الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ديمقراطية الرمز والسلاح

فراس جابر

2006 / 1 / 6
القضية الفلسطينية


طبيعة المجتمع الفلسطيني، وشروط وجوده مختلفة جوهرياً عن باقي المجتمعات الأخرى، جزء أساسي من هذا الاختلاف هو الاحتلال الإسرائيلي للمجتمع على مدار تاريخه المعاصر، وطبيعة الصراع مستويات مختلفة في حياة المجتمع وأفراده، وبناء مؤسساته، ويتميز هذا المجتمع كذلك في الممارسة الديمقراطية التي جرت مؤخراً، التي أفرزت نوعين من الممارسة تصنف بجدارة "فلسطينية"، وجزء من هذا التميز احتكار فصيل فلسطيني لكل نوع ممارسة، فحركة حماس تحتكر "ديمقراطية الرموز"، بينما تحتكر حركة فتح "ديمقراطية السلاح".
حيث اتضح أن سعي حركة حماس الدؤوب للسيطرة على المجالس البلدية والمحلية، ومن ثم المجلس التشريعي مر عبر صناديق الاقتراع، لكن هذا ما يسمى بالإجراء الديمقراطي، لكن ممارسة حركة حماس للديمقراطية تم عبر استخدامها المكثف للرموز، ويقصد بها المعاني والصور التي تحمل معانياً رمزية سواء دينية و/ أو عاطفية تؤثر على وجدان الناخب و"ضميره" أكثر مما تؤثر في عقله وفكره، وبالتالي طرحت شعارات انتخابية مثل "صوتك أمانة" و"الإصلاح والتغيير" وغيرها من الشعارات الانتخابية التي ازدانت بها الشوارع الفلسطينية، لكن هذه الشعارات لم تفسر على أرضية العمل نفسه، فما هو المقصود بالإصلاح هل هو الإصلاح المؤسساتي لوزارات السلطة والمجالس البلدية بناء على معايير إدارية نزيهة؟ أم هو ذلك الإصلاح الديني المقصود بتعديل بنية المؤسسات، وتغيير التشريعات لتناسب الطرح الديني للحركة؟
استخدام الكلمات التي تحمل معاني رمزية مؤثرة في سياق الدعاية الانتخابية، كان بجدارة استخداماً حمساوياً، وعدم وضع هذه الشعارات موضع التطبيق كذلك الأمر، بما أبقى الباب موارباً أمام تفسيرات لاحقة تتبناها الحركة، وقد حدث أمامي أن طلب أحد المحسوبين على حركة حماس من أحدى النساء التصويت لحركة حماس بما أنها "تصلي وتصوم"، بما عناه أن ترجمة العبادات هي حق لحركة حماس، وليس لسواها، وبالتالي يعني هذا امتلاك الحركة "لصكوك الغفران" في حال صوت لها على أرضية شعار "صوتك أمانة تحاسب عليه يوم القيامة"، وليس أرضية الكفاءة والنزاهة وخدمة المجتمع.
من ناحية أخرى برزت ممارسة فريدة للديمقراطية تمثلت في "ديمقراطية السلاح" وهي امتياز لحركة فتح، وبرزت تحديداً بعد إجراء قسم من الانتخابات الداخلية للحركة، واحتجاج عناصر من الحركة مزودين بشرعية "المقاومة" وحمل السلاح للاحتجاج على نتائجها، وذهبت الأمور إلى التهديد بحرق وتخريب المقرات العامة، واستكمل الاحتجاج في الإعلان عن القائمة الرئيسة للحركة والاحتجاج عليها بنفس الطريقة لأنها حجبت مرشحين مسلحي فتح، والمشكلة بهذه الديمقراطية أن بعض الناخبين قد ذهبوا للتصويت لهم على أرضية أن امتلاك السلاح والقوة يجب أن يكافأ، بالرغم من أن هذه الانتخابات يفترض أن تنتج مجالس وأعضاء مؤهلين لعملية الإدارة والتشريع، وبناء مؤسسات فلسطينية على أرضية صلبة تخدم الجميع، وليس على أرضية امتلاك القوة وتماهي الناس مع هذه القوة.
ويجدر التوضيح هنا أن للمقاومة لها حق شرعي تاريخي بالوصول للسلطة، واختيار مرشحيها لكن عبر عملية ديمقراطية وممنهجة تتم من خلال الأحزاب، وليس عبر امتلاك أفراد لشرعية السلاح والمقاومة، لأن المجتمع الفلسطيني هو مجتمع مقاوم بامتياز، وبالتالي الادعاء بالمقاومة ينتفي لأن الجميع يمارس هذه الحالة بأشكال مختلفة.
بين هذه الديمقراطية وتلك يجب الوصول إلى قناعة بأن احترام عقول الناس، والعمل على تغيير الواقع بما يصلح من حالنا الداخلي هو المعيار الأساس للاختيار والانتخاب، والخيار في النهاية هو لكل مواطن فلسطيني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس التنفيذي لدائرة الحلول منخفضة الكربون في -أدنوك-: أسو


.. الجزيرة ترصد مبنى الشركة المتهمة بتصدير أجهزة البيجر التي ان




.. الإعلام الإسرائيلي يناقش تداعيات اغتيال القيادي بحزب الله ال


.. تصعيد إسرائيلي ضد حزب الله.. هل نشهد غزة جديدة في بيروت؟ | #




.. الرئيس التنفيذي لدائرة الحلول منخفضة الكربون في -أدنوك-: نست