الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا بعد تامالت؟

ماجيد صراح

2016 / 12 / 12
حقوق الانسان


توفي البارحة، الأحد 11 ديسمبر، الصحفي و المدون محمد تامالت بمستشفى باب الواد بعد أن دخل في إضراب عن الطعام تنديدا باعتقاله شهر جوان من هذا العام أثناء عودته للجزائر من بريطانيا أين كان مقيما، و الحكم عليه بعامين سجنا نافذا و ذلك بتهمة الإساءة لرئيس الجمهورية و اهانة هياءات نظامية و ذلك بما كان ينشره على موقعه "السياق العربي" و على حسابه في الفايسبوك.

حتى و لو كان و قع الصدمة قويا على الجميع، فوفاة صحفي بالسجن بالجزائر بهذه الطريقة هي الأولى منذ الاستقلال، لكن علينا أن نقف للتساؤل حول الأسباب التي جعلت من صحفي يموت في السجن بجزائر 2016، كي لا تتكرر مثل هكذا حالات و كي نتذكر أولئك الذين لا زالوا يقبعون في السجون بسبب جملة أو صورة نشروها على الانترنيت و التي اعتبر القضاء أن فيها إساءة لرئيس الجمهورية أو السلطات أو إساءة للدين الإسلامي. ممكن أنه لن يختلف اثنان على أن ما كان ينشره تامالت على موقعه و على حسابه بالفايسبوك لم يكن عملا صحفيا موضوعيا بل كان فيه فعلا إساءة للمعنيين، لكن هل ما نشره في موقعه - الذي لم يكن يطلع عليه أحد قبل الحادثة- كان يشكل خطرا أو تهديدا لأي كان؟ و هل تلك المنشورات كانت تستحق أن يسجن بسببها و من ثم يموت بهذه الطريقة؟

لن أتحدث كثيرا عن مسؤولية السلطة في القضية، فباستثناء الحرج الذي وقعت فيه، فوفاة تامالت تصدرت الصفحة الأولى للصحف الوطنية و أصبحت حديث الصحافة الدولية، فهي و بمنظارها ترى سجن شخص أساء لها أمرا عاديا، فهو يدخل فيما اعتادت القيام به من قمع لحرية التعبير لإسكات الأصوات المعارضة و المنتقدة لها.

فقبل أمس فقط و في اليوم العالمي لحقوق الإنسان قامت بمنع ترخيص للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان لتنظيم محاضرات لإحياء هذا اليوم و قمع وقفات للمطالبة باطلاق سجناء سياسيين و أخرى للمطالبة ب"الحقيقة" من طرف عائلات المخطوفين. و حتى رئيس الهيئة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، المؤسسة التابعة للسلطة التي كلفت بأن تذكر و أن تلفت نظر السلطات لانتهاكات حقوق الإنسان، رئيسها و في حوار صحفي حول اللاجئين القادمين من الدول الإفريقية هربا من الحروب و الفقر قال أن هؤلاء "كثروا علينا بزاف" و ذهب لاتهامهم بنشر السيدا و الأمراض الجنسية وسط الجزائريين و طالب السلطات بترحيلهم.

ما تسبب في وفاة تامالت و يتسبب في تعرض الكثيرين للمضايقات بسبب آراءهم و في تراجع الحريات بالجزائر، هو تراجعنا كمواطنين عن ممارسة مواطنتنا و الدفاع عن حرياتنا و حقوقنا، و غياب التضامن و التآزر فيما بيننا. في الثمانينات و أثناء الربيع الأمازيغي الذي عاشته منطقة القبائل، كان يكفي لأية عائلة من عائلات ال 24 سجين رأي في هذه القضية الدخول لأي دكان شاءت بهذه المنطقة و ملء ففتها دون دفع سنتيم واحد، هذا كمثال بسيط عن الدعم و المساندة الذي كان يتلقاه المناضلون و عائلاتهم من طرف المجتمع، هذا اظافة إلى ما كان ينظم من طرف من مسيرات، تجمعات، عرائض و عديد التحركات التي و إضافة للمواطن البسيط، فقد عرفت دعم و مساندة المثقفين و السياسيين و الجامعيين و الفنانين.

كل هذا اختفى في وقتنا الحاضر، فالجمعيات و الأحزاب السياسية التي كانت لتؤطر كل هذا ضعفت، و مثقفونا الذين كانوا ليساندوا و لينشروا الوعي في المجتمع إن لم يضعوا أنفسهم تحت تصرف النظام، فإنهم يلتزمون الصمت و يكتفون بالتفرج من فوق أبراجهم العالية، الوضع الذي دفع بالصحافيين و المناضلين التراجع عن الدفاع عن الحقوق و الحريات ما دام أقصى دعم يمكن أن يتلقوه ليس أكثر من "هاشتاق" على شبكات التواصل الاجتماعي أو وقفة رمزية، فالجميع يقول "المهم تخطي راسي".

اليوم و بعد أن حدث ما لا يمكن تصحيحه مع تامالت، نحن بحاجة كمواطنين أكثر من أي وقت مضى أن نعلن مدى تمسكنا بحرية الرأي و التعبير و استعدادنا الدفاع عنه و الدفاع عن أولائك الدين يملكون الجرأة ليكونوا صوت من لا صوت له.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ميقاتي: نرفض أن يتحول لبنان إلى وطن بديل ونطالب بمعالجة ملف


.. شاهد: اشتباكات واعتقالات.. الشرطة تحتشد قرب مخيم احتجاج مؤيد




.. رغم أوامر الفض والاعتقالات.. اتساع رقعة احتجاجات الجامعات ال


.. بريطانيا تبدأ احتجاز المهاجرين تمهيداً لترحيلهم إلى رواندا




.. جولة لموظفي الأونروا داخل إحدى المدارس المدمرة في غزة