الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كانت يومها المرّة الأولي.

علاء الدين حميدي
كاتب صحفي.

(Hmidi Alaeddine)

2016 / 12 / 31
كتابات ساخرة


يومها كانت المرّة الاولي
يومها كانت المرّة الاولي التي اسمع فيها من يصف رئيس البلاد بالدكتاتور،وقف الرجل فوق سيارة الامن قبالة منطقة الامن الوطني بمدينة سوسة التونسية و صاح بأعلي صوته في وجه الامنيين المتواجدين بن علي دكتاتور و انتم أعوان دولة البوليس لم اهتم للامر يومها و لا اخفيكم اني لم افهم معاني كلمات ‘’دكتاتور ‘’ و ‘’دولة البوليس’’ فقد كنت صغير السن ، اتتبع خطي احد جيراننا في اتجاه شاطئ البحر و قد كان يتمتم بكلمات لم افهم معناها وقتها سوف يُرسلونه وراء الشمس و لعلي اليوم استطيع تصور حالة جارنا رحمه الله خوف و دقات قلب تتسارع كتسارع خطواته لحظتها ، انجلت الحادثة من ذاكرتي في اليوم الموالي لكن تلك الكلمات ظلت كامنة في اعماق ذهني تنتظر من يوقظها ،ولست اغالي القول ان قلت ان وجداني العاطفي قد وقف يومها لا ايراديا الي جانب ذلك الطالب الذي وقف وقفة عزة و شموخ في وجه ألة أمنية جبّارة وقد انهالوا عليه بالضرب و الشتم واصفين اياه بالمجنون و المختل عقليا.
كانت يومها المرة الاولي لكن الكلمة عادت الي مسمعي مرّة اخري عندما قال جارنا الاخر و هو من الناشطين في المنظمة النقابية الاتحاد العام التونسي للشغل عندما كان يحدث ابنه اثناء عودتنا من المعهد الثانوي في اتجاه المنزل و لا يزال صدي تلك الكلمات يتكرر الي اليوم في ذهني بن علي دكتاتور و االانظمة الدكتاتورية لا تحبذ التجمعات وكم كانت صادمة تلك الكلمات فأنا لم اعتد الاّ علي الجرائد و البرامج التي تصف الرئيس وقتها بصانع التغيير و الزعيم المخلص للوطن ، كنت يومها في السابعة عشر و لا ازال تلميذا بالثانوية العامة ، عدت الي البيت وحاولت البحث و ما أصعب الحصول علي اجابات شفاهية لأسئلتي و قد كان الرد في اغلب الاحيان من قبيل احذر فللحائط أذان مخفية ، او من قبيل لا تسأل عن هذا ابدا ، ابتعد و لا تعد الي هنا لدي اطفال (...).
حلّ المسار الثوري و بدأ عرش بن علي في الاهتزاز و بدأت التقارير الاخبارية تتالي هنا و هناك في القنوات الاجنبية من الجزيرة الي العربية و بدأ الوعي بحقيقة الامر و بشنيع فعل النظام الحاكم ، اتسعت رقعة الاحتجاجات و عمّت أرجاء البلاد وأطل مذيعوا القناة الرسمية التونسية واصفين المحتجين بالمخربين ، تحرك الطلبة و لامست شعلة التحرك الوسط التلمذي ، تحرك تلامذة المعهد الفني بسوسة (02/03/1934) الذي ادرس فيه ليكنوا اول معهد يتحرك في ولاية سوسة اخيرا ، مع تمام العاشرة صباحا من ذلك اليوم بدأ التلامذة في التجمهر في ساحة المعهد وقد كان دافع أغلبهم الرغبة في عدم مواصلة الدراسة ،أغلقت الادارة أبواب المعهد في محاولة لمنعنا من الخروج الي الشارع ولكننا تمكّنا من الخروج الي خارج المعهد لنجد شاجنة حماية المدنية معبئة بالماء في انتظارنا و للامانة لم يقع اطلاق قطرة ماء واحدة تجاه التلامذة الا ان عدد كبير من الامنين قاموا بمطاردتنا، توجه جمعنا في اتجاه المفترق الدوراني بالقرب من جامع الغفران و يشتهر باسم كوشة البيليك ثم تفرقنا ، اتصل أبي يطلب مني العودة الي المنزل و اخبرني في ذات الاتصال ان وحدة امنية قد انتشرت بالقرب من كلية الحقوق بحي الرياض ،غير اني لم التزم له و أدعيّت ان لاوجود لوسائل نقل حتي تُقلني ،في الوقت الذي كنت فيه في اتجاه المقهي حيث كان عدد من الاصدقاء الذين قاموا بتنظيم المظاهرة يجلس هناك ... لتتحول حجتي الزائفة الي حقيقة مساء الحادي من جانفي 2011، يومها تم ايقاف الدروس الي اجل غير مسمي ، أتممت صحبة زملائي درس مادة الهندسة الكهربائية و غادرنا في اتجاه محطة الحافلات وسط المدينة ولم نكن لحظتها نعلم انه قد تعطلت الدروس ،وصلنا الي باب بحر مع تمام الخامسة و النصف مساءا علي ما اذكر وقد بدأنا نلاحظ النسق الغير العادي في المدينة ،الخوف بادِ علي وجوه الناس اغلب المحلاّت اُغلقت ،محطة الحافلات شبه فارغة علي غير العادة ،بعض سيّارت الاجرة ترفض التحول الي حي الرياض بدعوي ان الاحتجاجات علي اشدها هناك حيث اقطن وان قرابة الخمس قتلي قد سقطوا لم اسمع بهذا الخبر في اي وسيلة اعلام الي اليوم وهو ما يفند صحّته ، جائت الحافلة وكان سائقها في تلك اللحظة بمثابة الرجل المنقذ ،غادرت الحافلة ووصلت مفترق جامع الغفران للتتجمد في مكانها اكثر من نصف ساعة نتيجة تعطل حركة السيّر ، مع وصول الحافلة الي مفترق الغزالي بدأنا نلاحظ التواجد الامني ، امنين مسلحين بالعصي و الهروات يقابلهم محتجون يرمونهم بالحجارة ...ما ان عبر السائق المفترق حتي انهمرت الحجارة علي البلور الحافلة ، نساء تصرخ ،حالة اغماء ،حالات ذعر ، وهو ماجبر السائق علي عدم الالتزام بالمسار المعتاد ،لأنزل انا وبعض الاصدقاء في محطة غير محطتنا و بالاحريانها لم تكن يوما محطة معتمدة و بدأنا بالركض ، كنت اعبر الشوارع و الانهج دون حتي التثبت ، لأحل المنزل مع قرابة الساعة التاسعة مساءا ولازلت اذكر الي اليوم وجه البشير التكّاري وهو يتحدث الي قناة الجزيرة مدّعيا ان قرار ايقاف الدروس كان خوفا علي الطلبة و التلامذة و الحال أنه كان وسيلة للتخلص من احتجاجات الوسط الطلابي و التلمذي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عاماً


.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع




.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو


.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05




.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر