الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تصبح القراءة حلما

سماح عادل

2017 / 1 / 2
الادب والفن


سلسة مقالات " حين تحكي" ١
كتبت: سماح عادل
القراءة أحد الأفعال الضرورية للإنسان لكي يتفتح وعيه، وتتطور قدراته الذهنية ويتسع خياله وتزيد معارفه، كما أن لها فوائد كثيرة فهي تقلل من التوتر وتنشط الذاكرة وتقويها، والأهم أنها تفتح للإنسان عوالم عدة قد لا يتسنى له مباشرتها بنفسه وتنقل له خبرات الحياة والآخرين، لذلك فإن أي شعب يحرم من قراءة الكتب أو يقلل من شأن الثقافة فإنه بالتأكيد ذاهب إلى هاوية الجهل والسطحية.
تبنت الدولة في التسعينات حملة سميت وقتها " القراءة للجميع" كانت تحاول بها تبييض وجهها، مع ذلك كان لهذه الحملة نتائج إيجابية فقد ساعدت الكثيرين على القراءة حيث وفرت كتب قيمة كثيرة بأسعار رمزية وأصبح الكتاب في متناول الجميع ورغم ما أشيع وقتها من أن هذه الحملة ممولة من منظمات دولية وأن الدولة تستفيد من هذا التمويل وتتلاعب به إلا أن ما خلفته من أثر كان جيدا، واتضح ذلك أكثر حين انتهت هذه الحملة وعادت الدولة تتخلى عن دورها في دعم الثقافة وأصبح النشر من خلال وزارة الثقافة حلما من الأحلام لا يتحقق إلا بالمعارف أو بالوساطة ورجعت الكتب سلعة كباقي السلع خاضعة لقوانين السوق ومعايير الرأسمالية العرجاء التي تستوطن بلادنا.
وانتشرت دور النشر التي أصبحت تشبه الدكاكين، تنتج سلعا ضعيفة وهشة سعيا وراء المكسب، من يستطيع أن يوفر ثمن طباعة كتاب يتعاقد مع أية دار نشر من تلك الدور الكثيرة التي انتشرت دون مراعاة لحد أدني من الجودة أو إبداع وينشر له كتاب، ويصبح سلعة تباع وتشتري، وتدور في معارض الكتب الكثيرة التي أصبحت منتشرة في معظم الدول العربية وحتى الأجنبية، وحتى بعض المحافظات في مصر.

لا يعني ذلك أن كل ما هو مطبوع سيئ، لكن نسبة كبيرة تم نشرها فقط لأن صاحبها يملك ثمن طباعتها، ونظرا لارتفاع الأسعار وانهيار الاقتصاد أصبحت تكلفة الطباعة مضاعفة، كما أصبحت أثمان الكتب خيالية مما يعني أن مساحة من يشترون الكتب ليقرأوها ستتناقص، وستصبح قراءة الكتب الجديدة رفاهية يملكها المقتدرون.
كما أن هناك ظاهرة تستحق الإشارة إليها، وهي ظاهرة انتشار الكتب على الشبكة الانترنت، فقد توصل بعض مستخدمي الانترنت منذ عدة سنوات في المنطقة العربية إلى تصوير الكتب وتحميلها بصيغة "البي دي اف" على عدة مواقع، ولا أخفى عليكم استحساني لذلك، فقد أتاح لي قراءة كتب كثيرة وعمل مكتبة أعتز بها على حاسبي الآلي، كما أنها وفرت للألاف من أبناء المنطقة العربية كما هائلا من الكتب والروايات القيمة، وأصبحت القراءة حلما تحقق لكثيرين، ليس فقط بسبب توفير الأموال، لكن أيضا لندرة بعض الكتب وعدم وجودها رغم البحث، والذي وفرها أناس قرروا أن ينشروا الثقافة بشكل راقي، رغم أن هذه الظاهرة تعد قرصنة وسرقة وتعاديها جميع دور النشر لأنها تكبدهم خسائر فادحة.

رأيي اني ضد تسليع الثقافة، ومع دعم الدولة للنشر وتوفير الكتب بأسعار رمزية للجميع، ومع فكرة انتشار المكتبات التي تعير الكتب باشتراكات زهيدة، كما أرى أن معظم دور النشر يتعاملون بسياسة احتكارية حتى أنهم يحتكرون مجهود الكاتب ويأخذون منه تكلفة طباعة كتابه ولا يمنحونه سوى عشرة في المائة من أرباح هذا الكتاب، رغم أن معظم الدور لا تتكلف ثمن الطباعة وقد تغالي في طلب التكلفة من الكاتب وتطبع الكتاب بسعر أقل وجودة أقل وتتربح من وراءه.
كما أن انتشار الكتب على شبكة الانترنت تحول من ظاهرة راقية، وسعي لنشر الثقافة ومشاركة الكتب، من قبل بعض الأفراد إلى وسيلة للتربح أيضا، وأنشئت مواقع كثيرة تنشر الكتب وتقرصن الكتب حديثة النشر، لكي تجلب الإعلانات لمواقعها وتتربح الأموال، وأصبحت الكتب الجديدة تهرب مثل السلع التموينية ويفاجأ الكاتب بكتابه الذي طبعه بأمواله وقد تسرب إلى شبكة الانترنت، وخسر ما كان متوقع أن يربحه "العشرة في المائة" وإن كان ذلك انتشار له ومكسب معنوي.
السؤال الملح الآن هل ستصبح القراءة حلما في دولة لا تدعم شيئا؟، وهل سننتظر الكتب حتى يتم سرقتها ونقرأها من على شبكة الانترنت، أم سنفكر في تعاونية للكتب توزع فيها الكتب بين مجموعات من البشر يعرفون بعضهم البعض توفيرا للنفقات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكويت.. فيلم -شهر زي العسل- يتسبب بجدل واسع • فرانس 24


.. رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عاماً




.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05