الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سؤال

راما ديب

2016 / 12 / 20
الادب والفن


سؤال
نروح ونأتي بالغرفة وحيدين أو نروح ونأتي وحيدين في أفكارنا ونحن مع جمع من الناس،
نفكر ونفكر ثمّ لا نجد ما نبحث عنه .. ذلك الذي هو نبحث عنه .. ذلك الذي لانعرفه .. ربما نعرفه لكننا لا نفهمه أو نفهمه لكن بدون أن نعرفه .. وكلاهما سواء كلاهما يشيران أننا لن نجد ما نبحث عنه لأننا أصلاً لم نجده بداخلنا ، نحن نعرف أننا نحتاجه فقط و أنّ فراغه شعرنا به و سمعنا صوت تلك الفجوة بداخلنا لكننا اسكتناها .. اسكتناها لنرتاح .. لنهرب .. لنتسلا و نعبث بأفكارنا و مشكلاتنا لربما نشعر بالامتلاء .
و ما نلبث أن نهدأ قليلاً أو حتّى في منتصف تلك العاصفة الفكرية نرى أصواتاً بداخلنا بدأت بالصراخ و الضرب محدثة الألم ، ذلك الألم الذي نبدأ بمعالجته ووضع حلول وحلول يهدأ قليلاً بدواء مسكن فنظن أننا انتصرنا عليه ، حتّى يبدأ بالصراخ والشدة مجدداً وبشكل أكبر فنعود لظن هزيمته ، فيعود جرس الإنذار أكبر حتّى يغدو ناقوساً نراه في كلّ شيء حتّى نصبح في غيبوبة عن الحياة نأكل ونشرب ونفعل كلّ روتيننا اليومي لكن بفاصل ضبابي عن كلّ شيء .. فلا الأكل بات يشبع ولا الجوع بات بفرق .. في كلّ شيء ... والانقطاع عن كلّ شيء .
و الألم يكون رفيقاً يبتلعنا في كلّ التفاصيل ويغمرنا حتّى الأنوف فلم يبقى لنا نفساً سوى من خلاله .
و كم كنت أظن أن خسارة الإنسان تكون فقط بما يفقده من أشياء وعلاقات فهي الحد الأقصى للخسارة .. لكنّ هذه الخسارة تكون أكبر فهي لم تجعلنا نفقد تلك ( الأشياء ) بل فقدنا سببها وهو تلك المشاعر المصاحبة لها .. فلا نكهة للحب ولا لون للخوف ولا أمان في سكن ولا بهجة في صحبة ولا حماسة لمستقبل او حتّى اهتمام بيوم .
وتستمر تلد الدائرة وتدور حتّى تكتمل ، ويشعر أحدنا أنّه لم يعد قادراً حتّى على التنفس فالألم غطى أحشائه و سلب الأوكسجين الأخير من أي أمل .. فنحن نفقد الرغبة بالنفس والإحساس به لمّا يصبح باباً للتكرار و يؤخذ من غير مصدره فيكون عبئاً له مساحة داخلية لا نريدها .
وبصوت ناعم خافت يتحرك شيء ما بداخلنا ويبدأ يشدنا بحنان نستغربه .. نلحقه فيدخل من باب صغير جداّ نستخفه لنتبعه أكثر لمكان أكثر عمقاً فنجد هناك حجرة قد ابتلعناها بغير قصد فنزيلها ، ثمّ لباب آخر فنجد سلاسلاً قيوداً قد استمتعنا بصحبتها كثيراً ووراء كل قفل هنالك باب آخر..
نستمر ونستمر حتّى نصل لأول صوت بدأ يتحرك بداخلنا ذلك الصوت المخيف الذي لم نعتاد سماعه من غيرنا ولا من محيطنا .. ولربما سألناه لأحد آخر فأخرسنا أو اتهمنا اتهامات ضخمة جداً فاعتقدنا أنّه كهذا سؤال يستحق هكذا ألم ..
فحملناه كما حمله غيرنا لنكبره وننقله لمن بعدنا وتصبح كرة الشوك تمشي من أسئلة متراكمة مبلوعة من خوف خارجي ليس إلّا ..
و نستمر برؤية السيناريوهات التي تبنيناها و حملناها سنين دون أي مبرر إلّا أننا هربنا من تلك الأسئلة حتّى نفتح لها الباب و نحن نرتجف من شك وخوف من ذلك العملاق المجهول الذي من الممكن أن يأكلنا إذا لم يشبع !!
وبعد برهة نجد ذلك العملاق ما هو إلّا أجوبة لما نحتاج و أنها فينا وكل ما علينا هو السماح بذلك الوصل بين السؤال والجواب .. و الضباب يختفي عن أصغر الأشياء وأكبرها .. أمّا الألم يظهر بحقيقته الوهمية كأنه ظل قط معلق على حائط بشكل نمر ..
عندها يصبح النفس حياة في كلّ مرة حاملاً إلينا الأصل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي


.. تسجيل سابق للأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن يلقي فيه أبيات من




.. الفنانة غادة عبد الرازق العيدية وكحك العيد وحشونى وبحن لذكري


.. خلال مشهد من -نيللى وشريهان-.. ظهور خاص للفنانة هند صبرى واب




.. حزن على مواقع التواصل بعد رحيل الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحس