الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليس باسمنا

إكرام يوسف

2017 / 1 / 3
مواضيع وابحاث سياسية



صار من المعلوم لدى الكافة بالضرورة أن ارض أي دولة ليست ملكا؛ حتى لمن يعيشون عليها ويتجنسون بجنسيتها فقط. وإنما هي ملك لكل الأجيال القادمة. فلا يحق لحاكم، أو حكومة، أو برلمان التنازل عنها، بل لا يحق حتى للجيل الحالي التنازل عنها بموجب استفتاء شعبي! وأكدت على ذلك مواد الدستور المصري، التي استندت إليها المحكمة الإدارية العليا في حكمها يوم 21 يونيو الماضي. حيث نصت المادة الأولى من الدستور على أن "جمهورية مصر العربية دولة ذات سيادة، موحدة لا تقبل التجزئة، أو النزول عن شيء منها". كما تنص المادة 151 في فقرتيها الثانية والثالثة على: «يجب دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة، ولا يتم التصديق عليها إلاّ بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة، وفى جميع الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أى جزء من إقليم الدولة". بمعنى ان حتى الاستفتاء الشعبي الذي يتعلق بمعاهدات الصلح والتحالف وأعمال السيادة، لا ينطبق على التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة "وفى جميع الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة"
ومؤخرا، أقرت المحكمة الدستورية العليا، برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرزاق، مبدأ قضائيا قانونيا، بأنه لا يجوز لجهة الإدارة التعلق بأعمال السيادة حال إبرام اتفاقية تتضمن التنازل على جزء من إقليم الدولة. وذكرت أنه إذا كان الدستور في الفقرة الأخيرة من المادة (151) حظر على السلطة التنفيذية إبرام اتفاقيات من شأنها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة فإن قيام الحكومة بالتوقيع على اتفاق يتضمن ذلك لا يعد عملا من أعمال السيادة وإنما هو عمل من أعمال الإدارة مما يختص القضاء بنظر الطعن عليه التزاما بحكم المادة (97) من الدستور والذي حظر تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء.
ومن ثم، تبدو استماتة السلطة الحاكمة في مواصلة مسيرة التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير أمرا مريبا ومشينا. وتأتي محاولة التحايل على أحكام القضاء وتخطي السلطة القضائية، بإحالة اتفاقية العار إلى مجلس الشعب، إهانة للسلطتين القضائية والتشريعية معا، ينبغي أن نرفضها جميعا وفي مقدمتنا أعضاء البرلمان، الذي تجري محاولة توريطهم في جريمة التنازل عن أرض الوطن!
ومن هنا كانت مطالبتنا لأعضاء المجلس، الحريص منهم على عدم تلويث اسمه وشرفه تاريخيا بفضيحة قبول توريط البرلمان في فضيحة تفوق بمراحل فضيحة نكسة67 التي خسرنا فيها أراض عنوة، بعد هزيمة حربية، بيد أنهم الأن يسعون إلى التنازل عن ارض لا يمتلكون حق التصرف فيها، ولا نملك نحن حق التصرف فيها، لأنها ملك أجيال قادمة!!
حري بأعضاء البرلمان ـ أقصد من مازلنا نتوسم فيهم الحرص على مصلحة الوطن ـ الاستبسال في رفض هذه الحالة، وسحب الثقة من الحكومة التي تسعى إلى توريطهم في فضيحة لن يمحوها التاريخ ولن نسامح فيها ولن تسامح فيها أجيال قادمة. عليه ان يقاوموا ببسالة الوقوع في هذا الفخ، فإذا غلبتهم الكثرة الذين نعرف انتماءاتهم، فليس أمامهم سوى تقديم استقالات جماعية، تصون أسماءهم وشرفهم من سبة تظل تلاحقهم وتلاحق ذريتهم طوال التاريخ!
وكما يعرف كل من درس القانون الدولي وتاريخ الدول منذ عرفت البشرية مفهوم "الدولة".. لم تعرف البشرية التنازل عن تدخل في إقليم الدولة ـ حتى ولو كانت محتلة ـ إلا عبر طريقين لا ثالث لهما: إما حرب تشنها الدولة صاحبة الأرض، فتستردها، ويتم بعدها توقيع اتفاقية صلح تؤكد فيها استعادة أرضها.. أو لجوء الدولتين الي التحكيم الدولي!
عندما يقسم الحاكم، والمسئولون، والنواب، وقادة الجيش، على "حماية الوطن وسلامة أراضيه"، فهم مسئولون عن حماية أراضي الوطن كما تسلموها، وليس من حقهم التصرف فيها!! فقط، حمايتها والذود عنها، حتى لو كانت أرضا محتلة، فما بالك بأرض تشبعت بدماء المصريين عبر ألاف السنين، وتحمل اسمها الذي يرجع إلى العصر الفرعوني؟ تخيلوا مثلا، أن الله قد تاب على نتنياهو ـ أو حذره قريب صالح من مغبة استحلال حق الشعب الفلسطيني ـ وقرر فجأة أن يكفر عن ذنوبه، ويتنازل عن قطعة ارض من فلسطين لأصحابها الحقيقيين، من دون حرب أو تحكيم دولي، أو حتى استشارة شعبه الصهيوني!! هل تتخلون ما سيجري له ولحكومته؟
كان علينا أن نفعل ما نستطيع لمنع التنازل عن ارض الوطن، وحتى لا تحاسبنا أجيال قادمة على التخاذل أمام الجريمة، لا يقال يوما أن المصريين باعوا أرضهم؛ فقمنا بجمع توكيلات لنخبة من المحامين المخلصين، الحريصين على كل حبة رمل من أرض الوطن، فكانوا عند حسن الظن بهم، ولم يدخروا جهدا في البحث عن أدلة وخرائط ووثاق ومستندات في شتى أنحاء الأرض، وعاونهم المصريون الشرفاء ـ بحق ـ في كل دول العالم، في البحث عن الأدلة والحصول عليها.. وقيض الله للقضية قضاة شرفاء ـ حتى الأن ـ حكموا بما يمليه ضميرهم من واقع الدستور، والقانون، والأدلة الدامغة، ودفع بعضهم الثمن في محاولات للضغط، لم تضعف ضمير القاضي فيهم!
الأن صارت الكرة في ملعب أعضاء البرلمان، وصار عليهم المحافظة على شرفهم، قبل المحافظة على ارض الوطن على كل نائب ان يدرك أن اسمه وشرفه صارا على المحك.. أما نحن، من رفضنا التفريط من أول لحظة، فلن نسمح ولن نسامح أن يتم التفريط باسمنا! ونوقن انه حتى لو انقضى الأجل، سوف تصونها أجيال بعدنا ـ وهذا وعد! ـ وسوف يحاسبون جميعا!
احذروا غضبة المصريين!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصدر أمني: ضربة إسرائيلية أصابت مبنى تديره قوات الأمن السوري


.. طائفة -الحريديم- تغلق طريقًا احتجاجًا على قانون التجنيد قرب




.. في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. صحفيون من غزة يتحدثون عن تج


.. جائزة -حرية الصحافة- لجميع الفلسطينيين في غزة




.. الجيش الإسرائيلي.. سلسلة تعيينات جديدة على مستوى القيادة