الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رأي قانوني هل ستؤثر حالة شارون الصحيّة على موعد الانتخابات؟

يوسف جبارين

2006 / 1 / 7
القضية الفلسطينية


تأتي الأزمة الصحية الحادة التي ألمّت برئيس الحكومة الاسرائيلي، ارئيل شارون في خضم حقبة زمنية ذات خصوصية (وحساسية) قانونية وسياسية غير عادية. فوفقا للوضعية الدستورية- القانونية الحالية فان الحكومة هي بمثابة "حكومة انتقالية" وذلك على اثر صدور أمر بحل الكنيست مؤخرا وتعيين موعد الانتخابات في الثامن والعشرين من آذار القادم بموجب الاتفاق الذي تم بين رئيس الدولة، ورئيس الحكومة، والاحزاب الكبيرة. ومن ناحية الصلاحيات فان الحكومة الانتقالية تتمتع تقريبا بكافة صلاحيات الحكومة العادية، لربما باستثناء القرارات ذات الابعاد المصيرية على عمل الحكومة المنتخبة القادمة. ويحق للحكومة الانتقالية تعيين وزراء جدد (من بين اعضاء الكنيست الحاليين) دون الحاجة الى تصديق من الكنيست على هذه التعيينات كما هي الحال عادة.
وبحسب البند (16) من "قانون أساس: الحكومة"، فانه اذا ما تعذّر على رئيس الحكومة، بشكل مؤقت، القيام بمهامه الرسمية؛ ينوب عنه القائم بأعماله. ولا يميّز القانون هنا بين رئيس حكومة انتقالية او حكومة عادية. وبما ان التشريعات الدستورية تسعى لضمان فاعلية كافة الصلاحيات دون انقطاع؛ يتمتع القائم باعمال رئيس الحكومة في هذه الحالة بصلاحيات كاملة كتلك التي يملكها رئيس الحكومة، دون أي نقصان. وهكذا بعد دخول شارون المستشفى في حالة صحية تمنعه من القيام بمهامه ولو مؤقتا، تم نقل صلاحياته الى ايهود اولمرت بعد تنسيق (هاتفي) ما بين المستشار القضائي للحكومة وسكرتير الحكومة. ورغم ان القانون الاسرائيلي لا يحدد بوضوح ماهية الوضعية او الظروف التي يجب ان تتوافر حتى يتعذر فيها على رئيس الحكومة القيام بمهامه؛ لم يترك رأي الاطباء المختصين مجالا للشك من الناحية القانونية والسياسية بوجوب نقل الصلاحيات. (وهكذا كانت،بالمناسبة، المفارقة بنقل صلاحيات شارون منه في نفس اليوم الذي تم فيه تسجيل حزبه الجديد).
ما هو مدى تأثير هذه التطورات على تاريخ الانتخابات؟ يمكن القول، باقتضاب، انه من المستبعد ان تؤدي هذه التطورات الى تغيير الموعد المقرر لكن المعطيات القانونية قد تحمل بعض المرونة. "قانون أساس: الحكومة" يوفر فترة اقصاها مئة يوم يستطيع خلالها القائم باعمال رئيس الحكومة مواصلة اشغال مهامه رئيسا للحكومة. ومع انتهاء هذه الفترة ينظر القانون الى الحكومة وكأنها حكومة مستقيلة. وعندها وخلال فترة اقصاها سبعة ايام على رئيس الدولة تكليف احد اعضاء الكنيست بتشكيل حكومة جديدة. في الظروف القانونية الحالية في البلاد والتي بحسبها من المقرر ان تجري الانتخابات خلال حوالي الثمانين يوما (اي اقل من فترة المئة يوم المذكورة) فانه من غير المتوقع ان تؤثر حالة رئيس الحكومة على موعد الانتخابات في 28/3.
أما في حالة وفاة رئيس الحكومة، فان القانون يمنح الكنيست صلاحية تأجيل موعد الانتخابات اذا ما صوّت الى جانب التأجيل ثلثا أعضاء الكنيست (80 عضوا) على الاقل، وذلك شريطة ان تتوافر "ظروف خاصة" تحول دون اجراء الانتخابات في موعدها. (وقد حدث ان توافرت هذه الظروف عام 1973 حين تم تأجيل موعد الانتخابات لشهرين اثر اندلاع حرب أكتوبر).
إن أي قرار بشأن تأجيل موعد الانتخابات سيكون خاضعا لامكانية الطعن امام محكمة العدل العليا، علما انه من غير الواضح قانونيا ما هي عينيَّا الظروف الخاصة التي اذا نشأت فقد تسمح بتأجيل الانتخابات، كما ان مدى حدة المراجعة القضائية التي ستوفرها المحكمة يظل محض تخمينات. تجدر الاشارة ايضا ان الكنيست الحالية لم تكمل دورة كاملة لمدة اربع سنوات، بعد.
وفي حال وفاة رئيس الحكومة على رئيس الدولة ان يكلف احد اعضاء الكنيست بتشكيل حكومة خلال اسبوعين، وفي هذه الحالة فان من يشكل الحكومة يكون رئيسا للحكومة الانتقالية حتى تأليف الحكومة الجديدة بعد الانتخابات. وفي ظل التوترات السياسية القائمة فانه من المتوقع ان يكون للمستشار القضائي للحكومة دور فاعل في تفسير الوضعية القانونية الناشئة في كل حالة وحالة، علما ان تفسيراته تخضع لمراجعة محكمة العدل العليا. والسؤال هو: هل ستدور الاحداث لتستقر الكرة الانتخابية في ملعب محكمة العدل العليا؟ هذا السؤال ليس ضربا من الخيال وهو يذكرنا بما حدث في انتخابات الرئاسة الامريكية قبل الاخيرة حين حسمت المحكمة العليا الفدرالية المنافسة بين بوش وآل غور، لصالح الاول.

(الكاتب إخصائي حقوقي ومحاضر جامعي)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأردن يحذر من تداعيات اقتحام إسرائيل لمدينة رفح


.. أمريكا تفتح تحقيقا مع شركة بوينغ بعد اتهامها بالتزوير




.. النشيد الوطني الفلسطيني مع إقامة أول صف تعليمي منذ بدء الحرب


.. بوتين يؤدي اليمين الدستورية ويؤكد أن الحوار مع الغرب ممكن في




.. لماذا| ما الأهداف العسكرية والسياسية التي يريد نتنياهو تحقيق