الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حنطوشية / درب الجمعة

سلمان عبد

2016 / 12 / 11
كتابات ساخرة






في اواخر الاربعينيات ، كنت اعيش طفولتي في مدينة " شثاثة " عين التمر حاليا ويمكن تصورحال المدينة البائس في ذلك الزمن ، بالرغم من كثرة بساتينها الرائعة و انتشار " عيون " المياه الجميلة بمناظرها الخلابة ، وخُضرها وفاكهتها الممتازة ، لكن معيشة اهل المدينة متدنية جدا ، الى درجة الكفاف ، حالها حال المدن الريفية العراقية في ذلك الزمن ، لكن اهل المدينة اناس على درجة كبيرة من الطيبة وبسطاء ومسالمين ولم يحدث ان شهدت عراكا طوال فترة وجودي في المدينة اطلاقا .
في كل يوم خميس ، عصرا ، كانت تاتي ثلة من النساء والشباب والصبيان الى " درب احمد بن هاشم " او ما يسمى بـ ( درب الجمعة ) ويقع شمال المدينة ، وهو الطريق الذي يربط مقام احمد بن هاشم بها ، وكان هذا " الدرب " يعتبر كمتنفس لاهل المدينة يلتقطون فسحة من الوقت للمرح والتخفيف من ضغوط الحياة القاسية ، وكنت ترى حلقات من النساء هنا وهناك ، وكذلك الشباب ، فلهم مجاميعهم الصغيرة الخاصة ايضا ، وكانوا يمرحون ويتمازحون ويتبادلون الظرف ، وعندما دخلت " البايسكلات " المدينة كانوا يتجمعون ويجرون مباريات سباق فيما بينهم ، ومن الاشياء التي لازلت احتفظ بها في ذاكرتي ، هو " مواعين التمن " وهي نذور تجلبها النساء الى الدرب ، فنتزاحم نحن الاطفال على هذه الصحون ونلتهم ما فيها بثوان ، وكانت عائلتي مثل اغلب العوائل لا تتذوق التمن الا بالشهر مرة او مرتين ومن انواع ليست جيدة " شمبة " او " انعيمة " ولا وجود لتمن العنبر اطلاقا ، وعندما اجيء لبيت جدي في كربلاء تحرص جدتي على طبخ التمن يوميا مع المرق اكراما لجنابي ، ومرة نذرت امي نذرا لاربعة " جمع " متتالية وقد عهدت لي بتوصيل المواعين للآكلين في درب الجمعة ، وعَرف بذاك صديقي " حسون " واتفق معي ان ناكل الماعون سوية بمنتصف الطريق دون اخذه لدرب الجمعة ، فيقاسمني الماعون الذي تنذره امه معي حين يكون الدور عليه ، دون الحاجة للذهاب الى الآكلين ، وفعلا تقاسمنا " مواعيني " الاربعة ، خميس بعد اخر ، ولم يحدث ان نذرت امه اطلاقا ولم اتذوق " تمنهم " ابدا ، وكانت خديعة ، وتدور الايام ويصبح صديقي من الاثرياء ، وكنت كلما التقيه اطالبه بحقي المغتصب فكان يقول لي :
ـــ انت كمش
كان شاطرا وانا كنت من ( المضحوك ) عليهم فانتميت بقوة من يومها الى طبقة " المكاريد " وانتسب هو لطبقة الفايخين لحد هذه الساعة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي


.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال




.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81


.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد




.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه