الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الحوار ترتسم صورة الوطن

نور الدين بدران

2006 / 1 / 9
حقوق الانسان


بين فترة وأخرى أطالع هنا وهناك ما لا يمت للمعرفة بصلة، وفي شكل مقالة تنسكب عبارات سوقية تخلو من أية فكرة مفيدة ، إلا إذا اعتبرنا الشتائم أفكاراً،فينتابني ألم وتطغى علي موجات من يأس ، تتناسب طرداً مع ادعاء "المقالة" الدنو من القضايا الكبرى،وطنية كانت أو إنسانية.

هناك من أجد نفسي مختلفاً معه بشكل شبه كلي في مستقبل سوريا وراهنها وسبيلها إلى الحرية ، لكن هذا يحدوني إلى التأكيد على حقه في إيصال رأيه ، و أرى أن من يساهم في ذلك يكون يقدم خدمة للقارئ عموما وللسوري خصوصاً، تساعد هذا الأخير على معرفة مجمل الأفكار والآراء التي تتعلق بوطنه ومستقبله، ومن أصحابها على حقيقتهم وبألسنتهم ، وإذا كان على أي منا أن يختار تأييدهم أو إدانتهم ، فليكن هذا أو ذاك من فمهم ، وقد جربنا سياسة التعتيم وإخفاء الرأي الآخر ،ولم نحصد سوى الخيبات المتلاحقة.

يتجاوز الأمر في نظري مسألة الخصوم إلى الأعداء، فمعرفة العدو ضرورية كمعرفة الذات، في الفكر كما في الميدان، ونحن مدينون لمن كتبوا عن أعدائنا ، بالقدر عينه لمن كتبوا عن أصدقائنا، فكيف حين يتعلق الأمر بوجهات نظر، أصحابها مواطنون سوريون ،شئنا أو أبينا؟.
ليس من حق أحد احتكار الوطن ، أو طرد سواه منه ،لمجرد انه ارتأى ذلك تحت هذه التهمة أو تلك، لأن من واجب وحق كل مواطن ،وهذا ما يقره كل دستور ، أن يكون له وجهة نظر في راهن ومستقبل وطنه.

الاتهامات والشتائم والسخرية من الأسماء والأشخاص ، منطق هش المضمون ،إن لم يكن فاقد الجوهر كلياً ، وأسلوب بالغ الرداءة والانحطاط معرفيا وأخلاقياً وسلوكياً، والارتقاء بالخطاب حتى يبلغ الحوار ، يقتضي التوجه إلى الأفكار ومناقشتها ، وطرح أفكار بديلة ، مدعومة بالوقائع والبراهين، وإلا فما أسهل تناول الأسماء واللعب عليها طويلاً في ميدان الاتهام والسخرية، ومن المفارقات أن الغارقين في هذا المستنقع وهم قلة لحسن الحظ ، ينسون أنهم أُلبسوا كغيرهم أسماء لم يسألوا عنها ، وربما هي أكثر قابلية لنهجهم الرديء،وربما لا يعرفون أن أصحاب الذوق الرفيع لا يردون بالمثل ترفعاً وليس عجزاً كما يتوهمون.

ليست أجهزة القمع المعروفة وحدها تنتهك حقوق الإنسان، فهناك صورتها الأخرى ، المتجسدة في الإرهاب الفكري،حيث هذه لا تقل انتهاكا للإنسان وحقوقه مواطنا كان أو أجنبيا، ولهذا شرف للكاتبة أو الكاتب أن يبحث عن الأفكار والوقائع على اختلافها وتنوعها ،وأن يعمل بمطلق الأمانة على تقديمها للقارئ ليمحصها ويفرزها ويحدد موقفه منها ومن أصحابها.
أما الاتهام و الشتيمة والطرد تحت وابل من أحكام القيمة وبدون برهان ولا كتاب منير ،بدون قرائن وإثباتات، فأمر بمنتهى السهولة والسخافة، وليس أصعب من الحوار إلا الارتقاء به شكلا ومضمونا ،أي فكرة وأسلوبا.

المطلوب رفع مستوى الخطاب في الشكل والمضمون حتى يبلغ مستوى الحوار، وحتى يعطي القارئ بعض الفائدة ، وكي يمنح جميع الأطراف ما يليق بالإنسان من الاحترام.
إن سوريا التي نريدها حقاً ، وعينا ذلك أو لم نعه ، ترتسم ملامحها شيئاً فشيئا في حواراتنا ، فلتكن هذه بخطوط زاهية وحازمة في الوقت نفسه ، وبريشة تحدوها مشاعر السمو والصدق والمحبة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المغرب يفتح بحثاً قضائياً للتحقيق في تعرض مواطنين للاحتجاز و


.. بريطانيا تحطم الرقم القياسي في عدد المهاجرين غير النظاميين م




.. #أخبار_الصباح | مبادرة لتوزيع الخبز مجانا على النازحين في رف


.. تونس.. مؤتمر لمنظمات مدنية في الذكرى 47 لتأسيس رابطة حقوق ال




.. اعتقالات واغتيالات واعتداءات جنسية.. صحفيو السودان بين -الجي