الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انهم يفّجرون حتى قبور الموتى

سعد الشديدي

2006 / 1 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


التفجيرات الأخيرة في العراق تعني شيئاً واحداً. ان هناك من يتبنى خطة سياسية- عسكرية تشبه الى حد كبير تلك التي تحكيها التوراة عن شمشون حين هدم الهيكل على نفسه واعدائه. المشكلة، التي لا يمكن لأحد ان يتجاوزها، هي ان تلك الشخصية التوراتية كانت قد فقدت الأمل، كلّ الأمل، في ان تصل الى هدفها فلم يبقَ امامه سوى ان ينتحر ويجرّ معه الى هاوية الموت اكبر عددٍ ممن تخندقوا ضده في معسكر الأعداء. فهل نعني تفجيرات كربلاء والمقدادية وغيرها ان من رفعوا شعار" المقاومة" في العراق فقدوا هم ايضاً الأمل في تحقيق اهدافهم فلجأوا الى ذات الستراتيجية الشمشونية؟
لمعرفة الجواب علينا ان نعرف اولاً اهداف اولئك الذين لطخوا اياديهم بدماء العراقيين. وهل صحيح انهم انما حملوا السلاح لتحرير العراق من احتلال اجنبي؟ فقط؟
لا يبدو ذلك صحيحاً اذا ما قمنا بعملية حسابية بسيطة لمقارنة عدد المدنيين من ابناء الشعب العراقي الذين فقدوا حياتهم نتيجة أعمال العنف المسلّح، مع عدد العسكريين من الأمريكان والقوات متعددة الجنسية. لا داعي لذكر الأرقام فجميعنا يعرف كيف ستبدو النتيجة، وهي بالتأكيد ليست في صالح من يسمون انفسهم برجال المقاومة. فعدد من سقط من العراقيين في عمليات التفجيرات الأنتحارية والسيارات المفخخة يتجاوز اضعاف مضاعفة عدد اولئك الذين قُتلوا من القوات الأمريكية والبريطانية جرّاء عمليات عسكرية استهدفتهم.
الواضح ان هدف من يخطط وينفذ تلك الهجمات لا يتعدى ايقاع اكبر الخسائر بالعراقيين، المدنيين منهم على وجه الخصوص. ويتعمد ارهابهم يومياً وملاحقتهم اينما كانوا حتى وهم يدفنون موتاهم. وان هدف تلك العمليات ليس قوات الأحتلال بل ابناء العراق الذين اتفق جميع الفرقاء في مؤتمر القاهرة على احترام دمائهم وامولهم وأعراضهم. فأين ذهبت مقررات مؤتمر القاهرة الذي رعته جامعة الدول العربية؟ واين هي تعهدات الأطراف التي جلست على مائدة المفاوضات لتتوصل الى حلول سياسية ناضجة لأخراج العراقيين من دوامة الموت اليومي والأرهاب الدائم؟
لقد ادعت بعض الأطراف في مؤتمر القاهرة بأنها تمثل "المقاومة الشريفة" فهل لتلك المقاومة اي يدّ في عمليات الأرهاب هذه؟ ولماذا تتقصد تلك القوى استهداف المواطنين في المناطق ذات الأغلبية الشيعية؟ ولمصلحة من تقوم بذلك؟
ليس من مصلحة العراقيين، العرب منهم على وجه الخصوص، ان نجازف بإلقاء التهم ضد طائفة ما او مجموعة أثنية محددة. ولكن تلك " المقاومة" ستجبرنا ان نفعل ذلك يوماً اذا ما استمرت في تنفيذ مسلسل الدمّ في شوارع المدن العربية في العراق. لأن ملامح المخططّ الذي تتبناه يوضح لنا شيئاً فشيئاً ان المستهدف الأول هو المدنيين وليس القوات الأجنبية التي اصبحت بمعزلٍ عمّا يجري في العراق. إذ بنت قواعدها العسكرية الحصينة وتمترست فيها بعد ان رتبت اوراقها وتركت طوفان الدم يبتلع العراقيين لوحدهم دون ناصر او معين، سوى مجموعات من الحرس الوطني والشرطة القليلة العدد والخبرة والتي يترصدها الموت في كل زاوية من زوايا الوطن.
من الرابح من هذه العمليات؟ وماهو حجم الربح الذي يحققه؟ الأكيد جداً ان في هذه الحرب التي تدور رحاها على ارض الرافدين لا يمكن لأي طرف من الأطراف ان يعلن نفسه منتصراً حتى ولو حقق انتصارات عسكرية حاسمة. فالضحايا هم دائماً اهلنا. والدماء التي تجري في انهار موازية لدجلة والفرات هي دمائنا.
اما الخاسر الأكبر في هذه اللعبة القذرة فهو العراقيّ الذي شعر ببعضٍ من بوارق الأمل بعد انهيار نظام العفالقة الديكتاتوري وكاد يرفع نظره الى اعلى ليرى سماء الله الزرقاء التي لم يرَ فيها غير الدخان والنار منذ اكثر من اربعة عقود مضت.
ولاريب ان من قام بتفجير قبرٍ لم يُلحد فيه الميت بعد في مدينة المقدادية، قد تعب من تفجير قبور الأحياء فقرر ان يبدأ عمليات تفجير قبور الموتى.
فماذا يريد اولئك الذين يفجرون انفسهم والوطن بكامله؟؟ كرسي في السلطة ام لعنات العراقيين التي ستترى تنصبّ عليهم طالما كان هناك ماءٌ يجري ودمٌ يغلي وصوت يعلو على تراب هذا العراق الذي قرروا نسفه من الأعماق؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إعلام: شبان مغاربة محتجزون لدى ميليشيا مسلحة في تايلاند تستغ


.. مفاوضات التهدئة.. أجواء إيجابية ومخاوف من انعطافة إسرائيل أو




.. يديعوت أحرنوت: إجماع من قادة الأجهزة على فقد إسرائيل ميزتين


.. صحيفة يديعوت أحرنوت: الجيش الإسرائيلي يستدعي مروحيات إلى موق




.. حرب غزة.. ماذا يحدث عند معبر كرم أبو سالم؟