الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المجهول / قصة قصيرة

محمد الطيب بدور

2016 / 12 / 16
الادب والفن


..لم تمهلها السعادة كثيرا...وجدت نفسها أرملة مبكرا...انصرفت تدفن حزنها تدريجيا ...و تواريه
بمساحيق و ملامح لم تستطع اخفاءها ...لم تعد بخفة الروح التي ميزتها خلال عملها...و أمام زميلاتها
في العمل و صديقاتها و جيرانها...
كل ما ورثته سلمى من زوجها منزل متواضع...في حي شعبي يتعاظم نموه و يكتظ بالسكان .تضاءلت
منذ أن توفي زوجها فرص الالتقاء بالجيران ...تنتظر يوميا ساعة الانطلاق الى العمل ..عزاؤها الوحيد
لتخرج من عزلتها....هناك تحاول صديقاتها التخفيف من مصابها ..حتى أن احداهن بدأت تزورها في المنزل في نهاية الأسبوع...لتؤنس وحدتها...و تعرف تفاصيل حياتها ...بما سمح لها بالدخول في أدقها..
...و دعوتها الى التفكير في الارتباط من جديد برجل يكمل معها مشوار الحياة....كانت في البداية ترفض الحديث...و مناقشة الأمر...لكنها و على غير عادتها...و خلال يوم راحة ...فاجأت صديقتها بسر لم تستطع الاحتفاظ به ..قالت أن شابا يصغرها سنا...شدد عليها الخناق عند ذهابها و رجوعها من العمل...لا يكلمها...يحاول الاقتراب منها...يبتسم لها عند مرورها ...و أنها لم تفتح له باب اللقاء
أو حتى الحديث عندما يتقاطعان في النهج المجاور لمنزلها...لكنها أعجبت بوسامته و مظهره اللائق..
و أنها خائفة من مفاجآت القدر..
لم يدم ذلك طويلا..التقت به ذات يوم بعيدا عن الحي..تحدثا...عرفت رغبته في الاقتران بها...و عزمه
ان رافقته في الحياة كزوج أن يستغل مهاراته في الميكانيك لفتح ورشة ...هو شاب يقلها سنا ...و لكن ليس بفارق واضح...لم يفلح في دراسته...تلقى تجربة في اصلاح كهرباء السيارات و الميكانيك...عاطل عن العمل في كثير من الأوقات...استطاع احتواءها ...و كان له ما أراد...تزوجا ...و مضت أسابيع
شعرت خلالها بتجدد الحياة...اكتسبت حيوية و اشراقة جديدة...لم تبخل عليه بمشاعرها و مالها...يساعدها في شؤون المنزل ...غير الكثير داخل بالمنزل...فوجدت متعة لا حدود لها وهي تجد يوميا شيئا يدخل عليها البهجة...تستنشق رائحة العطر عند الدخول الى المنزل...يبتسم لها فتلقي بأتعابها جانبا ...يستمع اليها و يحاول نصحها...لقد أحبته...و اهتمت بمظهره أكثر ...و انتظرت أن يبدأ في تنفيذ مشروعه...تلكأ ...و علمت عجزه لمواجهة الأمر لصعوبات مادية...اقترحت عليه حلولا ...كان يرفضها
باستمرار...لم يعد يكترث حتى بالحديث حول الموضوع...تعطلت لغة الكلام بينهما...و ساد الصمت ...صمت يقطعانه بكلمات حول وجبة العشاء...و بنظرات لا تستقر بملامح الوجه....تزيغ بالفكر ... تشقها تنهيدة من هذا الجانب أو ذاك...حتى أن الأمر تطور الى خلافات ...و مناوشات كلامية...عجزت عن أن تزحزح موقفه...و تعجبت من وضعه القانع بما لم تتعود عليه..تؤلمها بطالته و رضاه...و شعورها بأنها ضحية لطيبتها...لم يعد من الممكن تغيير ما تعود عليه...هو يعرف كيف يحصل على
المال منها...لكنها أصبحت عاجزة عن الايفاء بكل حاجياته المتزايدة...و رفضت أن تناوله المزيد...فركن الى ما يشبه الاكتئاب...و اعتراضها في الطريق و احراجها لأنه كان يصيح و يتفوه بعبارات لم تألفها...ينتهي مشوارهما بالخصام ...يصفعها ...ترد أحيانا...يغلق الباب و ينتهي الأمر ببكاء
و عويل و تهديد...اكتشفت أنها مقبلة على صراع لن ينتهي بسلام...تعودت هي الأخرى مجاراته
في حوار لم تختر ألفاظه .. تضع يديها على أذنيها أحيانا لاتقاء وابل من الألفاظ النابية ...تضطر للرد بما يثلج صدرها...أو هكذا تعتقد....تصمت...تغلق باب غرفتها لتتركه يرغي و يزبد...أصبحت حياتها جحيما لا يطاق...انعكس
حزنا و تشتتا ذهنيا في عملها...و نظرات شفقة من قبل صديقاتها و البعض من جيرانها....
و ذات مساء لم تعد للمنزل...حاول الاتصال بها ...لكن هاتفها لم يرد...بات ليلته يتقلب بالفراش...قصد مقر عملها صباحا...فعلم أنها في رخصة مرضية منذ الأمس...انتظر المساء و لكنها لم تعد...

و في الصباح...استيقظ على طرقات قوية...فتح الباب...استقبله رجل باعلام لجلسة طلاق...فرك عينيه..أمضى على الاستيلام ...تمشى في البهو...و هم بالخروج...تراجع ....و جلس يفكر....لم يدم ذلك طويلا...سمع طرقا جديدا...امرأة تعلمه بشراء المنزل الذي يسكنه...و أن عليه مغادرته في غضون أسبوع.....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عمرو يوسف: أحمد فهمي قدم شخصيته بشكل مميز واتمني يشارك في ا


.. رحيل -مهندس الكلمة-.. الشاعر السعودي الأمير بدر بن عبد المحس




.. وفاة الأمير والشاعر بدر بن عبد المحسن عن عمر ناهز الـ 75 عام


.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد




.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش