الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعد تصاعد المد الارهابي هل نتخلى عن نضالنا المستميت من اجل الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان لصالح ديكتاتور عاقل *عباس الشطري

عباس الشطري

2016 / 12 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


بعد تصاعد المد الارهابي هل نتخلى عن نضالنا المستميت من اجل الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان لصالح ديكتاتور عاقل


لم ينل العرب في تاريخهم الحديث والمعاصر اي هدف من اهدافهم الطبيعية في الحياة الحرة الكريمة ولم تتحقق احلامهم بدولة عربية جامعة يعز فيها الانسان العربي ويكرم برغم توافر المقومات المادية والاجتماعية والفرص العالمية بعد الحربين العالميتين بل اشغلتهم الويلات عن تحقيق اي رغبة انسانية يتساوون فيها مع اقرب الدول النامية صدقا , وياريت الامر يتوقف عن البحث عن تحقيق حلمهم ذاك بل وصل الامر بهم الى التراجع عن مسار الحضارة الانسانية التي ابدعت في مجالات الفكر والثقافة والعلوم المختلفة ووصل الامر بهم ان اصبحو (عالة على العالم ) كما وصفهم المفكر السعودي المرموق الدكتور ابراهيم البليهي في احدى لقاءاته التلفزيونية .
ولسنا هنا في معرض تحليل وتفسير ماحدث ويحدث من تراجع على مختلف الصعد فقد كتب الكثير والكثير عن ذلك ولم يجد اذانا صاغية لا من الحكام ولا من مستويات الشعب المختلفة ودون ادنى مراجعة وافية من لدن النخب المثقفة الا ماندر , واذا ماسلمنا بان طريق الاصلاح والتقدم في منظوره العام والذي سارت عليه اغلب دول العالم لاياتي الا عبر طريقين لاثالث لهما اما بطريق التدرج الطبيعي نحو الاصلاح والذي يتطلب مناخات صحية تتوسع كلما سار العرب بشكل انساني صحيح نحو الحرية والعدالة اسوة بتجارب الدول الغربية خلال المائتي سنة الماضية وهو طريق يتطلب نظام سياسي واجتماعي عاقل وعادل ربما (تجربة الهند الحالية) اقرب اليه او بطريقة الحكومات الديكتاتورية القاسية التي تحتكر وتصادر حقوق وحريات الافراد لصالح التقدم في مستويات الحياة الاخرى كالصناعة والزراعة والاكتفاء الذاتي لاعالة الملايين من البشر كما هو حاصل في الصين الان, وفشل العرب في خوض اي من المسارين بحرفية عالية حعلهم لايجدون موطيء قدم يضعون فيه خطواتهم نحو المستقبل بل بالعكس جعلهم يتراجعون بسرعة كبيرة ولايحافظون على ادنى مرحلة من الوجود وهي الدول القومية التي انشات وفق اتفاقية سايكس بيكو بل ان تراجعهم بشكل اكثر خطورة واقرب الى طريقة (الانسحاب المنظم للجيش العراقي من الكويت الذي ابتدعه صدام ) تحت وابل من نيران طائرات التحالف والنتيجة سحق مائتي الف جندي عراقي على الطريق الواصل بين الجهراء وسفوان الى البصرة!!
كتب الكاتب السوري الساخر زكريا تامر مقالة على صفحات مجلة التضامن التي كان يراسها الكاتب الصحفي فؤاد مطر في منتصف الثمانيات (لازلت اتذكر فحوى المقالة)حول حال العرب في المستقبل مصورا لنا بانهم سينقسمون اكثر ويصبحون اكثر تشرذما حتى انه وصف ذلك بان ابناء دولة(مدينة) طرابلس سيسافرون الى دولة بيروت بجوازات وكذا الحال لابناء دولة حلب الى دمشق وبغداد الى البصرة وبنغازي الى طرابلس الغرب وهلم جرا .لم يتناول زكريا في مقاله ذاك الامل بالتقدم الاجتماعي والسياسي لصالح الحريات وبناء الديمقراطية في الوطن العربي في الوقت الذي كان يمكن تحقيق الحد الادنى منها في منطقتنا العربية نظرا لاتجاه شعوب العالم نحو تطبيق هذه الحقوق في اميركا الجنوبية وهو ماحصل لاحقا بعد فوز كارلوس منعم برئاسة الارجنتين سنة 1989 وانتهاء نظام بينوشيه الديكتاتوري في شيلي والاستعداد لمرحلة مابعد الاتحاد السوفيتي في اوربا الشرقية وازعم ان زكريا كان يعرف جيدا اتجاه العالم نحو مزيد من الحريات فمالذي دعاه الى التفكير بتفتت العرب الى دويلات صغيرة بدلا من تركيزه على تعزيز الحريات بالتاكيد انه ككاتب مطلع يعرف اسرار العقلية العربية الحاكمة والمحكومة ايضا وانه وجد طبقا لهذه العقلية انه لافرصة لتحول العرب نحو الحد الادنى من التفاهم المبني على مصلحة الامة فقد كانت جبهة الصمود والتصدي تعزل العراق وهو احد مؤسسيها لانها كانت تميل نحو تاييد ايران في الحرب بينها وبين العراق (سوريا وليبيا) في حين وقفت الجزائر على الحياد وان مصر اختارت سلام العزلة ومعها السودان بمشاكله وحروبه الاهلية ودول الخليج اختارت الاتفاق على مشروع التعاون الخليجي كرد فعل على تهديدات ايران بتصدير الثورة لكن حتى فكرة او تخيل الكاتب بتفتيت امة العرب بمقاله ذاك لم يلحقها بمفهوم الضياع الحالي ولا اعرف هل كان ذلك غائبا عن وعيه ام اعتبره تحصيل حاصل من حال التفتت او خشي ان ينبانا الى خطر لايمكن تصوره .؟؟
ان فكرة الدولة الوطنية الديمقراطية والتي يتم فيها تبادل السلطة سلميا وتعزز روح المواطنة وتبني دولا حديثة كانت واحدة من اهم نضالات المناضلين والمفكرين العرب اثناء حقبة الاستعماروبعدها بل ازعم انها كانت تسير جنبا الى جنب مع احلام الثوار في ثورات الجزائر واليمن وانقلابات مصر والعراق لكنها سرعان ماتحولت الى اضغاث احلام بعد استقرار انظمة تلك الدول لان العقلية العربية التي تميل الى فكرة البطرياركية الابوية لم تتخل بعد عن تقاليد حكم القبيلة خاصة وان اغلب الدول العربية المستقلة تعتمد على الريع من بيع النفط ومعروف عن الدول الريعية غير الصناعية المنتجة يميل فيها احتكار السلطة والمال الى الدولة والاغداق على الاتباع بطريق شيخ القبيلة وقد وفر لها البترول ذلك على عكس الدول الصناعية التي تتنازل عن الكثير من احتكار السلطة لصالح الجمهور المساهم بدفع الضرائب والبناء بفاعلية واذا كانت التطلعات نحو حرية الفرد وديمقراطية الدولة في المنطقة العربية قد منحت فرصة ثمينة لتحقيقها اثناء وجود الدولة القوية وبحكم تاثيرات الحضارة الانسانية والتقدم في مجالات الحكم والسياسة في دول الغرب واميركا الجنوبية وشرق اسيا قبل الربيع العربي الحالي والتي كان بامكانها تحسين مستوى الحياة السياسية والاجتماعية تاثرا بتلك الحضارات لكنها لم تستفد من تلك الفرصة لزرعها في مجتمعاتنا ودولنا فقد انزوت الان تماما, خاصة بعد فقدان عنصرالقوة واهم عنصر في بناء المجتمعات واستقرارها وهو عنصر الامن فمعظم الدول العربية اصبحت تعاني صراعات عسكرية امنية تهدد وجودها ونسيجها الاجتماعي وبعضها اصبح ينظر الى الامن باعتباره عنصرا وجوديا يمس بقاء هذه الدولة ويخشى من تحولها الى دولة فاشلة تحكمها عصابات كماهو الحال في المنطقة الواقعة بين الرقة في سوريا والموصل في العراق والتي تسيطر عليها داعش او مايحصل في ليبيا واليمن بل حتى الغرب الصناعي الذي كان يتحجج بضغوطاته على الدول العربية بحجة نشر الحرية والديمقراطية وضرورة انتهاء الانظمة الديكتاتورية وشكلت ضغوطاته جزءا من الفرصة الضائعة تلك واستخدم هذه الحجج لاسقاط انظمة ومحاربة اخرى (صدام والقذافي وبشار الاسد ) اخذ يبتعد عن اثارة هذه القضية المهمة في ادارته للصراعات على الارض بل اخذ يميل الى التعاون مع الانظمة الجديدة في العراق وليبيا من اجل اعادة هيبة وقوة الدولة اكثر من رغبته في ترسيخ مفاهيم الديمقراطية بعد ان وجد ان سياساته في فرض الديمقراطية بمفهومها الغربي على الدول العربية (اذا ما حسنت نية التفكير طبعا) تسببت في اثارة اهم مشكلة في القرن الجديد تمثلت بالارهاب المنفلت وفي اجتياح اللاجئين لاوربا مع الخوف من تسببهم في احداث امنية لم تكن اوربا تعرفها من قبل بل حتى الحزب الجمهوري في اميركا الميال دائما الى الحروب وتبديل الانظمة الحاكمة بالقوة نجده تخلى تماما عن هذه الفكرة بعد ان تلمس اثارها الكارثية على اميركا والغرب (التعاون الروسي الاميركي في الملف السوري وضرورة بقاء بشار الاسد وجيشه )ووصل الامر ان الرئيس الاميركي الجديد دونالد ترامب امتدح سياسات صدام القمعية لانه بات يعتقد ومعهم الجمهوريون بان ليس من مهمة اميركا جلب الديمقراطية بقدر فرضها للامن ومكافحة الارهاب وهو مايعزز فكرة الحكام الديكتاتوريين التي ربما تعود الى المنطقة العربية مرة اخرى ويفشل الربيع العربي في اقتناص الفرصة الذهبية التي اتيحت له بعد ان يقتنع الجميع ان البقاء امنين في بيوتهم افضل الف مرة من فكرة الديمقراطية التي تحول الدول الى محميات لعصابات مارقة وتبقى فرصة ضئيلة لتحدي ذلك تمثل بانتصار الجيش السوري في حلب وامكانية عودة الدولة السورية القوية وان تتاخر قليلا لتكون اهم اختبار للعقلية العربية القبلية في ان تحول الانتصار السياسي والعسكري لصالح بناء دولة جديدة يعز فيها الانسان وتحترم كرامته والادراك وان كان متاخرا بان من الاسباب المهمة لاندلاع اعمال العنف هو عدم اذعان الانظمة الى مطاليب الشعوب بالحرية والكرامة وهي محط اختبار كما تشكل التجربة المصرية بالون اختبار اخر لحكم العسكر اما ان يسيربالشعب المصري نحو التقدم وتعزيز الديمقراطية والحريات بطريقة التدريج او الامعان في الحكم الديكتاتوري وهكذا تبقى سوريا ومصر كما كانتا جناح الامة محط اختبار لاعادة صيرورة الوطن على اساس اجتماعي ديمقراطي يمنحنا فرصة اخيرة اذا ما اعادا حساباتهما واستفادا من تجربة الضياع التي كادت ان تحصل لهما واذا لم يحصل ذلك وضاعت الفرصة سنتقبلهما باعتبارهما حكاما دكتاتوريين عاقلين يفرضون القانون بالقوة ومعه الامن طبعا وهو الاخطر ان يتستبدل المجتمع العربي حالة الصيرورة والمخاض الديمقراطي وما انتجته من فوضى بحالة التعايش مع حكوماته الديكتاتورية لان ذلك سيخمد جذوة النضال الوطني التي خاضتها الشعوب العربية وحركاتها السياسية الديمقراطية وضياع كل النضالات الاجتماعية التي خاضها العرب لاكثر من مائة عام لنعود الى حاكم ديكتاتوري يسمى عاقلا لانه يسلخ جلود المعارضين لحكمه فقط ويترك باقي الشعب لهمه من اجل رغيف الخبز ومعه المبيت امنا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أجواء من البهجة والفرح بين الفلسطينيين بعد موافقة حماس على م


.. ما رد إسرائيل على قبول حماس مقترح مصر وقطر لوقف إطلاق النار؟




.. الرئيس الصيني شي جينبينغ يدعم مقترحا فرنسيا بإرساء هدنة أولم


.. واشنطن ستبحث رد حماس حول وقف إطلاق النار مع الحلفاء




.. شاهد| جيش الاحتلال الا?سراي?يلي ينشر مشاهد لاقتحام معبر رفح