الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما وراء التعثر المؤقت في تشكيل الحكومة المغربية

جلال مجاهدي

2016 / 12 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


انتشاء رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بنكيران بفوز حزبه العدالة و التنمية بالانتخابات التشريعية الاخيرة المجراة يوم سابع أكتوبر الماضي , لم يدم وقتا طويلا , فبعد تعيينه من طرف الملك كرئيس للحكومة الجديدة و تكليفه باختيار أعضائها الجدد, لقي هذا الأخير نفسه في وضع حرج بين خيارين , الأول و يتمثل في الوفاء بوعوده لحزب الاستقلال بتمكينه من حقائب وزارية بعد أن تبين لكلا الحزبين أهمية التحالف بينهما لإحداث توازن حكومي و سياسي أمام نفوذ و قوة الأحزاب الإدارية و بين الخيار الثاني القاضي بقبول شروط الأمين العام الجديد لحزب الأحرار , السيد عزيز أخنوش و طرحه لإقران شرط قبول حزبه بقبول حزبي الاتحاد الدستوري و الحركة الشعبية ضمن التشكيلة الحكومية مع استبعاد حزب الاستقلال منها .

المسألة كما يعرف جميع المتتبعين ليست أزمة تشكيل للأغلبية الحكومية , فالأحزاب الثلاثة التي أعلنت عن موافقتها للمشاركة في الحكومة و المتمثلة في حزب الاستقلال الذي حصل على 46 مقعدا برلمانيا، والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية 20 مقعدا برلمانيا، والتقدم والاشتراكية 12 مقعدا برلمانيا، إضافة إلى حزب العدالة والتنمية 125 مقعدا،تمكن رئيس الحكومة من عدد مقاعد تفوق 198 المتطلب لتشكيل حكومة أغلبية طالما أن مجموعها هو 203 مقعدا .

عدم تشكيل الحكومة رغم التوفر على الأغلبية , هو حالة شاذة و نشاز في الممارسة السياسية , لكن اعتبارات اقتصادية يعرف رئيس الحكومة أهميتها و ضرورتها تجعله يتشبت برجل الأعمال عزيز أخنوش المقرب من القصر و بحزب الأحرار, هذا التشبت هو أمر يتجاوز اختيار رئيس الحكومة , فالمسألة تتعلق بطغيان التوجهات الاقتصادية للدولة على ما هو سياسي , ذلك أنه من جهة فإن إشراف الأمين العام الجديد لحزب الأحرار على مجموعة من البرامج الاقتصادية بمعية وزراء من الحزب المذكور و ضرورة تتبعها من طرفهم و التزامهم بتنفيذها أمر يجعل من وجودهم ضرورة لا غنى عنها في التشكيلة الحكومية المقبلة و ينضاف إلى ما ذكر أن التوجهات الإقتصادية الجديدة للدولة القاضية بالانفتاح على الدول الإفريقية و الآسيوية لا زالت في مرحلة التأسيس و أن وزراء حزب الأحرار هم من قاموا بتحضير الاتفاقيات الاقتصادية الدولية و التوقيع عليها و التزموا بتنفيذها و من تم فإن الوضع لا يحتمل أي انقطاع أو تعثر في مسلسل التنفيذ .

الاعتبارات الاقتصادية بلا شك ستكون عنوان المرحلة و مفتاح الدخول إلى الحكومة حيث ستكون جاذبية بعض رجال الأعمال و علاقاتهم و كفاءات البعض الآخر التقنية و الميدانية هي عنوان المرحلة , لكن هذا الشق الاقتصادي ليس هو السبب في تعثر تشكيل الحكومة , فرئيس الحكومة المعين يعي جيدا متطلبات المرحلة , تعثر تشكيل الحكومة يرجع إلى الشق السياسي , فعودة أخنوش لحزب الأحرار و ترأسه له و اشتراطه لدخول الحزب الدستوري و لحزب الحركة الشعبية , هو أمر يروم من خلاله صناع القرار أمرين معا أولا إعادة تشكيل المشهد السياسي بالنظر لإخفاق حزب الأصالة و المعاصرة في الفوز بنتيجة الانتخابات بإعادة تكتل الاحزاب الادارية و ثانيا لتغليب كفة هذه الأحزاب كما و نوعا في التشكيلة الحكومية مع تقليص عدد الحقائب التي من الممكن إسنادها إلى الحزب ذي المرجعية الاسلامية التقليدية وإلى الحزبين المحسوبين تجاوزا على اليسار , استبعاد حزب الاستقلال في ظل هذا الطرح يبقى أمرا حتميا .

رئيس الحكومة المعين كان يروم الإبقاء على حزب الاستقلال بجانبه كتكتيك لتشكيل حكومة تحتفظ بأقل عدد ممكن من الحقائب للأحزاب الإدارية و هو الأمر الذي لم يقبله صناع القرار و كانت التوجيهات واضحة في كل مرة , بمعنى أن على رئيس الحكومة الإذعان للشروط الفوقية و إعلان حكومة مشكلة وفق ما اشترطه الأمين العام لحزب الأحرار فلا مجال لمناقشة الأمر .

استمرار رئيس الحكومة في التعنت و اعتصامه ببيته و إدلائه بتصريحات ذات اليمين و ذات الشمال و إعطاء الأمر لكتائبه الالكترونية بمهاجمة شخص عزيز أخنوش و شركاته كانت منه مجرد محاولات يائسة و بعدما سئم صناع من حركاته ,تلقى أمرا من القصر بواسطة مستشاري الملك عبد اللطيف المنوني و عمر القباج بأن لا مناص له من تشكيل الحكومة وفق ما هو مخطط له في أقرب الآجال و بأنه لا مجال للنقاش أو الرجوع إلى الوراء .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هدنة غزة تسابق اجتياح رفح.. ماذا حمل المقترح المصري؟ | #مراس


.. جنود أميركيون وسفينة بريطانية لبناء رصيف المساعدات في غزة




.. زيلينسكي يجدد دعوته للغرب لتزويد كييف بأنظمة دفاع جوي | #مرا


.. إسرائيليون غاضبون يغلقون بالنيران الطريق الرئيسي السريع في ت




.. المظاهرات المنددة بحرب غزة تمتد لأكثر من 40 جامعة أميركية |