الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زكى مراد ..شهاب تألق فى سماء مصر

رياض حسن محرم

2016 / 12 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


اليوم تحل الذكرى السادسة والثلاثين لرحيل شهيد الطبقة العاملة المصرية المناضل العظيم زكى مراد، ذلك الهادئ البشوش الذى يملأ الدنيا حنانا ومودة والثائر الغيور والأسد الهصور حين يلمس نبرة هجوم على مبادئه وأفكاره، وهج لن ينطفإ فى قلوب وعيون رفاقه ومحبيه وكل من عرفه يوما، قضى الشهيد زكى مراد 15 عاما من عمره القصير ( 1927- 1979) خلف قضبان سجون كل العهود الملكية وعبد الناصر والسادات.
فى الأول من سبتمبر عام 1927 ولد لمحمد إبراهيم أحمد عمدة قرية إبريم النوبية إبنا قرر أن يعطيه إسما مركبا هو "زكى مراد" تيمنا باسم الموسيقار والملحن زكى مراد والد الفنانة ليلى مراد الذى كان يعشقه، لم يعش الطفل طويلا فى قريته حيث أرسله أبوه الى القاهرة ليلتحق بمدرسة حلوان الثانوية ويقيم مع إبن عمه "محمد خليل قاسم" بحجرة فى أرض شريف حيث كانت الحرب العالمية الثانية توشك على الإنتهاء بينما حرارة النضال الوطنى ضد المحتل تتصاعد نيرانها لتساعد على نضج الشباب الوطنى ومنهم زكى مراد الذى إلتحق بكلية الحقوق جامعة فؤاد الأول ليصطدم بانتفاضة الطلبة عام 1946 وليصبح عضوا فاعلا باللجنة الوطنية للطلبة والعمال التى قادت الحركة الوطنية فى مصر رافعة شعار الحرية والخبز ليعرف طريق السجن للمرة الأولى حيث تتالت خطواته الى السجن مرارا، فى تلك الأثناء إنضم الى الحركة الديموقراطية للتحرر الوطنى "حدتو" حيث تم تنظيمه فى القسم السودانى للحركة مع عبد الخالق محجوب والشفيع الشيخ ومبارك عبده فضل وعبده دهب وآخرين، وكان هنرى كورييل يؤسس أقساما شبه منفصلة داخل الحركة ومن بينها قسم السودانيين "حستو" الذى تمخض عنه الحزب الشيوعى السودانى، ومنها قسم "البيادة " للأعضاء من الجيش تحت قيادة المكتب السياسى مباشرة، وكان لزكى دورا فاعلا فى تنظيم الكفاح المسلح بالقناة والتل الكبير فى 1951، وتعد أطول حبسات الشهيد التى إمتدت من عام 1953 ولم تنته الاّ بعد خروج آخر شيوعى من معتقل المحاريق بالواحات عام 1964، ليعاود الرجل النضال بعد هزيمة 1967 مباشرة بتكوين حلقة شيوعية تم دمجها فيما بعد مع حلقات أخرى ليتم إعادة إعلان الحزب الشيوعى المصرى عام 1975 وشغل منصب سكرتيره العام حتى رحيله، وكان له عشرات المقالات التى نشرت فى مجلات وجرائد الملايين والجماهير والكاتب والواجب والضمير والناس والميدان.
أول مرّة شاهدت فيها الفقيد فى بداية السبعينات بالنادى السودانى بالأسكندرية حيث ألقى محاضرة عن النضال المصرى السودانى فى مواجهة الإحتلال البريطانى ذاكرا أن البرجوازية المصرية فى الأربعينات كانت ترفع شعار وحدة وادى النيل تحت التاج الملكى بينما رفع الشيوعيين شعار النضال المشترك ضد العدو المشترك، وتعرفت به عن قرب بعد سنوات حيث كان يقضى معظم شهور الصيف بالأسكندرية فى شقته المتواضعة بكامب شيزار بينما كانت شقته بالمنيرة فى القاهرة ملتقى الرفاق وطالما جمعتهم بها سهرات الشيخ إمام ومحمد حمام والمطرب السودانى محمد وردى وعرفت أقدام الفنان الصاعد محمد منير طريقه اليها، كتب الراحل الشعر وشارك مع رفاق له من النوبة ( محمد خليل قاسم وعبد الدايم طه وحجاج الباى) فى إصدارديوان "سرب البلشون" وله قصيدة فى رثاء القائد يوسف صديق يقول فيها:
"ما إعتاد جنودك أن تسكت حين ينادون...
ما إعتاد رفاقك أن تسكت عمّا يرجون..
أتشيح بوجهك عنهم
أم ترحل فى وقت لا يقطعه الاّ أبطال مثلك"
كان الشهيد مسكونا بقضية الجبهة الوطنية والتحالف بين القوى الوطنية بالمجتمع ولا يرى خلاصا بدونها، كانت آخر كلماته فى خطاب له بالتجمع عام 1979 حيث قال " إن مصر ليست ملكا لماركسى أو وفدى أو ناصرى أو لإسلامى، إن مصر هى ملك المصريين جميعا، والمصرية ليست مجرد إنتماء إنما تحددها المواقف، فأنت مصرى حقيقى حين تقف فى خندق أعداء الصهيونية ومن هم وراء الصهيونية من قوى الإستعمار العالمى، أما إذا كنت فى خندق أمريكا وإسرائيل فلتبتعد ولتعلم أن الذى بيننا وبينك هو السلاح ولتكن النتيجة ما يكون"، وكان يؤمن بشدة بالدور الوطنى للجيش المصرى منذ تأسيسه وعبر تاريخه ويعتبر من أشد المعارضين لزيارة القدس ولإتفاقية كامب ديفيد ودفع ثمنا غاليا لتلك المعارضة.
ليلة رحيله كناّ معا بالأسكندرية، جمعتنا سهرة طويلة شاركنا بها "على ما أذكر" الراحل تيمور الملوانى والراحلة شاهندة مقلد وإبنها ناجى، كانت الليلة عاصفة والأمطار تهطل بشدة، أخبرنا أنه مضطر للتوجه الى القاهرة فجرا لحضور جلسة هامة، خفنا عليه من الطريق ورجوناه جميعا أن يؤجل سفره لكنه كما عرفناه كان عنيدا، قال إنه سيسافر ومن أراد منا أن يصحبه فهو مرحب به، كانت معه سيارة جديدة تغرى بالسرعة، ودعناه ونحن فى جزع عليه، أصّر أن يذهب وحده أخيرا، لم نعلم بالحادث الاّ فى وقت متأخر، ولأول مرّة منذ زمن بعيد يرتفع فى جنازته هتاف " عاش كفاح الطبقة العاملة – عاش نضال الشيوعيين – عاش الحزب الشيوعى المصرى"
المجد والخلود يا رفيق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل.. تداعيات انسحاب غانتس من حكومة الحرب | #الظهيرة


.. انهيار منزل تحت الإنشاء بسبب عاصفة قوية ضربت ولاية #تكساس ال




.. تصعيد المحور الإيراني.. هل يخدم إسرائيل أم المنطقة؟ | #ملف_ا


.. عبر الخريطة التفاعلية.. معارك ضارية بين الجيش والمقاومة الفل




.. كتائب القسام: قصفنا مدينة سديروت وتحشدات للجيش الإسرائيلي