الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المثقّف السوريّ في هذه الثورة – جلال صادق العظم أنموذجاً

صلاح الدين مسلم

2016 / 12 / 24
الادب والفن


لقد لفتني أحد المتزمّتين المسلمين من أصدقائي في الجامعة قبل أكثر من عشرين عاماً إلى جلال صادق العظم وكتابه؛ "نقد الفكر الدينيّ" وصار ينهال بالشتائم على هذا المفكّر لأنّه يعادي الإسلام، وقال لي أحد الأصدقاء: إنّ العظم كرديّ الأصل وهو من سلالة الدولة الأيوبيّة هو ويوسف العظمة، وليس هذا أيضاً مجال بحثنا، لكن هذا ما حفّزني إلى قراءة كتابه هذا، وقد تأثرت بآرائه في فصل الدين عن الدولة، وكنتُ أظنّ دائماً أنّ الصراع منحصرٌ ما بين المتديّنين وبين العلمانيين فحسب، وكانت هذه قناعتي أيضاً حينها إلى أن ظهرت هذه الثورة السوريّة والتي حصرت الصراع ما بين هذين التيارين اللذَين توحّدا في الكثير من النقاط، على سبيل المثال اتّحد فريق برهان غليون العلمانيّ مع فريق البيانوني واتّفقا معاً تحت مظلة الائتلاف. لستُ في صدد البحث عن السياسة في هذا المجال، إنّما يجب أن نخوض نقاشاً جادّاً عن آليات الفكر والثقافة التي جمعت هذين التيارين المتضادين كلّيّاً حسب الظاهر، فما الذي وحّدهما تحت مظلّة واحدة؟ لابدّ أن أشير إلى أنّ إثارة هذا الموضوع برمّته قد طفا إلى السطح بعد سماعي خبر وفاة المفكر السوريّ جلال صادق العظم يوم الأحد 12-12-2016 رحمه الله.
لقد نقد العظم أدونيسَ؛ مُعارضَ الثورة السوريّة بقوله: "استفاقت سنّيّة أدونيس" وصار التراشق الكلاميّ ما بين معارضي الثورة السوريّة ومؤيّديها، وباتت لهجات التخوين تزداد، فانخفضت سويّة النقاشات ما بين المثقّفين إلى الدرك الأدنى، ما بين المعارضين والمؤيّدين، فمن خلال علمَين ثقافيين سوريين (أدونيس والعظم) وغيرهما، التغت كلّ الكتابات والكتب والأفكار التي ألّفها كلّ المفكّرين والمثقّفين والتنويرين ما قبل الثورة، وصار الفيصل؛ (من مع النظام السوريّ ومن هو ضدّه؟)
لقد دعا العظم إلى مصطلح جديد (الإسلام المالي) أي دمج الإسلام بالرأسماليّة، ودعم مشروع أردوغان الإسلامي في الشرق الأوسط، ووصف هذه الثورة الإسلاميّة المسلّحة بإسلام التوتر العالي، أو الإسلام المفيد للثورة، وأنّ هذا الإسلام سيعود إلى الإسلام العادي، مع أنّه كان يحارب الإسلام العادي الذي كان موجوداً ما قبل الثورة، فكيف استطاع هذا المفكّر بل هذه الحركة العلمانيّة الفكريّة عامّة أن تصل إلى هذه التركيبة الغريبة المتناقضة؟
من يتطلّع إلى سيرة حياة أي علمانيّ سوريّ فسيرى الأزمة المتفشّيّة في هذه الذهنيّة المتشظّيّة، ما بين قانون (المع أو الضدّ) في هذا الصراع المسلّح الدمويّ ما بين النظام والمعارضة، وبالمقابل لمّا يعروا انتباهاً إلى ثورة روج آفا التي تحمل أيديولوجيا وبراديغما وحركة فكريّة ثقافيّة تسترعي انتباه المفكّرين النقّاد سواء بالقبول أو الرفض، لكنّه التهميش القومويّ؛ الذي جمع ما بين الخصمين اللدودين؛ (المسلمين الأصوليين والعلمانيين).
من هنا علينا أن نستشفّ موضوعاً ثقافيّاً مهمّاً جدّاً ألا وهو؛ (دور المثقّف في الثورات – الثورة السوريّة أنموذجاً)، وكيف فشل المثقّف السوريّ في استنهاض رؤية فكرية تخدم مشروع السلام في سوريا والشرق الأوسط؟ وكيفيّة مراجعة الذات وتقديم النقد الذاتيّ الفعليّ للمجتمع السوريّ برمّته وللثقافة والتاريخ معاً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي