الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعارضة بين تغيير وإصلاح النظام في سوريا

شيار محمد صالح

2006 / 1 / 8
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


مما لا شك فيه أنّ النظم السياسية في منطقة الشرق الأوسط قد وصلت إلى مرحلة حساسة وتاريخية في أن تعيد النظر في سياساتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية وحتى الثقافية وبالتحديد الوطنية منها، لما لذلك من أهمية قصوى لدرء الخطر المحدق عليها من كافة الأطراف. لا نقول ذلك جزافاً واعتباطاً، بل أن ما يحاك من مخططات ومشاريع خارجية تستهدف تغيير المجتمع والنظام بكل أجنداته وعوامل تكوينه. لذا يتطلب منّا قبل كل شيء الحفاظ على نسق المجتمع من كل تدخل خارجي لا يهمه سوى القضاء على ثقافة المجتمع ووحدته الوطنية.
وللحفاظ على هذه الوحدة لا بد من القيام بالكثير من الأمور العالقة من قِبل النظم الحاكمة والمتربعة على سدة الحكم الوراثي الأبدي. وكأنَّ هذا العرش لا يصلح لأحد غيرهم وأنَّه ليس هناك من يعرف يدير سدة هذه الدفة غيرهم وأنَّ الله خلقهم دون غيرهم لقيادة الأمة نحو برّ الأمان البعثية والجنَّة العفلقية المتخمة بالملائكة البعثيين والأستخباراتيين الذين لا همَّ لهم سوى خدمة الكوادر والأنصار الذين سبَّحوا بحمد أسدهم العلي القدير.
مآل القول أن النظام والمجتمع في سوريا بحاجة ماسة إلى عملية إصلاح تطال كل كبيرة وصغيرة فيها. بدءاً من الفرد الذي هو أساس ونواة المجتمع وانتهاءاً بنظام الحكم الذي فقد كل ما لديه من امكانات وقوة في إدارة المجتمع والدولة. فالفرد الذي بات شبيه بالإنسان تحت ظل حكم النظام البعثي الذي لم يترك خلية فيه إلا وأفرغها من محتواها البيولوجي الطبيعي، بفضل المعتقدات والأفكار البعثوعفلقية التي زرعها فيه والشعارات القوموية الخاوية من أي مضمون روحي ومعنوي ولا تدل على شيء سوى جعل الفرد عبارة عن ببغاء يردد مالا يعيه في كل مناسبة وغير مناسبة عن أهداف بات التاريخ لا يستسيغها ولا يتقبلها بعد ترديدها على مدار عقود من الزمن من دون أن نحصد منها سوى الهزيمة تلوَ الأخرى والنكسة تلو النكسة، حتى أمستْ شعارات لدغدغة الآذان وسلاح في أيدي المعارضة.
المعارضة التي لا تملك حتى برنامج واضح في عملياتها ونشاطاتها النضالية في تغيير النظام. فالكل يحدث عن عملية تغيير للنظام وقلبه رأساً على عقب وأن منيته قد دنت لا محال. لكن معظم المعارضة تبني أقوالها على مدى هجمات القوى الخارجية التي تريد النيل من النظام وتغييره بقراضاي آخر. ومَنْ مِنْ هذه المعارضة مؤهل كي يعتلي عرش الدولة والحكم بدون أن تتجه سوريا في فلك العراق بعد التحرير. معظم المعارضة بإسلامييها وعلمانييها وليبرالييها هذا إن كان موجودا بمعنى الكلمة لم يتفقوا إلى الآن على صيغة مشتركة تدل على وحدة الأفق المعارضي في مساعيها لتغيير النظام واستبداله بنظام أكثر ديمقراطياً ودولة تتسع لجميع أطياف ونسيج المجتمع السوري بقومياته ومذاهبه وأثنياته وملله المختلفة المآرب والأهداف.
والحال هذه لا يمكن التنبؤ بمستقبل شفاف ينتظر المجتمع السوري ويخفف عن كاهله آلام وسنوات الظلم والتشرد والسجون وملاحقة الأجهزة الاستخباراتية القمعية التي عاشها الفرد السوري بدون استثناء. كلنا متفق على تغيير وإصلاح النظام في سوريا واستبداله بنظام يعمل على خدمة المجتمع قبل نفسه وحماية المجتمع قبل ذاته ورفاهية المجتمع والفرد قبل شخصه وعائلته. لكن ينبغي على المعارضة أن تعمل على وضع برنامج عملها حيّز التنفيذ العملي وتخرج من حلقة النظريات والمعتقدات والتأويلات المستقبلية التي لا تمنح ولو ذرة من الأمل ولقمة العيش لفرد بات يبحث عن فتات الأمل والطموح فوق موائد المعارضة وبيانات استنكاراتها الشبه يومية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتياح رفح.. هل هي عملية محدودة؟


.. اعتراض القبة الحديدية صواريخ فوق سديروت بغلاف غزة




.. الولايات المتحدة تعزز قواتها البحرية لمواجهة الأخطار المحدقة


.. قوات الاحتلال تدمر منشآت مدنية في عين أيوب قرب راس كركر غرب




.. جون كيربي: نعمل حاليا على مراجعة رد حماس على الصفقة ونناقشه