الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جحيم الصمت / قصة قصيرة

محمد الطيب بدور

2016 / 12 / 16
الادب والفن


لم تمر الا أشهر قليلة على زواجهما..صابر و ملاك...تحملا الكثير من معارضة أهلها ...لم يكن من السهل القبول بأن يتزوج شاب لا يملك من متاع الدنيا الا عملا وقتيا بفتاة تشتغل موظفة باحدى الشركات الخاصة ...لكنها تمسكت به بعد صبر طويل ...فقطار الزواج لا ينتظر المترددين..حتى أن زواجهما تم دون
أن يحضر أحد من أهله...فكل علاقاته اقتصرت على البعض من أصدقائه و عائلتها..و لم تعر هي لذلك اهتماما كبيرا ....
و فجأة...بدأت أشياء تتغير...لاحظت وجومه و اختلاءه بنفسه ...حتى أنه لم يعد يسيطر على انشغاله وشروده...و يكتفي بالابتسام ويطمئنها ...و أن لا شيء يقلقه...فقط هي مشاغل العمل و المستقبل...لكن الأمر تواصل..و لم يستطع مداراة هواجسه و اضطرابه...بل أصبح ينعزل لفترات طويلة يعالج هاتفه الجوال...و يحرص على أن لا يفارقه...لم يعد يهتم ان كانت زوجته تقلق لتغيره الفجئي..و اكتفت بعد يأسها بالحلوس الى جانبه متأملة ملامحه ...و في عينيها نظرات عتاب و حيرة...لم يكن يطيق اصرارها..يغادر المكان ليتركها لهواجسها.....
كان ما يقلقها أكثر اصراره على الاختلاء بنفسه للرد على البعض من المكالمات..لم تسأله لكنها أصبحت تكتوي برنين الهاتف. و بزفراته و تنهيده و هو يكابد الأرق..مواقف حسماها بالصمت ......
و ذات مساء...فاجأته بحضورها و هو يرد على مكالمة...لم تفهم فحواها...أغلق الجهاز و نظر اليها كأنه يتوسل اليها ...مسح بعينيه الغرفة...ثم تناول البعض من ملابسه...و حقيبة السفر...لم تطق ما يحدث...تناولت يديه لاثنائه... و طلبت تفسيرا ...و انهمكت في حديث حول علاقتهما...و ما الذي سيقدم على فعله و هو الصامت دائما...و ما الذي حصل ؟ و هل هو عازم على تركها ؟
اكتفى بالنظر اليها في حسرة و توسل...تحسس هاتفه...تناول الحقيبة و قال : سأتصل بك...و غادر المنزل...لم تصدق ما حصل...اتبعت خطاه...و صوتها يردد...ماذا حدث ؟ لماذا تتركني ؟ و أين سأجدك ؟ و رأته يختفي مع غروب الشمس دون أن يلتفت...عادت أدراجها...تسائل نفسها دون اجابة.....
و لم تنفك في الأيام الموالية عن الاتصال به...كان يجيبها باقتضاب...هي لا تعرف حتى مكانه...لكنها سمعت و هي تخاطبه جلبة و صوت امرأة و كأنه آت من بعيد...ارتبكت و طلبت منه توضيحا...لم يهتم لطلبها ...لكنها أصرت على معرفة ما يحدث...فحصلت منه على عنوان بمدينة مجاورة....و باتت ليلتها تتقلب ...تعد لمواجهة محتملة...كيف له أن يكافىء تضحياتها و تمسكها به بهذه الطريقة ؟
لم تنم الا قليلا...قصدت محطة القطارات منذ الصباح الباكر...و عند النزول تناولت العنوان و أمدت به سائق التاكسي ...و أمام منزل بالطابق الأرضي...أعدت نفسها لمفاجأة قد تعصف بحياتها الزوجية ...طرقت الباب....و سمعت خطى تقترب...فتح زوجها الباب...و دون أن تهتم به...أو تنظر اليه...شقت بهوا و أخذت تنظر الى الغرف....تبعها و قد أدرك لهفتها ...أمسك بذراعها و توجه بها الى غرفة
في آخر البهو...هناك رأت امرأة ممدة على سرير..تتنفس بصعوبة تحيط بها نسوة و بعض الرجال..تجلس بجانبها ممرضة....تسمرت في مكانها...و نظرت اليه....قال..أمي..أخرجتها منذ أيام من دار المسنين...هي في آخر أيامها...لم أكن أعلم أن أخي أودعها دار المسنين منذ فترة ....في هذه المدينة تتوفر كل الخدمات الصحية...
هل كان من الضروري أن تعلمي أن العالم ضاق بأمي...؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??