الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شارعين وجدول

سارة يوسف

2016 / 12 / 26
الادب والفن


شارعين وجدول


لم تكتمل الصورة لحد الان امام سعاد في المدينة الشديدة الضياء وهي الاتية من القرية الصغيرة التي تتكون من شارعين فقط.. المنازل متقاربة من بعضها البعض وفيها ايضا بضعة محال ..رجال ونساء يفرشون في الارض بضائعهم من بيض و منتجات زراعية حصاد نفس القرية الخجولة والنائمة على جدول صغير يمر بها .. تظاهرت بانها غير ابهة بتلك الانوار الساطعة... لكن قلبها في غاية السعادة وهي ترى كمية هائلة من الالوان الزاهية ومعالم الابتهاج في المدينة الكبيرة ...
تسير بخطوات سريعة .. عيونها تتلقف جمال العمران وعظمة المباني وسعة الشوارع .. شاشات عملاقة للاعلانات الضوئية .. كل شي جميل .. لطالما كان حلمها السفر والعيش في قرية اكبر ... لكن القدر وحده رسم لها الوصول الى تلك المدينة الحديثة الصاخبة .
النظر لا يستوعب كل هذا الجمال والروعة .. وقفت لبرهة تنظر الى تلك الساحة الدائرية الخضراء المطرزة بالازهار الملونة.. دخلت الى احد البنايات العملاقة المطلة على تلك الساحة . نظرت خلال زجاجها تفاجأت بصورة امرأة تشبه لحد كبير امها..واصلت السير داخل البناية الحديثة .. المرايا في الزوايا والمحال والمطاعم جميعها مازالت تعكس صورة تلك المرأة الطيبة الشديدة الشبه بامها ...... همت بالرجوع غير انها لم تستطع ان تجد المخرج .
تذكرت بيتهم .. دخلته حينها وجدت ابتسامة والدتها الكادحة دون ملل او منة.. تحاول ان ترضي الجميع .. والدها يجمع التبرعات لقبور الاولياء طمعا بالبركة وابعاد الشر عن قريتهم .. كل طموحه ان تسير الامور على هدوئها في ذلك المكان الصغير .. الوضع لم يتغير منذ سنين .. المياه راكدة .. لم تقبل بتلك المعادلة هي .. التغيير والطموح غير المحدود جزء من تكوينها وشخصيتها ..لكن شيئا ما بدأ يتسرب لجسمها وداخلها بصورة مفاجئة .. حينها اخذت البناية والساحة الخضراء والعمران الشاهق يطبق على صدرها ... امتلكها حنين وشوق كبير للشارعين والجدول والى صديقتها سندس التي همها فقط الزواج والسترة .. الى اهلها لاصوات الباعة .. هذه المدينة الجميلة الكبيرة لم تعد كذلك لها الان .. وناسها غير المألوفين لديها على الرغم من جمال وجوههم وابتسامتهم بعيدين عن وجدانها ... حتى الحرية التي امتلكتها اصبحت سجن خانق ... صراخها الداخلي قيودها .. .. شعرت بحزن شديد.. وقوة هائلة تمزق قلبها .. تحركت يمينا ويسارا كان السرير اصغر من ان يستوعب تلك الحركة دنت من السقوط الا انها تماسكت .. اصوات الباعة بدأت بالصراخ في تلك القرية الصغيرة صاحبة الجدول الصغير لم تكن مزعجة قط بالنسبة لها هذه المرة ...حمدت الله ان القرية لم تتحول ابدا لتلك المدينة الجميلة الزاهية بالحرية .. ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد فوز فيلمها بمهرجان مالمو المخرجة شيرين مجدي دياب صعوبة ع


.. كلمة أخيرة - لقاء خاص مع الفنانة دينا الشربيني وحوار عن مشو




.. كلمة أخيرة - كواليس مشهد رقص دينا الشربيني في مسلسل كامل الع


.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا




.. كلمة أخيرة - سلمى أبو ضيف ومنى زكي.. شوف دينا الشربيني بتحب