الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الربيع يختلف في اوطاننا

مراد الزارعي

2016 / 12 / 19
الادب والفن


الربيع يختلف في اوطاننا
انا لست بذلك المفكر الذي ادمن حديثه عن السياسة، وافنى عمره يجادل في فراغ ويناقش القوانين والقرارات بتعصب وشجن، ولست بذلك السفسطائي الذي يمضي حياته في دائرة مفرغة من الجدال العقيم والعدمي دون ان يبلغ حد صوته. وإنما من وحي ما يحدث في الواقع سوف أتكلم وسأبدي رأيي ليكون كلامي اقرب للفن منه للسياسة. نعم ، بين الفن والسياسة دروب ومسارات تتواصل وتتصارع وتتمازج في استراتيجيات ديبلوماسية لطالما اتقن اصحابها تقمص الاقنعة والأدوار لتحقيق مبتغاهم بأقصر السبل...
ولكي لا اكون ذلك الشخص السلبي الحيادي الذي يمر بالقرب من الاحداث التي تهز العالم بصمت وخنوع دون ان يهمس او ينطق بكلمة. تعلمت ان اتكلم وان اقول رأيي في الامور التي تعنيني عن قرب وأيضا عن بعد، فالكلمة هي بمثابة العقيدة الروحية والإيمان القوي المتجذر فينا والذي يؤكد تحرر انسانيتنا من اغلال العبودية والأسر التي عمقتها ازمة الانسان في صراعه مع ذاته والأخر منذ الازل. والكلمة ايضا هي تلك الشحنة من الارادة والمقدرة الحرة على التفكير والإدراك وتحويل ما نشعر به من احساسات وشكوك الى حقائق دامغة بقوة الحجة والدليل .. وأي دليل سيكشف التباس الحقيقة التي نحياها وبتنا على مشارفها ننتهي ونفنى في بؤس دون ان نستقي من مشاربها او نعرف لها سبيل غير التزوير والعبث بسجلات الماضي والحاضر ...
والفن لماذا خلق ؟ هل من أجل تغطية وجه الحقيقة ام رفع اللبس عنها ام تجميل قبح الواقع في اعييننا التي تعودت على تقبل القبيح وتذوقه حتى صار فلسفة ووجود بالقوة فتحتم علينا العيش في الفوضى بصريا وحسيا. وان قبلت اجسادنا هذا الوضع فان ارواحنا ابت ان تستسلم للواقع و تعيش داخل سجن الجسد الضيق لتسافر في عوالم الحلم والسريالي والفانطازيا ، ونسافر نحن معها كأطياف مجردة مرتحلة في الزمان والمكان ، فنضيع سبل البحث عن الحقيقة وننسى الهدف الاساسي الذي وجدنا من خلاله وخلقت من اجله الاديان والفلسفات والفنون وأيضا السياسة كوجه اخر من اوجه التفكير الانساني وطريقة تدوين حقائقه التاريخية وملاحمه وصراعاته الابدية لإيجاد نمط اخر لتوصيف هذا الوجود الانساني كوجود متجدد ومتغير ومتعدد الاوجه والاحتمالات...
ليس الفن وحده من اصطبغ بطابع السياسة، فالربيع ايضا اصبح موسما سياسيا تتجاذبه التيارات والأفكار حتى صار مشحونا بالغضب والثورة والانفعال التي عادة ما تميز بقية الفصول. وهنا نظلم اجمل المواسم حينما نستعير لها من افعال البشر وتصرفاتهم ما هو فوضوي وهمجي وعدواني فنؤسس لسياسة العنف وفلسفة القبح بشكل لا ارادي وغير مباشر، فمصطلحات مثل الربيع العربي اصبحت تستفزنا بدل ان تفرحنا وذلك لخيبة الامال والطموحات التي رسمناها حينما رفعنا راية التغيير وأردنا ان تتصالح مع السياسة وندمجها في الفن بدل وقوفها امام الفن وننزع عنها تلك الهالة الاسطورية التي تعمل على تسييس كل ما يقع امامها وفرض سلطتها عليه حتى الربيع لم يسلم من غطرستها وجبروتها فأصبح اداة تخدم اجندات سياسية محددة وفي مناطق معينة من هذا العالم الواسع. التي تختلف فيه الافكار كما التصورات كما المعتقدات... حتى المواسم تختلف احيانا بين بلدان الشمال والجنوب بين الشرق والغرب، فالربيع في بلداننا العربية يختلف عن ربيعهم الغربي. فحينما يصل الينا الربيع ترافقه عواصف الخريف وزوابع الشتاء فينقلب موسمنا المشرق الى كارثي وفوضوي، فتتناثر اوراقه وتسافر محملة بآمالنا وأحلامنا الى ربيعهم فتشرق هناك وتزهر بالحلم العربي الذي لم يتحقق بعد، لان سخط الخريف كان اسرع من نسائم الربيع واعنف. فلا خوف عليهم من ربيعهم اذا ما تغيرت الظروف السياسية في بلدانهم وإنما الخوف علينا من ساستنا وسياستنا التي قتلت الربيع فينا فجعلته يهاجر مكرها ويذعن هو الاخر لسلطتهم ليصبح له استراتيجية ومركزية تتغير وتتجدد حسب الاقاليم والظروف والمواسم !!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | بينها اللغة العربية.. رواتب خيالية لمتقني هذه


.. أغاني اليوم بموسيقى الزمن الجميل.. -صباح العربية- يلتقي فرقة




.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح