الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطريق نحو إصلاح الدولة و إرساء ديموقراطية الحكم في مصر المحروسة

أسعد أسعد

2006 / 1 / 6
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


الأحداث و التطورات السياسية التي مرت بها مصر خلال السته أشهر الماضية لا شك أنها أيقظت إلي حد ما الروح السياسية التي كانت نائمة عند معظم المصريين بسبب عصر الإحباط الطويل الذي مرت به مصر و خاصة بعد الانتكاسة السياسية التي أعقبت انقلاب يوليو 52 العسكري الذي عقد المصريون عليه آمالا كبارا في إصلاح أحوال البلد إلا أنه إنقلب إلي نظام دكتاتوري بوليسي و مجرّد بديل و وجه آخر للحكومات الفاسدة و الطغيان السياسي و للإحتلال العسكري الذي تحوّل من احتلال بالجيش الإنجليزي إلي احتلال بالجيش المصري
و لقد عاشت البلاد خلال الخمسة عقود الماضية في تدهور مستمر بسبب استبدادية الحكم العسكري و تأليه الفرد و انتشار الفساد الإداري في مرافق الدولة سواء عن جهل أو عن عمد فظهرت أعراض و نتائج هذا الفساد في الإنهيار الإقتصادي المتمثل في الغلاء الفاحش و تدهور الخَدمات و المرافق العامة . كُل هذا ظاهر في الإحصائيات و الميزانيات المنشورة بمعرفة الحكومةالمصرية و لا يحتاج إلي مناقشة أو إثبات
وحتي لا أكون متحاملا و أنا أتقدم أكثر في هذا المجال فأنا أقول إن عدم خبرة الحاكم العسكري بأساليب الحُكم السياسية المدنية هي من أهم أسباب فشل حُكمه و أيضا فإن مفهوم و نظام الحُكم الموجود و المتوارث و هيكل تركيب الدولة و الحكومة قد أدي إلي قلب موازين الأمور فبدلا من أن يكون الشعب سيدا علي الحكومة أصبحت أو قل استمرت الحكومة تُمارس سيادتها علي الشعب بنفس الإسلوب المتوارث فإذا أضيفت إلي ذلك طبيعة الحاكم العسكري الذي أتي إلي الحكم علي ظهر دبابة فإن النتيجة التي نعيشها جميعا إنما هي مسألة كانت حتمية
و الرؤية التي أريد أن أوضحها للقارئ هي أن مفهوم الحكم في عقلية الحاكم المصري حتي الآن هي أن الحُكم هو التّحكم و التسيّد و ليس الخدمة و الإدارة و هي ثقافة متوارثة في عقلية الحاكم من عصور سابقة و المتمثلة في دكتاتوريته التلقائية . و من جانب آخر فالحكم أيضا في عقلية الشعب متمثل في خضوعه أو خنوعه و استكانته و استسلامه لعقلية القدرية فإن الخوف من فشل الحاكم كان و ما زال يعبّر عنه باللغة الدارجة "مش ها يعرف يمسك البلد أو مش ها يعرف يحكمها" أو عند نجاح الحاكم كان يشار اليه بانه "دا حاكم البلد و ما سكها تمام"
و الفرق بين أن تكون الحكومة إدارة أو أن تكون الحكومة حاكمة كبير جدا فالحُكم يجب أن يكون أولا و أخيرا في يد السلطة التشريعية المتمثلة في مجلس الشعب أما الحكومة بمختلف مستوياتها فهي تؤدي دور الإداري التنفيذي الذي يطبق و ينفذ القوانين التي يُصدرها و يسنّها مجلس الشعب و يعمل مجلس الشعب علي مراقبة أداء الحكومة بمختلف مستوياتها لهذه المهمة . و أنا ساناقش هنا عمليتين أساسيتين جرتا عقب انتهاء الإنتخابات الأخيرة و هما تشكيل الوزارة الجديدة ثم تعينات المحافظين
فقد تم تشكيل الوزارة الجديدة بعيدا عن مجلس الشعب و قبلها كان قد تم أيضا دمج وزارات و استحداث أخري بجرّة قلم في غياب تام لأعضاء مجلس الشعب و بالتالي فقد أتت الوزارة الجديدة و معها انتقادات عديدة علي تشكيلها أهمها إعادة تعيين السيد حبيب العادلي في منصب وزير الداخلية و هو الوزير الذي وصفته العديد من الصحف انه في عهده قد صارت الشرطة لقهر الشعب بدلا من أن تكون في خدمته و أوّل ما أهداه السيد حبيب العادلي إلي المجتمع المصري و الدولي هو مذبحة اللاجئين السودانيين مرسِلا بهذا رسالة إلي المعارضة المصرية في إسلوبه في التعامل مع المظاهرات و التجمعات و هو يعمل بالمثل الشعبي المصري القائل "اضرب المربوط يخاف السايب"
و المعمول به في الدول الديموقراطية إن أي تغيير في نظام الحكومة لابد أن يكون بموافقة مجلس الشعب أي اللجنة المختصة بهيكلة الإدارة الحكومية و بروتوكولات عملها ثم كل وزارة لابد أن يكون لها مجموعة أو لجنة في المجلس تراقب عملها مثل وزارة الدفاع ووزارة الشؤن الخارجية و وزارة الصحة و وزارة التعليم و ما إليه... كل هذه لها لجان في مجلس الشعب فلا بد أن يعرض رئيس الجمهورية أسماء مَن يختارهم علي المجلس بما فيهم اسم رئيس الوزراء نفسه و يتم مقابلة كل مرشح لأي وزارة و مناقشته في برنامج عمله و خلفيته السياسية لتقرير عمّا إذا كانت اللجنة توافق عليه من عدمه و بعد الموافقة يصدر قرار جمهوري بتعينه أو إذا رفضته اللجنة فيرشّح رئيس الجمهورية اسما بدلا منه و هكذا يكون للشعب سلطة حقيقية في اختيار إدارييه و كل وزير يحاسَب عن عمله في جلسات استماع دورية
أما تعيين المحافظين بواسطة رئيس الجمهورية فذلك امتداد للإسلوب الدكتاتوري لأن المحافظين المعينين سيمثلون سلطة رئيس الجمهورية لا سلطة الشعب فهم مجـرّد ولاة علي غرار النظام التركي القديم يمثلون سُلطة الباشا الخديوي و ليسوا خُدّاما إداريين منتخبين ليمارسوا إدارة مصالح الشعب في منطقة محافظاتهم فهذه صورة صارخة للدكتاتورية و عدم السماح للشعب بممارسة حكم نفسه بنفسة و هي تثبيت لسيادة دكتاتورية رئيس الجمهورية علي الشعب الأمر الذي يجب أن يتغير فورا لذلك أنا أطالب بأن يتم اختيار المحافظين بالإنتخاب المباشر كُل في محافظته و أن يكون مجلس المحافظة بالإنتخاب المباشر صورة مصغرة لمجلس الشعب و هكذا مجالس المدن و مجالس القري . و عدد أعضاء هذه المجالس يحدده احتياج كل وحدة محلية بالمحافظة
وهذا ليس كل شئ لكن هذين الأمرين إذا تم تطبيقهما سيمثلان نقطة تحول كبيرة في إدارة الدولة و الحكومة المصر ية ثم يأتي بعد ذلك تسليم السلطة و المرافق و الميزانية و الضرائب المحلية في كل محافظة إلي شعبها و هي الخطوة الواسعة في طريق الديموقراطية الحقيقية
ثم نأتي إلي رؤية كيفية تنفيذ هذا الحلم في الظروف الحالية فالمحور الأوّل هو الأحزاب السياسية التي يجب أن تتوحد جهودها لإرساء النظام الإنتخابي و الإداري المتقدم و ذلك بالإتصال و الإجتماع مع أعضاء مجلس الشعب الحالي المنتَخبين و وضع ذلك الاقتراح في صورة قانونية دستورية يجري الإقتراع عليها ثم إصدارها قانونا تشريعيا للتطبيق العملي
إن إجتهاد الأحزاب في العمل لأجل الإصلاح الإداري و تغيير مفهوم الحكومة و مدي نجاحها في هذا الأمر سيكون هو السّند الذي علي أساسه يُمكن أن تتقدم الأحزاب في الإنتخابات القادمة مسنودة في برامجها بمنجزات فعلية حققت بها مكاسب للشعب في مجال إعادة هيكلة و تنظيم الدولة حتي يستطيع الناخبون علي أساسها أن يتوجهوا إلي مراكز الإنتخاب و أن يدلوا باصواتهم في جدية لأن الشعب سيحس و يدرك بأنه فعلا صانع القرار و ستكون فُرَص فوز الأحزاب بمختلف خلفياتها السياسية أكبر كثيرا من مجرد التقدم ببرنامج نظري مع الكثير من الوعود الجوفاء بمحاولة تطبيقه
كما أن الأمانة الوطنية تستدعي كل المصريين المهاجرين الذين أصبحت لديهم فكرة واضحة عن نجاح المجتمعات المتقدمة و خاصة في أمريكا و كل المصريين الذين يعملون بالسياسة من الخارج لمصلحة بلدهم الأم مصر أن يكوّنوا و ينظموا أنفسهم في وحدة سياسية للإتصالات بجميع أعضاء مجلس الشعب الحاليين و يمدونهم باقتراحات منظمة و مدروسة عن تطوير الدولة و الحكومة مستشهدين بنجاح النظام الذي يعيشونه فعليا و عمليا و أن يشجعوا أقرباءهم و أصدقاءهم الموجودين في مصر و الأحزاب المصرية و النقابات و الجمعيات السياسية بأن يقوموا بالإتصال بممثليهم في مجلس الشعب لدعم برنامجين محددين كأساس لخطوات إصلاح الحكومة و الدولة و هما كما ذكرت :
البرنامج الأوّل: ألاّ يتم تعيين أي وزير أو مسؤل بدرجة وزير دون عرض ترشيحه علي مجلس الشعب لإقرار أو رفض الترشيح بعد جلسات استماع و مناقشة المرشح لهذا المنصب في برنامجه و تاريخه السياسي و الإداري للتحقق من أدائه و قدرته علي شغل المنصب و إدارة مصالح الشعب في مجال اختصاصه
البرنامج الثاني: جميع المحافظين يختارهم شعب كل محافظة بالإنتخاب المباشر علي أن تُرشّح الأحزاب ممثليها و المستقلون أيضا يرشحون أنفسهم بحسب قواعد الترشيح التي يقرها مجلس الشعب
فإذا نجح تبنّي هذين الاقتراحين و تطبيقهما نكون بذلك قد خطونا أوّل الخطوات العملية في الطريق نحو إصلاح الدولة و ديموقراطية الحكم في مصر المحروسة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان الآن مع صلاح شرارة:


.. السودان الآن مع صلاح شرارة: جهود أفريقية لجمع البرهان وحميدت




.. اليمن.. عارضة أزياء في السجن بسبب الحجاب! • فرانس 24


.. سيناريوهات للحرب العالمية الثالثة فات الأوان على وقفها.. فأي




.. ارتفاع عدد ضحايا استهدف منزل في بيت لاهيا إلى 15 قتيلا| #الظ