الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الغراب علّم ابن آدم كيف يوارى جثة أخيه في التراب

علجية عيش
(aldjia aiche)

2016 / 12 / 21
الطب , والعلوم


الغراب علّم ابن آدم كيف يوارى جثة أخيه في التراب
رعاية الرضع على طريقة "الكنغر" هل هي تقليد أم إبداع؟

ربما هي حكمة إلهية أن يُعَلِّمَ الحيوان أبناء آدم بعض الأمور التي تتعلق بحياتهم اليومية، فلا عجب إن استحدثت الأنظمة الصحية في العالم طريقة جديدة لرعاية الرضيع قبل أو بعد الولادة، و هي طريقة "الكنغر" ، هذه الطريقة حسب المختصين من أحسن الطرق و أفضل الأساليب لرعاية الأم لطفلها، سواء الطفل المولود قبل أوانه أو حديث الولادة، فقد سبق و أن علّم الغراب ابن آدم كيف يواري جثه أخيه في التراب، فطريقة الكنغر ابتكرتها نساء شمال إفريقيا لعدم توفر "الحاضنات"، فقد اعتادت المرأة في شمال إفريقيا كما في القارة الآسيوية الاعتناء بمولودها بمفردها، و قد تلجأ أحيانا إلى وضع مولودها دون تدخل أحد، بحيث في مرحلة من المراحل لم تكن هناك قابلات مؤهلات، أي تلقين تكوينا خاصا في عمليات التوليد، و كانت المرأة أحيانا تقطع " السُّرَّة" بمفردها، و لا يسمع صراخها و هي في حالة المخاض، ربما يصح القول أن المرأة بالأمس كانت أكثر قوة و أكثر تحملا للألم من المرأة اليوم، رغم غياب وسائل التطبيب، خاصة بالنسبة لنساء الأرياف، تعتبر قصة أمنا المباركة مريم البتول الذي اصطفاها الله و اختارها على كل نساء الأرض، أروع مثال في هذا الجانب، عندما جاءها المخاض انتبذت مكانا من جدع النخلة و وضعت مولودها، الذي أرسله الله لبني إسرائيل، حيث لا أمّ هناك و لا "قابلة" sage femme، كانت المرأة تضع طفلها على ظهرها لكي تباشر عملها في البيت و في الحقل، و تخرج به للتسوق، حيث تقوم بلفه بقماش و تربطه بصدرها على طريقة "جراب الكنغر"، ومن هنا جاءت هذه التسمية ، ورعاية «الكنغر» تقضي بوضع الطفل مرتدياً الحفاظ فقط على صدر أمه بطريقة عمودية وبتغطيته ببطانية. و هي تحمل الكثير من الفوائد الصحية للمولود، وتؤدي إلى زيادة وزنه، وتحسين قدرتة على التنفس، وتقلل من تعرضه للموت المفاجئ، و لذا فإن عملية "رعاية الكنغر" تلعب دورا مهما ومتكاملا في المساهمة في شفاء المولود، لأن الدفء الذي يتميز به جسد الأم والراحة التي يجدها المولود في رائحة أمه ونبضات قلبها المنتظمة وأنفاسها، حسب الخبراء توفر جوا مريحا له، كما أنها تساعد في تحسين مستوى الأوكسجين عنده وتنظم نبضات قلبه وأنفاسه، ما دفع بمنظمة الصحة العالمية اتباع هذه الطريقة بعد وقوفها على حياة الكنغر، لأن التلامس بين الأم وطفلها يحفز تدفّق الحليب الطبيعي، إضافة إلى زيادة معدلات الأكسجين في جسم الطفل ومنحه مزيداً من الراحة نتيجة تمكنّه من سماع نبضات قلب أمه التي تعود على سماعها قبل الولادة.
و الكنغر أو الكنغارو، وهو من اكبر الحيوانات المنتمية الى طائفة حاملات الأولاد في جيب تحت البطن، أو ما تعرف بالحيوانات الكيسية بمعنى أن صغاره لا تنمو في بطون أمهاتها ولكن في جيب غريب خلقه الله لها بشكل خاص، ويرجع أصل كلمة الكنغر الى المكتشف كوك فعندما وصل الى السواحل الجديدة في استراليا رأى مخلوقا (الكنغر) فسأل أحد الأهالي الأصليين عن اسمه فأجابه: كنغارو (أي لم افهم سؤالك) ومن يومها أصبح هذا هو اسمه، و الكنغر الأنثى عندما تضع مولودها، يدخل هذا الأخير الجراب من دون أية مساعدة ، و الحكمة الإلهية جعلت جنين الكنغارو يعيش خارج رحم أمه، بحيث يعيش في الجراب يأكل وينام لمدة 190 يوما وبعد هذه الفترة يصبح جسمه ممتلئاً بالشعر، فيخرج لأول مرة رأسه من جيب أمه، ويتنزه خارج الجيب، ولكنه يختبئ فيه عند أقل خطر يستشعره، و لذلك أصبحت طريقة الكنغر معمول بها في كل الدول، فحسب التجارب، فإنّ الأطفال الذين يعانون من مشاكل في التنفس ويحصلون على رعاية على طريقة الكنغر، يتحسّنون ويتخلّون عن أجهزة التنفس في غضون 48 ساعة، و مع التطور التقني تم ابتكار ما أطلق عليه اسم " حاملة" الأطفال" لتمكن المرأة من حمل طفلها و التنقل به من مكان إلى آخر بشكل مريح جدا، حيث ساهمت في إزالة كل العوارض التي تعيقها عن تأدية واجباتها الحياتية نحو نفسها ونحو الأسرة والمجتمع ، و دون إلحاق به أي ضرر، و قد أشارت بعض الدراسات إلى ضرورة اختيار النوع الجيد للحملات، و عدم التكيف الأم مع "الموضة" التي يسعى المصممون من خلالها إلى تسويق منتوجهم دون التفكير في وضعية الطفل الصحية، و قد بينت تجارب أن هناك أنواع من الحاملات، نوع يكون فيه الطفل واقفا ويكون المقعد ما بين فخذيه، واعتبروا هذا النوع الأسوأ على الإطلاق، كما حذر منه أطباء الأطفال لأنه يسبب تشوهات في عظام الفخذ أو ما يعرف بـ: "هيب ديسبلازيا" Hip dysplasia ، كما أنه يؤلم ظهر الأمهات، أما النوع الآخر فهو الذي يجلس فيه الطفل على مقعدته وهو النوع الأفضل للطفل، و حسب موسوعة "الويكيبيديا"، فإن الدكتور ايدجار راى سانبريا أستاذ علم الأطفال حديثي الولادة بجامعة ناسيونال دى كولومبيا ، يعد أول من قدم هذه الطريقة، وقال أن الأمهات لديهن القدرة عن طريق الاتصال مع أطفالهن المولودين بوزن قليل عن طريق ملامسه أجسادهن بأجساد الأطفال لجعلهم متحفظون بالدفء و لكي يمدوهم بالرضاعة التي يحتاجها الأطفال، و هذا الالتحام يعطى الأطفال الاهتمام والرعاية، و الحقيقة ليس هذا هو المضمون، فما يراد هنا كشف الحكمة الإلهية من حياة الكنغر و حياة بعض الكائنات الحية الأخرى التي علّمت البشر كيف يقوم بواجبه تجاه من يماثله ، على غرار الغراب الذي علم ابن آدم كيف يواري جثة أخيه في التراب، في قصة هابيل و قابيل المعروفة، ثم الكنغر الذي أصبح موضع تجربة تطبقها الأنظمة الصحية و تعتبرها نموذجا يحتذي به ، بل تطالب بتطبيقها في مراكز الأمومة و الطفل و داخل المستشفيات، و تقيم من أجلها الملتقيات و الجلسات العلمية لتلقينها للقابلات و المختصين في الولادة، و لعل السباب تعود إلى ضعف التدخل التقني و الرعاية الطبية للمواليد حديثي الولادة ، و السؤال الذي يمكن أن نطرحه هنا هو : هل عجز الطب عن إيجاد طريقة للعناية بالمولود، حتى يلجا إلى تقليد حيوان "الكنغر" في الاعتناء بمولوده؟
علجية عيش








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ابتداءً 1 أكتوبر | آخر العمالقة: السمك البري | ناشونال جيوغر


.. انتشار الملاريا والدفتيريا في ولايتي برج باجي مختار وعين قزا




.. انتشار الملاريا والدفتيريا في ولايتي برج باجي مختار وعين قزا


.. تعمير- لقاء مع ‏د/رانيا علواني..وحديث عن أهمية حملة -سبورتيف




.. تعمير-م/ باسل شعيرة يوضح أهم التطورات حول توقيع أول عقد بالم