الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل أميركا مخطئة في حقنا؟

سامر خير احمد

2006 / 1 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


ثمة شكوى لدى العرب والمسلمين من الطريقة التي تتعامل بها الولايات المتحدة معهم، ومن الصورة التي تروجها عنهم في إعلامها والأفلام السينمائية التي تنتج فيها، وكذلك من مخططاتها تجاه دولهم وثرواتهم الطبيعية، ومن أشياء أخرى كثيرة منها ما يتعلق بالعرب والمسلمين المقيمين في أميركا ومنها ما يتعلق بالقابضين على الجمر في بلدانهم. فإلى أي حد نكون محقين في لوم أميركا على ماتفعل، وإلى أي حد يكون جائزاً لنا أن نجتهد في إقناع أميركا بأننا طيبون ولا نستحق ما تفعله بنا أبداً؟!
قد يكون صحيحاً القول أن السعي لإقناع أميركا بضرورة تغيير سلوكها تجاهنا، واعتبار ذلك بمثابة الحل السليم للتخلص من هذه المعاملة "غير اللائقة"، فيه تسليم ضمني بأبوية أميركا علينا وخضوعنا اللامتناهي لإرادتها، فذلك الحل معناه أننا رهن قناعات أميركا ورهن رؤيتها للعالم والأشياء، فإن أخطأت رأتنا على صورة غير طيبة وإن أصابت رأتنا على حقيقتنا الطيبة، فيما نحن ممن يدورون في فلكها دون حول ولا قوة، ومنتهى ما نستطيع عمله هو أن نستعطفها كي ترضى عنا. والكلام هذا لا يتعلق فقط بأولئك "المتحالفين" مع أميركا (إن جازت تسميتهم هكذا)، وإنما بالمناهضين لها الذين يركزون همهم في فعلها ورؤيتها دون أن يفكروا بإمكانية أن
يكونوا هم أصحاب الفعل ومنبعه.
"لتذهب أميركا ونظرتها تجاهنا إلى الجحيم".. هذا ما يجب أن نقوله، ذلك أن المشكلة ليست في أميركا، وإنما فينا نحن لأننا جعلنا من أنفسنا كرة يتقاذفها العالم وقواه المسيطرة: فإن شاءوا اعتبرونا حلفاء ضد بعض أعدائهم في مرحلة ما، وإن شاءوا جعلونا مثالاً للشر في مرحلة أخرى. أما لماذا جعلنا من أنفسنا ألعوبة، فلأننا ضعفاء ومتخلفين، وبكل المعاني: الحضارية والعسكرية والتنموية.
الحل الحقيقي يكمن في التخلص من مشاكلنا، ما يجبر العالم على تغيير نظرته إلينا، ويمنع أية قوة في العالم من توظيفنا في مخططاتها وفق مصالحها، ويمنع أي أمة أخرى في العالم من احتقارنا وإخراجنا من دائرة الإنسانية. ولنكن صادقين مع أنفسنا: فالأميركي في العالم يحظى بالاحترام ومهابة الجانب لمجرد كونه أميركياً ينتمي لأمة قوية ناهضة، أفليس من المنطق إذن أن ننال الاستضعاف والمهانة لمجرد كوننا عرباً ننتمي لأمة مهزومة ومتخلفة ومستعبدة؟
ما يجب قوله أيضاً أن أميركا تتصرف بدافع من مصالحها، وهي لذلك ليست مخطئة في حق أحد أبداً، لأن أية قوة عالمية أخرى ستكون في محلها، حتى لو تمثلت في مرحلة ما بنا نحن العرب والمسلمون، سيكون من "حقها" أن تفعل مثلما تفعل أميركا اليوم. نحن –إذن- المشكلة، ومنا يجب أن يكون الحل.
مشكلتنا هذه مع أميركا لا ترجع لأحداث الحادي عشر من أيلول، والاكتفاء بنسبتها لهذه الحادثة يعد خطأً تاريخياً كبيراً، كما أنها لا ترجع لانتهاء الحرب الباردة كما يحلو للبعض أن يقول أحياناً معتقداً أن أصل المشكلة هو حاجة أميركا للبحث عن عدو بعد انهيار الشيوعية، وإنما يمكن القول أنها ترجع لبداية تشكل النظام الدولي المعاصر في العالم مع نهاية الحرب العالمية الثانية، فبعد ذلك التاريخ نشأت إسرائيل، وبدأت هزائمنا، وظهر نفطنا بشكل يجعل منطقتنا مطمعاً للعالم، وهذه العوامل الثلاثة –على الأقل- كانت كافية لدفع أميركا للاستخفاف بنا كأمة، ولتشويه صورتنا عبر أفلام هوليوود التي قيل فيها الكثير، ولخلق مجمل تعاملها معنا الذي يخرجنا من دائرة البشر، فكيف إذا كنا أيضاً خاضعين للاستبداد السياسي، وغير قادرين على الابداع العلمي، وغير مكتفين في إنتاجنا الصناعي أو الزراعي رغم الثروات الطبيعية الهائلة التي نملكها، إضافة الى أننا لا نتصرف في أموالنا وعوائدنا بشكل يمكّكنا من تحقيق قفزات تنموية نهضوية كما فعلت دول شرق آسيا مثلاً؟!
نحن المشكلة ومنا يجب أن يكون الحل. أما كيف وبأية وسيلة فنحن نقترح أفكاراً كثيرة منذ نحو قرنين من الزمان، لكن بلا جدوى، لأننا وباستخدام جميع الأفكار –على تناقضها وتعددها- لم نستطع أن ننجز نهضة وعودة الى التاريخ كما ظل يأمل المفكرون الذين صاغوا تلك الأفكار. إن ذلك قد يؤشر الى أن الأزمة لا تكمن في عدم صلاحية تلك الأفكار، وأن الأمر يحتاج دراسة أخرى قد تكتشف أن الأزمة محلها البشر الذين فشلوا في تطبيق كل تلك الأفكار: إنها قد تكون مشكلة تتعلق قبل كل شيء، وعلى سبيل المثال، بالبنى الاجتماعية التي تتلقى تلك الأفكار الساعية للنهضة، فتحرفها عن مراميها، ساعية دوماً للحفاظ على شيء ما خاطئ، ما يمنع تحقيق التغيير اللازم للنهضة أياً كانت الفكرة التي وضعت في التطبيق. إننا نحتاج أولاً أن نعلق الجرس، وأن لا نخشى في الحق لومة لائم، وأن نحدد الخطأ/ الأخطاء التي انتجت مشاكلنا مع العالم حتى نكون قادرين بالتالي وبعد جهد منظم واعٍ على اختيار مكانتنا في العالم، بدل أن نكتفي بلوم الآخرين على تصرفاتهم تجاهنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترقب في إسرائيل لقرار محكمة العدل الدولية في قضية -الإبادة ا


.. أمير الكويت يصدر مرسوما بتشكيل حكومة جديدة برئاسة الشيخ أحمد




.. قوات النيتو تتدرب على الانتشار بالمظلات فوق إستونيا


.. مظاهرات في العاصمة الإيطالية للمطالبة بإنهاء الإبادة الجماعي




.. جامعة جونز هوبكنز الأمريكية تتعهد بقطع شراكاتها مع إسرائيل م