الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشاعر وعواطف انسانية بالريموت كونترول

عمر سلام
(Omar Sallam)

2016 / 12 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


سمة من سمات العصر الحديث هو سيطرة وسائل الاعلام على عقول الناس وتوجيهها بالوجهة التي تريدها.
واصبحت عواطف ومشاعر الناس مشيأة وموجهة ومسيرة كما تريده هذه الوسائل التي تمتلك من التقنيات وعلماء النفس وخبراء التوجيه النفسي والعقلي.
وأصبح هناك صناعة جديدة لا تنتج بضاعة مادية ملموسة بقدر ما تنتج افكار وهنا تكمن الخطورة. اذ تصنع حاسة لا ارادية وفكر لا ارادي يسوق ويتساوق مع كل ما تريده هذه الوسائل. وأصبحنا نسمع عن صناعة العقول وصناعة الراي العام وصناعة المشاعر والاحاسيس والعواطف.
وتستثمر هذه الصناعة كل شيء مقابل ان تحقق ما تريد فتستثمر الدين وتستثمر الثورات وتستثمر ديمغرافيا منطقة معينة، وتخلق سيكولوجيا معينة، لتستثمر الانسان حتى اخر رمق فيما ترده هي واقناعه بانه يمارس ما يريده هو. ويختلط الامر على غالبية الجمهور فهو يعتقد انه يحقق نصر ذاتي على واقع مأساوي ويشعر بنشوة نضاله ضد هذا الواقع، وان نضاله يتقاطع مع ما يريده له اعداؤه، فيمارس المهام التي يريد اعداؤه ان يمارسها لمصلحتهم، وهو يعتقد انه يمارس مهامه هو وفقا لمصلحته هو. وهذا أخطر ما في الموضوع، حيث تكون المحصلة هو تدمير نفسه لمصلحة اعدائه وهو مقتنع تماما انه يدمر نفسه لمصلحته.
اما من لا يمارس العمل الفعلي في هذا التوجيه القاتل المطلوب منه ان يوجه مشاعره وعواطفه وبالتالي اعلان تضامنه في اي مكان يتواجد فيه مع الذي يدمر نفسه لمصلحة عدوه. وبالتالي يجب عليه اتباع الاشارة من الاشعة تحت الحمراء الصادرة من الريموت كونترول.
فيحدث ان يكون هناك جثث لأطفال في مناطق مختلفة، بالريموت كونترول يجب ان يتضامن فقط مع أحدهم الطفلين ويغض النظر عن الاخرين. لا بل عليه ان يتقبل قتل الأطفال الاخرين ويتباكى على من يريده الذي بيده الريموت كونترول ان يتباكى عليه، وهذا اسوأ ما في تشييء الانسان.
ويكون هناك أكثر من مجزرة في امكنة مختلفة عليه ان يتضامن فقط مع قتلى المجزرة التي يريده أصحاب الريموت كونترول ان يتضامن معهم ويحزن عليهم ويتقبل حدوث المجازر الأخرى دون ان يهتز له جفن.
وقد يكون هناك أكثر من دكتاتور عليه وبالريموت كونترول ان يحارب أحدهم ويترك الباقي، لا بل وقد يقدمون له المساعدة، واقناعه بان هذه المساعدة هي من اجل الحرية حريته وخلاصه من الظلم، وبالتالي يصبح جزء من نضاله ضد دكتاتور معين، فسرعان ما يجد نفسه بأحضان الدكتاتوريات الأخرى وعليه ان يدافع عنها وهو يحارب دكتاتور اخر. في حين ان هدفهم يكون تدمير ذاته من اجل مصلحتهم وهو يعتقد انه يقاتل من اجل حريته.
او يكون هناك أكثر من نظام استعماري عليه ان يقف ضد أحدهم ويترك الباقي ليدعموه، وعليه ان يدافع عن باقي الأنظمة الاستعمارية بحجة دعمه في نضاله ضد أحدهم، علما بأنهم كلهم يريدون نهبه ومنع تطوره.
وتم ادخال الدين الى دائرة التأثير بالأشعة تحت الحمراء في صناعة المشاعر والعقول فاصبح للريموت كونترول قدسية الهية في التوجيه واستثمرت نقاط الضعف في الدين لتخلق مشاعر مقدسة وأفكار مقدسة موجهة من قبل أصحاب الريموتات .
وهكذا يصبح الانسان ومشاعره وعواطفه مجرد أشياء توجه بالريموت كونترول، وبالتالي يصبح فاقد للحقيقة والرؤية السليمة لما يحدث في محيطه ويصبح بليد المشاعر تجاه القضايا الإنسانية العامة (الا حسب ما يوجه) وتختلط عليه الأمور ويصبح في دوامة فكرية صاخبة، تبتلع أفكاره الصائبة ويبقى التشويش على السطح، تسيره الى حيث مقتله.
وفي ظل غياب شبه تام لوسائل الاعلام المحايدة ووسائل الاعلام الفكرية السليمة. سيبقى الانسان العربي ضمن دائرة الاشعة تحت الحمراء للريموتات التي تتحكم به وبعواطفه وبأفكاره.
وأسوأ ما في الحضارة الحديثة أن يصبح الانسان مجرد شيء او جهاز يتم التحكم به عن بعد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توسع الاحتجاجات الجامعية في أنحاء العالم


.. إجراءات اتخذتها جامعات غربية بعد حرب إسرائيل على غزة




.. استشهاد فلسطينيين أحدهما طفل في قصف إسرائيلي استهدف منزلا شر


.. على خطى حماس وحزب الله.. الحوثيون يطورون شبكة أنفاق وقواعد ع




.. قوة روسية تنتشر في قاعدة عسكرية في النيجر