذلك صحيح ياسفياس . . لقد نص مجلس أمن المجرات فى آخر اجتماع له، على عدم جواز تدخل أى كوكب، فى شئون كوكب آخر معه فى نفس مجرته، أو فى إحدى المجرات الأخرى، إلا بعد إبرام وثيقة الإيمورتاليتى بينهما .
سِيْزُونْ : ( مكملاً ) على ألا يكون إبرام وثائق الإيمورتاليتى، إلا بين من يمثلون أكثر من تسعين بالمائة من سكان الكوكبين .
سَعدَيُونْ : ( صائحاً بفرحةٍ عارمة ) وعقولنا - أنا وسَعدَيُون - تمثل أكثر من تسعين بالمائة من عقول أهل الأرض ! ( بصوت أعلى ) سوف نوقع الوثيقة حتى تصير الأرض فردوساً أبدياً .
[ سيزون وتاليتا يتبادلان نظرات الظَّفَرْ فى نشوة واضحة ]
سِيْزُونْ : ( فى فرحةٍ ظاهرة ) حسناً . . حسناً أيها الرجلان الصالحان . . بعد عشر سنوات من الآن، سنوافيكما أنا وتاليتا ومعنا وثيقة الإيمورتاليتى . . لا تخشيا شيئاً أثناء غيابنا . . مساعدتى الشجاعة " لاليتا" ستكون هناك فى الأعلى، تراقب كل شىء عن كثب . . وستوافيكما بين الحين والآخر للاطمئنان عليكما . . ( يضيف بروح الدعابة ) وستصحبكما فى مركبتها الفضائية، فى جولات ترفيهية حول الأرض، كما كانت تفعل تاليتا من قبل . . ( لتاليتا ) هيا بنا إلى ʺ جُودنِيْسْ ʺ . . ( صائحاً فى نشوةٍعارمة ) هيا بنا إلى الإيمورتاليتى ياقاهرة حَبَشْتَكُوْنْ . . ( يتجه إلى باب السلم الحلزونى ويخرج )
تَالِيْتَا : ( وهى تنهض من على الأريكة وتشق طريقها نحو باب السلم الحلزونى ) لديكما كل ماتحتاجانه أثناء غيابنا، ولا تخافا أبداً . . لن يصل إليكما حَبَشْتَكُوْنْ . . ( تخرج )
صوت انفجارات مرعبة ثم إظلام تام + ستار
بقلم / عبدالله محمود أبوالنجا
الى لقاء فى المشهد الرابع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل