الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين اغنية البارحة.....ونومي بيت كطيو !!!

جميل كاظم التميمي

2016 / 12 / 29
الادب والفن



البارحة اتصل بي صديقي الملحن الكبير محسن فرحان وكان على غير عادته منزعج جدا يشكي لي هم ما وصلت اليه الذائقة العراقية من انحدار بعد سماعه اغنية يرددها الكثير اسمها بيت كطيو كنت اشفق عليه كثيرا وانا اصغي الى نبرات صوت هذه القامة الموسيقية الكبيرة وهو يطلب مني ان اتناول الكتابة عن هذا الموضوع عسى ان نجد حل لانقاذ الناس من تشوه ذائقتهم وفعلا بعد ان انهيت المكالمة جلست مع نفسي استعرض شريط الغناء العراقي بين الماضي والحاضر والاجواء النفسية التي رافقت مسيرته لان كما هو معروف ان الغناء والفن بصورة عامة هو نتاج البيئة ومرآتها فعندما تكون البيئة مبتذلة قطعا ولا غرابة ان يسود الغناء المبتذل .
وانا استعرض هذا الشريط وجدت نفسي اقف عند اغنية اعتبرها شخصيا من اهم الاغاني العراقية رغم انها لم تاخذ حقها كما ينبغي لان كان اول ظهور لها ونحن على اعتاب الدخول في حرب ايران هي اغنية البارحة ربما هذه الاغنية تعتبر افضل نموذج ممكن الاستعانة به للوقوف على اسباب تدني الذائقة الموسيقية.
فولادة هذه الاغنية كما حدثني عنها ملحنها محسن فرحان يعود تاريخها الى نهاية السبعينيات حين حضر كل من المطرب سعدون جابر والشاعر الغنائي زهير الدجيلي قادمين من بغداد الى بيته في كربلاء بدون تخطيط مسبق حاملين معهم قصيدة البارحة من اجل تلحينها لكن لسؤ الحظ عند وصولهم للبيت لم يكن احد فيه اذا ان الجميع كانوا يمارسون زياة الامام الحسين وطقوس عاشوراء فذلك اليوم كان هو اليوم الثامن من عاشوراء والكل كان منشغلا بطقوسها فما كان منهم بعد ان قطعوا هذه المسافة سوى التفكير بطريقة اخرى لضمان وصول القصيدة للملحن محسن لذلك فكرا باخذ طابوقة وربط القصيدة بها بواسطة خيط بسيط ثم قذفها في الباحة الامامية للبيت وغادرا وبعد ان عاد محسن فرحان مع عائلته الى البيت انتبهوا لوجود شي مريب في الباحة حاول محسن فرحان الاقتراب منه الا ان زوجته نهرته قائلة ربما انه سحر وبعد محاولة الكشف عنه من بعيد بواسطة عصى بسيطة تبين انها قصيدة البارحة وفور قراءتها وجد محسن فرحان نفسه حاضنا العود ليضع النغمات الاولى للقصيدة اذ كما هو معروف ان الشعر يفجر الخيال الموسيقي الكامن في المعنى.
وبودي هنا ان اتناول الاجواء النفسية لهذه الاغنية لاهميتها فكاتبها هو الشاعر اليساري زهير الدجيلي الذي اتحف الذاكرة الغنائية بعشرات الاغاني الرائعة منها ياطيور الطايرة وحسبالي وغيرها وكانت قصائده فيها تورية ورمزية لاضطهاد اليساريين وخصوصا في هذه الاغنية وفي القصيدة الام اما ملحنها محسن فرحان فهو غني عن التعريف في نتاجه المفعم بحزن غريبة الروح ومابي اعوفن هلي ويكولون غني بفرح وكم كبير من الاغاني الساحرة هو ايضا كان يمارس طقوس وبيئة بكائية موغلة في اللاشعور الكربلائي لذلك وجد كل من الشاعر والملحن ضالتهما في هذه الاغنية لتفريغ المحنة المترسخة في اللاشعور وتفريغها عاطفيا بطريقة مهذبة للجمهور.

والمستمع بتامل لهذه الاغنية سينتبه الى ان اشارات النعي المفرطة في الحزن في نهايتها لها دلالات مهمة فتاريخ الاغنية كما ذكرت كانت في نهاية السبعينيات وكان العراق على اعتاب دخول حرب ايران ودلالات النعي فيها ربما تشير الى نبؤة مبكرة من فرسان هذه الاغنية على ان العراق على اعتاب حروب وحصار وخراب ودمار للذائقة التي اوصلتنا الى نومية بيت كطيو.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند


.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز جسديًا على صديقته في




.. حفيد طه حسين في حوار خاص يكشف أسرار جديدة في حياة عميد الأد


.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي