اابكي للحال التي وصل اليها بعض مفكرينا ام اضحك. ففي الوقت الذي تناضل
فيه الحركات المعادية للحرب في العالم لايقاف هذه الحرب رافعة شعار ان النظام الراسمالي العالمي هو المتسبب في الحروب و المجاعات و الفقر في العالم و في الوقت الذي تربط هذه الحركات ربطا عضويا بين حياة الانظمة الديكتاتورية التي ترزح بكلكلها على الشعوب العربية خاصة و التي ما توانت لحظة في بيع القضية الفلسطينية و التنكيل بمعارضيها  و نهب قوة عمل شعوبها للاستكراش و تهريب الاموال للغرب و في الوقت الذي لا تزال هذه الانظمة تستعمل جميع انواع الاسلحة لديها لدوام عروشها ...تنتج لنا شريحة من مثقفينا اعتبرها شخصيا شريحة خائنة للشعوب العربية-الاسلامية لانها تبرر بل و تدعم دوام الحال التي تعيشه منطقتنا.

ان شعار "قاوموا قوات الاحتلال.. ولا تقاتلوا الأنظمة" هو شعار رجعي لانه يخدم الرجعية اي الانظمة الحاكمة التي ما هي الا بيادق في يد الامبريالية و تذبح شعوبها في سبيل خدمة مصالح الراسمال العالمي لانه بذلك تضمن بقاءها.

ان هؤلاء المدافعين عن "الجهاد ضد العدو الاجنبي" يتجاهلون عن قصد ان "الجهاد" هو بالاساس ينطلق من الاطاحة بالانظمة التي لدينا. فالعدو في البيت كما يقول المثل و هذا العدو يستقوى من العدو الخارجي و يفتح له الابواب و يعينه على تقتيل شعوبنا.  ان هذا النضال ضد الديكتاتورية هو نضال عنيف بطبيعته و هو حتمي  - ولنا في التاريخ شواهد يتجاهلها "اقطاب" ندوة القاهرة. ان جهلهم بصراع القوى الطبقي يجعلهم مرحبين باي تعاون محتمل مع جلاديهم ما دام ذلك في خدمة "التحول السلمي الديمقراطي". اذ يظن هؤلاء ان الحكام العرب يمكنهم التنازل عن سلطتهم عن طيب خاطر و سلميا. انهم يتجاهلون العلاقة الوثيقة بين الحرب و الثورة اي تلك الفرصة التي تتوفر للشعب من الانعتاق. لست ادافع هنا عن الحرب المحتملة على العراق و انما ادافع عن الشعوب لتغتنم فرصتها في الاطاحة بالعدو المباشر.

ان لا يحارب الشعب العراقي النظام الان فهذا امر مؤجل. هذا ما يريد هؤلاء اقناعنا به.  لماذا لان صدام اصدر قرارا اخيرا يمنع به الاختلاط في جامعة بغداد ام لان النظام في المغرب اغدق المغربيين بغيث من الديمقراطية كما يتوهم البعض ام لان النظام في تونس لا يزال يعتدي على مواقع الانترنات ام لان النظام في ايران اطلق صراح منتضري ام لان النظام في تركيا يغازل الامريكان؟ ان امريكا برمجت لتغيير عدة انظمة في المنطقة بانظمة اخرى اكثر تبعية و طاعة. ولهذا على الشعوب ان لا تحارب انظمتها لان بوش-المسيح المنقذ سيسهل عليها الامر!

و المهزلة الاخرى هي الدعوة لفهم القانون الدولي لاستخدامه لصالحنا. متى استخدم القانون الدولي في صالح الضعفاء؟ في قرارات "الامم المتحدة" المنتهكة في حق الشعب الفلسطيني ام في غزو بنما و الاطاحة بالديمقراطيات ام في تدمير افغانستان و قبلها يوغسلافيا و العراق و فياتنام و كوريا و غواتمالا و الشيلي و ايران مصدق و عراق 63 و غرانادا و الصومال و القائمة تطول... ام في قرارات السبع في البنك الدولي  ام في قرارات الخمس في صندوق النقد الدولي ام قرارات مجلس الحرب الذي يتحكم فيه خمس اعضاء بقيادة امريكا. اي قانون دولي يجعل نصف سكان العالم يعيشون على دولارين في اليوم و اي قانون دولي يحتكر مصل و عقاقير مرض السيدا بحجة حق البراءة التي تملكه الشركات الكبرى في العالم.... ماذا لو وافقت "الامم المتحدة" على قرار يجيز غزو العراق؟ سيكون ذلك ايضا القانون الدولي الذي يتشدق به و يريدوننا ان نؤمن به بل و يريدون غسل ادمغتنا للقبول بقانونهم الدولي. من انشا الامم المتحدة من الاساس؟ من وضع كوفي عنان هناك؟ اسالوا مادلين البرايت تجيبكم.

يخشى "مفكري" ندوة القاهرة الفتنة. ذلك لانهم قاصرين عن فهم طبيعة نشوء "الفتنة" اي الميكانيزم الداخلي لكل "فتنة". الم يقد  ما يسمى في التاريخ الاسلامي "بالفتنة الكبرى" الضعفاء و المحرومين؟ الم يقد الثورة الايرانية الشعب الايراني ضد الاستبداد. اتعتبر الثورة الايرنية فتنة؟  وحديثا من اطاح بميلوسوفيتش اليس الشعب الصربي عن طريق المظاهرات و الاضرابات .

انه يوجد تناقض جوهري بين الشعوب و بين حكامها و بين الشعوب و الامبريالية و اي محاولة لطمس هذا التناقض انما تخدم الطبقات الحاكمة و القوى الرجعية
التي تعادي مصالح العمال و الفلاحين الفقراء و المعدومين...

ضرب المصالح الاجنبية؟ ماذا لو اعلنت الاضرابات العامة في البلدان العربية؟ ماذا لو يرفض عمال الرصيف العمل؟ ماذا عن الاعتصامات و احتلال اماكن العمل ؟ ماذا عن التنظم في شكل ميليشيات و لجان عمل؟ ماذا عن الارتباط مع الجنود و الحوار معهم و كسبهم لحرب الشعب؟

نديم المحجوب -  تونس