الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المنهج العلمي لادراك الحقيقة ومنطقة المالكي الرمادية

جميل كاظم التميمي

2016 / 12 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


المنهج العلمي لادراك الحقيقة
ومنطقة المالكي الرمادية



في بداية مشواري التخصصي في مجال الطب النفسي كان علي ان اتدرب ضمن اختصاص امراض الجملة العصبية كنت يومها ضمن مجموعة اساتذة وطلبة بورد لمناقشة حالة مرضية معقدة اذ كانت اعراض المريض السريرية متباينة فكان تشخيص استاذنا الكبير د.سرمد الفهد يشير الى حالة مرضية تختلف عن تشخيص باقي الاساتذة المتميزين منهم الاستاذ محمد توفيق واخرين لكنهم اتفقوا فيما بعد ان من يحسم الامر هو فحص الرنين المغناطيسي MRI فهو المرجع التشخيصي المتطور والذي يجمع عليه الكل في دقة تشخيصه يومها لم يكن يتوفر هذا الجهاز الا في مستشفى ابن سينا المرتبط بالقصر الجمهوري في تسعينيات القرن الماضي وفعلا بعد اجراء الفحص حسم الخلاف و اقتنع الجميع بالتشخيص .
لكن بعدها وجدت نفسي وفي بداية التدريب على تخصصي انني في حيرة اذ ان الامراض العضوية يمكن حسم جدل التشخيص فيها بعد اخضاعها لفحوصات متنوعة ودقيقة لكن كيف سيكون الحال مع الامراض النفسية بمعنى اخر اذا اختلف اطباء حول حالة مرضية نفسية احدهم يشخص مرض الفصام واخر يشخص مرض الهوس واخر ربما اضطراب الشخصية على سبيل المثال فكيف سيحسم الامر اذا لم يتوفر تحليل معين اسوة بالامراض العضوية كي يحسم الجدل؟
هذا الامر تجاوزته لاحقا بعد ان عرفت ان الاطباء المختصين بالطب النفسي في دول العالم المتطور انتبهوا لهذا الامر واخذوا باخضاع الامراض النفسية هي الاخرى الى معايير ومقاييس قابلة للتشخيص باجماع كل الاطباء لكي لا يخضع التشخيص الى مزاجية الطبيب ، على سبيل المثال انك تحتاج الى تشخيص مرض الاكتئاب كشرط وجود اعراض خمسة مهمة من اصل مجموعة اعراض عديدة محددة يعاني منها المريض المصاب بالاكتئاب على ان تكون هذه الاعراض ملازمة للمريض بفترة زمنية لا تقل عن اسبوعين وان شدة هذه الاعراض قد اثرت على قدرة المريض الوظيفية والاجتماعية اي بمعنى اخر اصبح لدينا عدد وزمن محدد لتشخيص الاكتئاب وهذه قابلة للقياس هذا الامر ينطبق كذلك على جميع الامراض النفسية الاخرى بمعنى اخر ان الطبيب النفسي في العراق بامكانه تشخيص حالة مرضية معينة بنفس الطريقة التي يصل اليها اي طبيب اخر في دول العالم لانه يخضع الى نفس المعيار في التشخيص لذلك هم حققوا انجاز مهم باخضاع الطب النفسي الغير قابل للقياس سابقا الى قياس حاليا كما هو شان الطب العضوي والسبب هو لتوحيد التشخيص وتجاوز الفوضى .
هذه المقدمة الطبية قادتني الى حقيقة الجدل السياسي الذي يعاني منه العراقيون دائما حول اختيار مسؤول معين،
على سبيل المثال رئيس الوزراء السابق المالكي فمنهم من يقول انه كان ناجح واخر يدعي فشله كل منهم ينظر من زاوية محددة بمعزل عن زاوية الخصم هذه الزوايا المختلفة تبرر للمتخاصمين فشل ونجاح المالكي لذلك ليس بمقدور احدهما اقناع الاخر صدق رايه واصبحت لدينا منطقة رمادية يراهن عليها المسؤول لضمان بقاءه في السلطة .
لكن لو تمكنا من اخضاع المسؤول وليكن رئيس الوزراء على سبيل المثال الى مبدا القياس لتقييم نجاحه او فشله لاختفت هذه المنطقة الرمادية فمثلا ليتفق الشعب في ان يضع معايير او انجازات (على اي رئيس وزراء يقود العراق) تحقيقها فان لم يستطع ضمن فترة زمنية محددة فان عليه التخلي عن الترشيح لولاية اخرى او التنازل عن المنصب لاتاحة الفرصة لاخر لتحقيق المعاييير المتفق عليها وهكذا. ولتكن المعايير على سبيل المثال لا الحصر

1-المحافظة على قيمة الدينار العراقي
2-تقليل نسبة البطالة
3-رفع معدل دخل المواطن العراقي
4-تقليل نسبة الوفيات
5-تقليل نسبة الفساد
6- تقليل نسبة الجريمة
7- تقليل عدد مدارس الطين
8-تقليل عدد الايتام والارامل والمطلقات

طبعا هذه النقاط او الانجازات جزء من نقاط كثيرة ممكن ان يضعها مختصون في مجالات واختصاصات متنوعة تتبناها وزارة التخطيط على ان تقدمها للبرلمان كونه ممثلا للشعب لاعتبارها مقياس ممكن المصادقة عليه .
بالطبع ان رئيس الوزراء سوف لن يكون ملزم بتحقيق كل هذه النقاط او الانجازات لاثبات نجاحه لكنه على الاقل ملزم بتحقيق نقاط محددة يتفق عليها الشعب مثلا خمس انجازات من اصل 15 وهكذا .
لو تتبعنا هذه النقاط سنلاحظ ان رئيس الوزراء سيحسب الف حساب قبل ادخال البلاد في حروب وعداوات وصراعات مذهبية وقومية لانه بكل تاكيد سيؤثر على نقاط اقتصادية واجتماعية تجعله يخسر منصبه ويدرج ضمن قائمة الفاشلين.

هذا الامر سيقلل ان لم يوقف الجدل المستمر بين العراقيين حول فيما اذا كان رئيس وزراء معين فاشل ام ناجح بغض النظر عن انتمائه لانه يخضع الى معيار متفق عليه مسبقا وبذلك نتخلص من المنطقة الرمادية التي يراهن عليها ويستثمرها المسؤولون لاقناع الشعب باستحواذهم على السلطة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ctمقتل فلسطينيين في قصف جوي إسرائيلي استهدف منزلا وسط رفح


.. المستشفى الميداني الإماراتي في رفح ينظم حملة جديدة للتبرع با




.. تصاعد وتيرة المواجهات بين إسرائيل وحزب الله وسلسلة غارات على


.. أكسيوس: الرئيس الأميركي يحمل -يحيى السنوار- مسؤولية فشل المف




.. الجزيرة ترصد وصول أول قافلة شاحنات إلى الرصيف البحري بشمال ق