الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كل عام وانتم بخير..كل عام وانتم تصنعون التاريخ!

نادية محمود

2016 / 12 / 25
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


[email protected]
ما هو جميل في بداية كل عام هو ان الناس تحتفل وتتبادل الامنيات بحلول عام جديد سعيد. يحدوها الامل والتطلع الحقيقي الى العيش في عالم افضل، متمنية وبصدق الى ان تكون الامور افضل في العام الجديد.
شهد عام 2016 انعطافات تاريخية هائلة كان محركها الاول والرئيسي هو الطبقة الرأسمالية، ووصولها الى ازمة خانقة، استدعت تدخل ستراتيجيوها لاجراء تغييرات جديدة لاطالة عمر وجودها، وللحيلولة دون سقوطها في القبر، الذي تحفره هي بايديها، مثل خروج بريطانيا من الاتحاد الاوربي وانتخاب ترامب.
للخروج من ازمة الرأسمالية الخانقة رفعت كلا من بريطانيا وامريكا راية القومية "استقلال بريطانيا"، "استعادة امريكا للاميركيين". ساعية لاظهار وابراز احط المشاعر مثل مشاعر القومية في الغرب، وتسويقها للطبقة العاملة، التي كما ظهر ان اقساما منها قد باعت نفسها لتلك التوجهات. الا انه، في بريطانيا، ومنذ لحظة اعلان القرار بالخروج من الاتحاد الاوربي، يعيش المواطن اوضاعات اقتصادية متدهورة، انخفاض قيمة الجنية الاسترليني، تدهور خدمات الصحة، بيع التعليم، انعدام الامان، تراجع اوضاع وحقوق الشباب قياسا بالعقدين المنصرمين. ولن تكون الدنيا ربيعا بعد استلام ترامب لدفة القيادة.
اقليميا، شهد هذا العام بربرية لا مثيل لها في الشرق الاوسط، سالت ولازالت تسيل بحار من الدماء من الملايين العزل. وكما فعلت مثيلاتها في الغرب التي رفعت راية القومية، رفعت الحكومات في الشرق الاوسط راية "الدين" "الطائفية" كأخرملاذ للطبقة الحاكمة المتبنية للدين والاسلام كراية سياسية لها في الشرق الاوسط، لادامة حكمها وهيمنتها في هذه المنطقة.
لقد جرى استخدام الدين والطائفة كسلاح فتاك بايدي الحكومات الاسلامية في تركيا والسعودية وايران والعراق من اجل فقط ادامة وجودها. لقد ارهبت وترهب هذه الحكومات وميليشياتها وكلفت وتكلف حياة الملايين من الناس في العراق وسوريا واليمن. لقد تحول السكان في هذه الدول اما الى قسم مستقر لكنه يعيش حالة خوف ورعب والشعور باللاأمان الاقتصادي ويفتقدون مقومات العيش في حالة طبيعية، او نازحين ولاجئين في بلدهم نفسه، يعيشون على اطراف المدن، وفي مخيمات تبقي الانسان على حافة الحياة الانسانية، او لاجئين تمكنوا من النفاذ بجلودهم الى اي مكان اخر في العالم. هؤلاء هم المحظوظين الذين يغبطهما القسمين الاول والثاني على هذا المصير. لقد حول الاسلام السياسي العالم الى مكان ينعدم فيه الامان وبشكل مطلق. اغتيال السفير الروسي في تركيا، تفجيرات اسواق برلين، هي امثلة اضافية على ما يجري في الشرق الاوسط.
الا ان الانعطافات التاريخية لم تكن فقط "من فوق"، من الطبقات الحاكمة، بل كان هنالك عمل اخر يجري "من الاسفل". فقد شهد هذا العام ظواهر جديدة لم يشهدها القرن الحادي والعشرين بعد. ان بروز مرشح رئاسي لامريكا يتحدث علانية ضد الرأسمالية، ويتحدث عن الاشتراكية، لهو ظاهرة جديدة ومنعشة، بغض النظر عن كيف الت اليها الامور. فلاول مرة في الولايات المتحدة يرتفع النقد ضد الرأسمالية في اوساط اكاديمية وشعبية. اصبح الاهتمام بأمر البديل للرأسمالية امرا مطروحا في دولة حاربت وباستماتة الشيوعية مثل امريكا. الان في هذه الدولة بدأ الشباب يتسائل ما معنى الاشتراكية، وبدأو يتوجهون لقراءة رأس المال. وبدأ اساتذة الجامعات الماركسيون يتحدثون للطلبة وفي وسائل الاعلام الاجتماعي عن ان الرأسمالية لن تقدم حلا، ولا بد من بديل، مقدمين الادلة العلمية والاحصائيات الاقتصادية على ذلك. واصبح الحديث عن ان انتخاب ترامب وخروج بريطانيا من الاتحاد الاوربي، هما تعبير عن ازمة الرأسمالية، حديث شائع.
في الشرق الاوسط نفسه، ولمواجهة قوى الاسلام السياسي في الشرق الاوسط بدأت تؤلف الكتب عن اتساع ظاهرة الالحاد والوقوف ضد الدين، ويجري التعبير عنها في القنوات الفضائية، وسائل الاعلام الاجتماعي، الاعمال الفنية وغيرها من الاشكال الى الحد الذي دفعت بالحكومات العربية مثل السعودية ومصر الى اصدار عقوبات سجن واعدام، وشن حملات مع المؤسسات الدينية مثل الازهر لـ"محاربة الالحاد". لقد عبرت هذه الحكومات بشكل واضح وصريح بقول احد ممثليهم: "إذا تمردوا الملحدون ضد الدين، فإنهم سيتمردون على كل شيء آخر".
لقد رفعت الجماهير في العراق هذا العام والعام الذي سبقه شعارات "باسم الدينا باكونا الحرامية" وشعار "لا سنية ولا شيعية، دولة دولة مدنية"، واهازيج مواطنين في الديوانية في الايام الاخيرة بان كل تلك الاحزاب الاسلامية هم لصوص واشرار.
لقد شهد هذا العام صعود الوعي والتعبير عنه باشكال مختلفة علانية وجماهيريا بكيف جرى استخدام الدين في الشرق الاوسط لحماية مصالح الطبقة الرأسمالية الحاكمة. ان كان مبعث رعب حقيقي لتلك الطبقة اللصوصية الجاثمة على صدورنا، فهو مبعث امل وفرح كبير، حيث يجري انهاء مفعول وصلاحية استخدام هذا السلاح.
ان ما رأيناه في عام 2016، في الغرب وفي الشرق الاوسط ، يدلل مرة اخرى واخرى على ان الرأسمالية ليس ليس لديها حل، والاسلام السياسي، وعلى العكس من دعاته "ليس هو الحل". ان الشرط الاولي لايجاد حل لمشاكل المجتمع ومن اجل توفير امان اقتصادي، معيشي، صحي، وخدمي رعائي للملايين، اطفالا، شبابا، نساء وشيوخا، هو القضاء على النظام الرأسمالي نفسه، اذا كان رافعا راية القومية او راية الدين.
سنسعى من اجل ان نجعل عام 2017 عام للعمل للدفع بعجلة التاريخ خطوة اخرى للامام.
وكل عام وانتم بخير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حسين بن محفوظ.. يصف المشاهير بكلمة ويصرح عن من الأنجح بنظره


.. ديربي: سوليفان يزور السعودية اليوم لإجراء مباحثات مع ولي الع




.. اعتداءات جديدة على قوافل المساعدات الإنسانية المتجهة لغزة عب


.. كتائب القسام تعلن قتل عشرين جنديا إسرائيليا في عمليتين شرقي




.. شهداء ومفقودون بقصف منزل في مخيم بربرة وسط مدينة رفح