الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وجهة نظر شخصية حول المؤتمر المزمع انعقاده في 24/12//2016

علي سيدو رشو

2016 / 12 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


للشعوب القليلة العدد التي تعيش ضمن الأكثريات وتشعر بأنها لم تحصل على مستحقاتها الدستورية والقانونية الحقيقية من جانب الاكثريات، الحق في القيام بأي نشاط لكي تعزز من الحفاظ على وجودها بسبب ذلك الإهمال من قبل الأكثرية، سواء كان ذلك التقصير متعمداً أو كناتج عرضي لما تفرزه الأحداث وبخاصة إذا ما شعرت تلك الأقليات بالغبن الواضح وزيادة الشعور بالتهجين والذوبان. فقد يكون هذا الحق بالقيام بنشاط سياسي من خلال عقد مؤتمرات سياسية أو عن طريق تشكيل الجمعيات المدنية أو إقامة المظاهرات أو الشكوى لدى الجهات الدولية لكي تسعى الحصول على مستحقاتها لتؤمن لها التواصل والبقاء.
هنا سوف لن نأتِ على ذكر التاريخ الأسود الذي عاني منه الشعب الإيزيدي على مر التاريخ، ولكن من حق هذا الشعب أن يكافح لكي يؤمن له البقاء بعد أن قدّم قوافل من الضحايا وتعرّض إلى ما يعجز عنه اللسان في التفنن بالجريمة بمختلف الاشكال والالوان. فلا يُعقَل أن قدم الإيزيديون كل هذه التضحيات من أجل لاشيء. ولا يعقل أيضاً بأنهم قدّموا جميع تلك الضحايا من دون الإيمان الكامل بحقيقة هويتهم المميزة عن الآخرين. كما لا يُعقل بأن الآخرين فعلوا معهم كل ذلك الفعل الشنيع بمعزل عن الاخرين من جيرانهم بدون سبب. لذلك فإنه من حقنا أن نفتش عن الأساليب والمقومات التي تقينا من التلاشي والذوبان والانصها، حتى وإن لم تتماشي مع رغبة الآخرين.
لقد قدّم الشعب الإيزيدي ما يمكنه من الدعم للسياسة الكردية بجميع أشكاله منذ تأسيس الحركة الكردية المطالبة بحقوق الشعب الكردي، وعلى ذلك الأساس انتظر هذا الشعب بعد عام 1992 وعلى مدى سنوات من الحكومة الكردية عقب العديد من الشكوك على الجانب الإيزيدي التي أصبحت مع الأيام، مع كل الأسف، إلى حقائق على الأرض ليتأكد الإيزيديون بأن السياسة الكردية لم تكن معهم على ود. بمعنى أن السياسة الكردية بدلا من أن تساندهم، أتت بويلات لم يعهدها الإيزيديون على مدى أكثر من قرن من الزمان. وبالتالي فمن حقهم التفتيش عن طرق وأليات معينة أخرى للإفلات بما يمكن من المتبقي ليحافظوا على أصالتهم من التهجين والتبعية وفرض الرأي بالقوة.
إلا أننا وبخصوص المؤتمر المزمع إنعقاده في 24/12/2016 فإنها فكرة تستحق الاحترام للقائمين عليها لما بذلوا من جهود محاولين لم الشمل الإيزيدي بالأتفاق على الحد الأدنى، بأنه أقل ما يقال عنها بأنها موفقة فيما لو كانت مدروسة أكثر. فمنذ بداية أحداث الثالث من آب/2014 المشؤوم، قلنا لا ضير في أن نتآخر بعض الزمن، ولكن ليكن هذا التأخير لصالح دراسة وتقييم شامل لما حصل من كوارث وإعادة رسم سياسة جديدة مبنية على الدراسات الذاتية والموضوعية لكي نتفادى تكرار هذه المآسي. كتبت بهذا المفهوم أكثر من مرة، والتقيت بسمو الأمير تحسين بك قبل الكارثة وبالتحديد في 3/5/2013 وحذّرته من كارثة تنتظر الايزيديين ضمن هذا المسلسل الدامي في الشرق الأوسط ولكن للاسف لم تؤخذ فكرتي منه على محمل الجَد. كتبت لمفهوم الهوية الايزيدية كما هم غيري من الباحثين والنشطاء ولكن للاسف لم تتبلور فكرة للمزيد من الدراسة والتعمّق لكي نؤسس لفكر موحّد يصب في خدمة تعزيز عوامل تحديد الهوية الاثنية والعرقية للإيزيديين لنخلصهم من هذه التبعية والتهجين (الكرد الإيزيديين).
مأخذي على هذا المؤتمر هو تقزيم الهوية الإيزيدية في "التأسيس لفكر قومي مجرد" بدلاً من التأسيس للهوية الإيزيدية المستقلة بناءاً على معطيات مدروسة على أنهم شعب قائم له من المقومات ما يثبت ذلك وبالتالي سيكون ذلك حلاً ضمنياً مقبولاً للتخلص من الهيمنة القومية وفرض الإرادة بالقوة. إن إطلاق مفهوم الفكر القومي المجرد سيخلق جبهة إيزيدية معارضة نحن في غنى عنها. وكان بالامكان تفادي هذه النزعة (المثلمة)، فيما لو كان إنعقاد المؤتمر تحت أسم (تقييم واقع حال الإيزيدية بعد عام 2003)، وبذلك كان سيؤسس لفكرة الهوية الإيزيدية على أنها أستحقاق إنساني بعد طول معاناة من القتل والسبي والتهجير التي كادت أن تمحيهم من الوجود وكانت ستكون من الأسباب الكافية والمقنعة لعموم الإيزيديين قبل غيرهم، خاصة بعد الموجة الأخيرة من الإنتقادات لتصريح النائبة فيان دخيل (في مقابلتها مع قناة الشرقية)، وموقف منظمة يزدا الإيجابي من الهوية الإيزيدية من خلال بيانهم الرسمي، وكذلك الموقف الإيجابي للشارع الإيزيدي العام على أن الإيزيديين شعب لهم من المقومات في اللغة والدين والتاريخ والجغرافية والعادات والتقاليد والتراث ما يكفي لتأسيس قناعة لدى عامة الإيزيديين ومن ثم لفرضه على الآخرين ليتم القبول بها عاجلاً أم آجلاً من خلال دعم الفكرة بالمزيد من المؤتمرات والنشاطات السياسية والمدنية في دول العالم المختلفة وكسب الظهير المناسب من التاييد والتعاطف الدولي. أتمنى من القائمين عليه أن ينتبهوا إلى ما ننصحهم به. مع الاحترام.

علي سيدو رشو
المانيا في 12/12/2016








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الألعاب الأولمبية باريس 2024: إشكالية مراقبة الجماهير عن طر


.. عواصف في فرنسا : ما هي ظاهرة -سوبرسيل- التي أغلقت مطارات و أ




.. غزة: هل بدأت احتجاجات الطلاب بالجامعات الأمريكية تخرج عن مسا


.. الفيضانات تدمر طرقا وجسورا وتقتل ما لا يقل عن 188 شخصا في كي




.. الجيش الإسرائيلي يواصل قصف قطاع غزة ويوقع المزيد من القتلى و