الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمريكا ملاك الموت

ناجح شاهين

2016 / 12 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


أمريكا ملاك الموت
ناجح شاهين
شكراً، ألف شكر للولايات المتحدة، وحروبها من أجل نشر الديمقراطية وحماية الأقليات السنية في المنطقة من بطش المارد الذي يبلغ طوله طول الصين الشعبية. نقصد مارد حزب الله بالطبع.
كنت في الرابعة عشرة من عمري عندما توفي ابن الجيران الذي كان ابن صفي أيضاً. كم تعذبت لموت محمد، وناجيت إلهي رب السماوات والأرض متسائلاً عن سر موته. أظن أنني لم أشف أبداً من "قلقي" تجاه الموت الذي ولد في ذلك اليوم. كلما فكرت في شيء انتصب الموت أمامي ليخبرني أن كل ما هنالك ينتهي عند بوابته الصفراء ذات الرائحة الكريهة.
أحببت جلجامش على الرغم من جبروته وبطشه وعدوانه السياسي الاجتماعي على أبناء شعبه، بدا لي صراعه المجنون ضد وحش الموت تعبيراً عن حساسية داخلية استثنائية. أدرك ابن العراق قبل أن يأتي اليه جورج بوش بأربعة آلاف سنة أن الموت دثار مريع يلف حياة الرضيع في فوضى عارمة. كان وحش الطبيعة وفيضاناتها هي ما فكر فيه جلجامش في تلك اللحظة. ظل الموت على الرغم من كل شيء حدثاً فريداً ورهيباً يحتاج إلى تفسير وعقلنة وتأقلم.
شكراً للمجاهدين القطريين الترك الأمريكان الإسرائيليين السعوديين ...الخ لقد جعلوا الحياة لغزاً يحتاج إلى تفسير. أما الموت فقد أصبح هو القاعدة التي تحكم الوجود، لم يعد هنالك من حاجة للوجوم كلما سمعنا عن موت صديق التهمه وحش الموت على حين غرة. لا حاجة بنا أبداً إلى تأبين الأموات أو بكائهم. أمضى جلجامش سبعة أيام وست ليال –أو العكس ستة أيام وسبع ليالي؟- وهو يبكي حبيبه أنكيدو متسائلاً عن سر سكونه السلبي المريع. اليوم لا وقت لدينا كي ندفن موتانا فالحرب تحل بنا في كل أوان وزمان ومكان، وسيل الموت يعبر في نهر أمريكي أسطوري لا يتوقف. وبقوة أمريكية لا قبل لنا بها، تم نزع السحر عن الموت، تم نزع طابع القداسة، وتم فك الطلاسم، ولم يعد هنالك من طقوس للموت في هذا المشرق العابق بطعوم الأسرار وتوابل الكون الفريدة.
إن بقي للموت من معنى خاص يستحق التوقف فهو مقتصر على شمال الأرض دون جنوبها. حتى أن الإنسان السويدي الرقيق الذي يبكي حزناً لمشهد فأر يتألم في مصيدة الصحن اللاصق لم يعد يتأثر كثيراً أو قليلاً عند مشاهدة الأطفال الذين تجندهم مخابرات قطر وأمريكا كي يفجروا أنفسهم في الكفرة من سكان دمشق النصيرية الشيعية المارقة الزنديقة.
انفلت وحش البلاهة والحماقة والجنون من عقاله كلية، وأتى على معاني الحياة كلها. وإن لم نتمكن من قتل الوحش قبل فوات الأوان فلن يظل أحد في هذه البلاد يملك عقلاً يتساءل عن معنى الدنيا أو طعم الفكرة أو مغزى القبلة أو رائحة النرجس.
الوحش الأمريكي الوالغ في دمنا في سوريا والعراق واليمن وليبيا ومصر وبر الشام وفلسطين وتونس، في كل بقاع الوطن الممتد من البحر إلى البحر، وبقاع أخرى من هذا الكون المنكوب بوحوش يطلقها الرجل الأبيض، هذا الوحش علينا أن نصطف لإيقافه وتقليم مخالبه قبل فوات الوقت وتحول دنيانا في هذا الوطن العربي إلى موت ودمار وأشباح من أشباه البشر تتغذى بالدم وبالنفط.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رهان ماكرون بحل البرلمان وانتخاب غيره أصبح على المحك بعد نتا


.. نتنياهو: سنواصل الحرب على غزة حتى هزيمة حماس بشكل كامل وإطلا




.. تساؤلات بشأن استمرار بايدن بالسباق الرئاسي بعد أداءه الضعيف


.. نتائج أولية.. الغزواني يفوز بفترة جديدة بانتخابات موريتانيا|




.. وزير الدفاع الإسرائيلي: سنواصل الحرب حتى تعجز حماس عن إعادة