الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-التيتي- الامريكي زلماي خليلزاده

تقي الوزان

2006 / 1 / 7
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


يتفق الكثير من العراقيين والعرب والاوربيين على ان الامريكان سلموا العراق لقمة سائغة الى الايرانيين . والذي يزيد من هذا الاعتقاد الممارسات والسلوكيات المشينة التي تقوم بها بعض الاحزاب والمنظمات الشيعية الموالية للحكومة الايرانية . والتي وصلت الى ان الفرد العراقي لايستطيع ان ينتقد ممارسات النظام الايراني الطائفية علناً وفي قلب بغداد مدينة الصدر . او تطالعك لافتات الترحيب عند مداخل المحافظات والمدن في الوسط والجنوب بأسم المنظمات مثل "منظمة بدر ترحب بكم "وليس بأسم البلديات او الاهالي وقسم منها باللغة الفارسية . لقد كتب الكثير عن التدخل السافر لهذه المنظمات والمليشيات في شؤون الادارات الحكومية والمؤسسات العلمية والادبية وحياة الناس الشخصية , وهو أكثر شدة وقساوة من ما يفرضه نظام الملالي في ايران .
مع تطور هذه الحالة التي اصبحت نظام يحكم مدن الوسط والجنوب , وتدهور الوضع الامني , وزيادة معدلات الاغتيال , والتي جاء قسم منها كرد فعل على الجرائم الدموية من قبل بقايا القتلة من البعثيين ومن يساندهم من التكفيريين السنة . وقسم آخر انتقاماً من طيارين وعسكريين شاركوا بالحرب العراقية الايرانية . هذه التداعيات خلقت حالة من القلق والخوف من الانزلاق الى حرب اهلية تقسم العراق , وتنعكس آثارها الكارثية على مجمل أوضاع المنطقة النفطية الحساسة. لقد دفعت هذه الحالة الكثيرين للاعلان عن مخاوفهم . وكانت تصريحات وزير الخارجية السعودي بداية الانطلاق لحملة مضادة تهدف لوقف أنزلاق العراق للحضن الايراني , وتجعل ايران اكبر قوة نفطية تهدد المصالح الغربية والاقليمية , أضافة لمشروعها النووي المكمل لهذه الطموحات .
الامريكان أعتبروا الطائفية التي ساعدوا على تثبيت مفاهيمها وممارساتها , على انها العصا السحرية التي سيضبطون من خلالها ايقاع الحياة السياسية, طالما تكون هذه الطوائف بحاجة اليهم أسوة بباقي المجتمعات . ولكنهم لم يقدروا سعة الاختراق المذهبي والسياسي الايراني للعراق . من هنا جاء التحرك الامريكي ومعه الانظمة العربية وجامعتهم العتيدة وأمينها العام لعقد مؤتمر "الوفاق الوطني" العراقي في القاهرة في شهر تشرين الثاني من العام الماضي . وتم الاتفاق على عقد المؤتمر التأسيسي في بغداد نهاية شباط المقبل او بداية آذار , وبمشاركة جميع الاطراف .
كان من المؤمل أن تجري الانتخابات الثانية بمبدء تكافؤ الفرص , وروح ديمقراطية حقيقية . وقد تأمن مشاركة أغلب الاطراف السنية المقاطعة للانتخابات الاولى . وكان من المؤمل أيضاً أن يجري الحوار بين مختلف الطوائف لحل الاشكالات الوطنية تحت قبة البرلمان . وتتم االاستعاضة عن المؤتمر المزمع عقده في شباط او بداية آذار , ويتم عزل القوى التي قاطعت الانتخابات الحالية والقوى المتحالفة معها من القتلة البعثيين والتكفيريين وحصرهم في الزاوية التي سيبادون فيها . الا أن ما رافق الانتخابات من ظروف سلبية , وتزوير , أثر على نتائجها ودفع الامم المتحدة للقيام بتدقيق يؤخر الاعلان عن نتائجها النهائية , ويؤخر ألتئام جلسات البرلمان وتشكيل الحكومة الجديدة . مما يجعل عقد المؤتمر التأسيسي في شباط او آذار شئ لابد منه . وهذا ما سيمنح هذه القوى دفعة جديدة للتشبث بمواقفها .
من جانب آخر أن الاحزاب الطائفية السنية ومن يقف خلف بعضها من القتلة البعثيين أخذت تميل للتسميات الوطنية . ليس حباً بالوطنية التي أغتالها المجرم القابع في قفص الاتهام , ومن سانده , ويدافع عنه اليوم . بل وجدت ان الاستمرار بتعميق الطائفية سيجعلها أقلية ويجرجرها الى مواقع لم تعتاد عليها .
الامريكان يعتقدون ان قيادة القاطرة العراقية من خلال الماكنة " السلطة " التي بأيديهم هي الاهم في حل مشاكل العراق. وهي التي ستوصل مجموع العربات "الشيعية , السنية , الكردية , الوطنية , باقي خليط الراكبين في العربات الاخرى" الى المحطات القادمة التي يبغيها السائق الامريكي . وسوف لن يقف في كل المحطات , بل في المدن التي أنشأها ويعرف طرقها وأماكن راحته فيها , المحطات المنظمة بقيم الرأسمالية والتجارة الحرّة , والوطن المقدس هو ما يوفر الغذاء والسكن فقط . ولن يقف في محطات القيم الدينية والقومية والتراث ونسيج العلاقات الاجتماعية والوطنية والسيادة وكل القيم الخاصة التي تميز الشعوب عن بعضها . انه الدين الجديد والقومية الجديدة والوطن الجديد , المال , هذا الرب الجديد الذي يقود الحضارة الحديثة . ومما ساعد الامريكان في ترسيخ نظرتهم هذه هو وجود المجتمع المهشم , والخارج لتوه من جحيم الفاشية التي انستهم كل شئ ولعقود طويلة .
الجوع والذل والحاجة للمال , المال الذي تسعى السياسة الامريكية ان يكون هو العامل الوحيد الموجه للحياة العراقية . لقد أستخدمت السياسة الامريكية في العراق كل الوسائل لغرض تنمية طبقة رأسمالية تكون هي القاعدة التي يرتكز عليها النظام الجديد . أن غض النظر عن السرقات والرشاوي والفساد الاداري وأكمال مرحلة " الحواسم " التي بدأت عند اول يوم سقوط النظام أحد أوجه هذه السياسة . والدعوة لعقد مؤتمر المصالحة الوطنية العراقية , والحرص على نجاحه هو لأدخال اللصوص والقتلة من البعثيين الذين صادروا أموال العراق ودمجهم في العملية الاقتصادية السياسية . النجاح بالنسبة للامريكان هو في كيفية وضع العراق في السكة الرأسمالية الامريكية . وليست عندهم مشكلة لما حدث في العراق من آلام ومآسي , وايجاد الطرق الصحيحة والحقيقية لمعالجة جراحاته العميقة . لذا نجد مراقب فحص التذاكر " التيتي " الامريكي زلماي خليلزاده في حركة دائبة بين كل عربات القطار لغرض التأكد من قطع التذاكر الامريكية . وبغض النظر عن كون صاحب التذكرة مناضل شريف أفنى سنوات عمره في مقارعة النظام الساقط , أو مجرم بعثي ولغ في الدم العراقي , وحالياً للاخير الافضلية . ومن هذه النقطة ، على العراقيين الشرفاء من كل المذاهب والقوميات التقارب على اسس وطنية حقيقية تجعل من التنوع العراقي الاساس البديل لما تبغيه سلطات الاحتلال من تأسيس أساسات طائفية وقومية تسهل لها الادارة , بعد أن تجعل كل طائفة تغني على ليلاها . وأنهاء الاساس الذي يبغي توحيد الطبقة الغنية من كل الاتجاهات , وبدون معالجة الجراح الفاغرة والمعرضة للنهايات القاتلة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معدن اليورانيوم يتفوق على الجميع


.. حل مجلس الحرب.. لماذا قرر نتنياهو فض التوافق وما التداعيات؟




.. انحسار التصعيد نسبيّاً على الجبهة اللبنانية.. في انتظار هوكش


.. مع استمرار مناسك الحج.. أين تذهب الجمرات التي يرميها الحجاج؟




.. قراءة عسكرية.. ما مدى تأثير حل مجلس الحرب الإسرائيلي على الم