الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


باب البلد .. باب سجن .

عرفات البرغوثي

2016 / 12 / 23
القضية الفلسطينية


باب البلد .. باب سجن ..

منذ العام 2000 اغلق الاحتلال بالحواجز الترابية والاسمنتية مداخل القرى والمناطق الفلسطينية التي تمر بمحاذاة المستوطنات وفي الطرق التي يسلكها مستوطنوه . بعد سنوات وعندما بدأت الانتفاضة تخبو وتتراجع حدتها وبعد ان بدأ ما يسمى بمبادرات "حسن النية " ازيلت اكوام الاتربة عن المداخل واعيد السماح للفلسطينيين بالمرور من الطرق الاولى . ولكن بعض تلك المداخل اقيم عليها بوابات حديدة لتسهيل اغلاقها وفتحها ضمن سياسة العصا والجزرة ..

السؤال الذي يطرح كل يوم قبل الخروج من قرى بيت ريما والنبي صالح وديرغسانة وقراوة وكفرعين هو : "هل البوابة فاتحة ولا مسكرة ؟". وكذلك يعاد ذات السؤال عند رحلة العودة لتلك القرى بعد يوم عمل طويل .. البوابة كابوس، فاغلاقها يعني البحث عن طريق اخر اكثر ارهاقا وطولا بمسافته ووقته الذي يستغرقه ، عدا عن اجرته وتكاليفه الزائدة نسبيا عن الطريق الاصلي . بوابة البلد ليست كبوابات عكا والقدس ودمشق القديمة وليست مغلقة او مفتوحة بقرار حراسها . فهي لا حراس عليها وليس بقرار او فرمان الوالي وليست كالطبيعي من البوابات للحماية من متسلل يحيك شرا بمن يسكن خلفها . بوابة البلد ليست كبيرة ايضا ولا مرتفعه ولا حصينة فهي مجرد مكعبين من الاسمنت بينهما فاصل حديدي يقطع الشارع وبالقرب منها برج مراقبة يقطنه جندي او اثنين فقط وفي كثير من الايام مهجور الا من كاميرات المراقبة . البوابة ليست حديثة الكترونية وليس عليها قفل متين فيكفيها " دفشة " باليد لتغلق او تفتح . ولكن كلا الامرين يحتاج لقرار . قرار اغلاقها يأخذه جندي يتمتع باعلى صفات السادية ونزعات الكره لمن خلفها ، قد لا يكون ضابط برتبة عاليه ولكنه يجهد ليرضي نزوعه لاثبات الذات المريضة المتلذذة بعذاب من يحتاجون للعبور .
اما قرار فتحها فهو بيده ايضا ، يفتحها " لبيسمح " بعبورها ، ولكن بعد ان يمارس مباشرة حقده على المارة عندما يضع لهم حاجز تفتيش لا يتعدى هدفه الا الائذلال والتنكيل والاستفزاز . قد يشطح البعض ويقول " لماذا لا نفتحها نحن ؟ " فيتهكم عليه المارة قبل غيرهم ويأخذون كلامه ضربا من العبث .. لانهم يعلمون ان فتحها رغم ارادة مغلقها سيكون رهانا على الحياة لان الجندي المراقب في البرج له " الحق " ان يطلق النار على من يقترب منها ..
البوابة لا يمر منها المسؤولون في " الدولة العتيدة " ولا يعرفونها اصلا . فليس منهم من يسكن خلفها وسكانها لا يملكون بطاقات الامتيازات الخاصة بعبور المناطق المحرمة على شعب فلسطين . فلو وجد منهم احد لربما فاوض الجندي لفتحها .
سكان ما خلف البوابة كغيرهم من شعبهم ، يكدحون طوال نهارهم ليعودوا اخر اليوم لبيوتهم منهكين بالتفكير بلقمة عيشهم وان فكر احدهم " بمغامرة فردية " جاء الجواب المعتاد " حط راسك بين الروس وقول يا قطاع الروس " فالمبادرة بهكذا " مغامرة " قد يكون ثمنها الاعتقال ان لم يكن القتل عندها سيقول الجميع : " شو استفاد هالمجنون ؟ ، ضيع حاله بالسجن عشان يفتح البوابة كم دقيقة وهيهم الجيش رجعوا سكروها . وهو بالسجن او مات عشان شغلة فاضية .. بهدل حاله وبهدل اولاده عشان لحظة جنون بدون فايدة " .
البوابة اذن كابوس لا تزيله كل التعويذات ولا كل التبرمات ولا كل الادعية بكل ديانات اهل الارض لانها مجربة مسبقا ولم تعطي نتيجة . فهي حلقة صغيرة من سلسلة دموية تحيط رقاب شعب كامل وتشدّه نحو الخضوع والاستسلام لجلاده . البوابة هي السجن الذي يعاقب به المحتل الخارج عن قانونه ويكافئ بفتحه للخاضع المستسلم . هي العصا والجزرة فان رضيتم به احتلالا دون مقاومة فتحت لكم وان خرج منكم من يتمرد اقمعوه بانفسكم او تعاقبون جميعا .. هي منظومة كبرى تسمى الاحتلال ازالتها بحاجة فقط لحرب . وقبل الحرب بحاجة لارادة وقرار واستعداد بالتضحية بعيدا عن الانانية والرضى بذل الامر الواقع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. #بايدن يدافع عن #إسرائيل.. ما يحدث في #غزة ليس إبادة جماعية


.. بدء مراسم تشييع الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي ومرافقي




.. هل هناك أي نوع من أنواع الامتحان أمام الجمهورية الإيرانية بع


.. البيت الأبيض.. اتفاق ثنائي -شبه نهائي- بين أميركا والسعودية




.. شوارع تبريز تغص بمشيعي الرئيس الإيراني الراحل ومرافقيه