الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هديل سيدة حرة للروائي المغربي البشير الدامون.

مولاي عبد الحكيم الزاوي

2016 / 12 / 13
الادب والفن


"هديل سيدة حرة" البشير الدامون.
ذ: مولاي عبد الحكيم الزاوي
لطالما توسل الأدب بالتاريخ، ولطالما اعتبر التاريخ هو كذلك سردا ودراما، شدتهما علاقة قرابة امتدت لعهود طويلة، إلى أن فرضت عليهما ابستمولوجيا القرن التاسع أن يستعجلا بإعلان وثيقة الطلاق، تحت وقع مدرسة تاريخية فرنسية، أسسها شارل سينوبوس وفيكتور لانغلوا، صاحبا كتاب مرجعي في ابستمولوجيا التاريخ "مدخل إلى الدراسات التاريخية"، حيت نافحا عن ضرورة تسييج المعرفة التاريخية من الدخلاء، ونقلها من الهواية نحو التخصص، فظن البعض أن بهذه المحاولة الجريئة، تم تشييع الأدب إلى متواه الأخير، وفُصِل التاريخ عن الأدب، ليخرج الفيلسوف الفرنسي بول ريكور، في لحظة تصادم علني مع عَرَّابي الحوليات الفرنسية، زمن الانتشاء بالنصر الاعلامي على مختلف مباحث العلوم الانسانية، منافحا عن مركزية السرد في كتابة التاريخ، وأن التاريخ لا يعدو أن يكون في العمق سوى سرد وحبكة مُقنَّعة بالتاريخ. وحديثا، ثمة من يعاضد بالقول أن التاريخ هو الابن العاق للأدب، أو العكس، تبعا لانهجاسات الانتماء وذاتية التخصص، التي تصرفنا خارج مدارات التناهج البروديلي، وبين التاريخ والأدب، تطفو على السطح ذوات تعتصر ألما، تستعطف بالحكي علّها تشفى من انجراحات الماضي، من ذاكرة موشومة بالعنف والعنف المضاد، بقناع الدين المصطنع.
يعود صاحب "سرير الأسرار" و "أرض المدافع" الروائي المغربي البشير الدامون، برواية جديدة، غاية في الابداع والامتاع، تنبش في مطمورات التاريخ الدفين، من ومضة تتدفق من تاريخ الصراع الديني بين "دار الكفر" و"دار الاسلام"، بين المغرب والممالك الايبرية، لحظة الاقتتال الديني، بايعاز من الكنيسة الكاتوليكية، ليستعيد شريط الذكريات، من خلال سيرة إمرأة صنعت تاريخ المغرب بنون النسوة "السيدة الحرة" التي أدرجتها أدبيات التاريخ في منزلة الانسانة القوية والمجاهدة التي تزن بألف رجل.

حاكمة تطوان، المجاهدة والعاشقة، تحضر في رواية البشير الدامون كإنسانة رقيقة وجميلة، غارقة في علاقات العشق والغرام، مكتوية بهُيام الحب والفراق، مُرهفة الإحساس، يعتصر داخلها، لوعة الحب وذئبوية الحروب.
"هديل سيدة حرة" رواية تحكي عن أميرة استثنائية في التاريخ العربي والانساني، تحمَّلت شوائب الحكم، في زمن تكالبت فيه المصالح الأروبية والعثمانية والصراعات الداخلية على بلدها وأهلها.
كانت ملزمة لمواجهة حرب فُرضت عليها، حتى لا تُقتل أو تسبى مع أهلها، وكلما عقدت العزم للدفاع والجهاد إلا واعترضت طريقها أمها التي كانت مسيحية الديانة قبل أن تسلم وخاطبتها:
كيف تخرجين لقتال أبناء خالاتك وأخوالك؟
رواية عن مسار الأميرة المتفرد، عن علاقاتها بالحرب والقراصنة والبحر والتجارة والعمران والارث الأندلسي، عن تمردها وأفراحها، حبها وخيباتها، وعن حلم لقائها بحمامة بيضاء، لم ترجع بعد، ونحن ملزمون بانتظارها، املا في تحقيق سلام مفقود.
حكاية عن أميرة شاهدة على مدى بشاعة حرب شرسة ظالمة مقنعة بتلابيب الدين، قادت المعارك وانتصرت، إلا أنها ظلت أثناء رحلتها المريرة تعاني من "هزيمة ما بعد الانتصار".
إنها رواية أميرة جديرة بحق بحمل اسم "السيدة الحرة"، تحكي بجمالية شاعرية قصة إنسانية، أو لنقل أمل حاكمة رأت نفسها حمامة تبحث عن سلام مفقود بين حرب طاحنة، وحلم لبناء مجتمع راقي رغم كيد الزمان، السيدة الحرة التي ولهت بحكاية جدتها ،عندما كانت طفلة ،حول تلك الحمامة القادمة ،سترحل ولكن بعد أن ترمي بنفس الحلم إلى حفيدتها وتقول لها :"ثابري على الحلم فناموس الحياة وعدنا بأنها ستحضر، ستنطق وحيا ليحرر الإنسان مما يكبل به صدره من أحقاد وخدع".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بحضور شيوخ الأزهر والفنانين.. احتفال الكنيسة الإنجيليّة بعيد


.. مهندس الكلمة.. محطات في حياة الأمير الشاعر الراحل بدر بن عبد




.. كيف نجح الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن طوال نصف قرن في تخليد


.. عمرو يوسف: أحمد فهمي قدم شخصيته بشكل مميز واتمني يشارك في ا




.. رحيل -مهندس الكلمة-.. الشاعر السعودي الأمير بدر بن عبد المحس