الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


داود أمين الوردة المعطرة باليسار السومري

نعيم عبد مهلهل

2017 / 1 / 5
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


داود أمين
الوردة المعطرة باليسار السومري


تقع مدينة الناصرية جنوب العراق ، قريبا من أمكنة الضوء الأزلية وتلك الهالات المؤلهة بالأساطير ودمى الطين حيث مدينة أور واحة الحلم السرمدي لمن تخيلوا الخبز قبل الجنة والنواح قبل الموسيقى ، فكان للناصرية التي جاءت من أطياف مدحت باشا وإمضاء ناصر باشا السعدون أن تقف على قدميها لتكون حاضرة عولمية للأشياء الخمس الرائعة الشعر والفقراء والخبز والشهداء والغناء .
هذه المدينة تشرفت لتكون حاضنة اليسار الأول في ميزوبوتاميا عندما جاءها يوسف سلمان يوسف ( فهد ) ليشتغل عاملا قي ماكنة ثلج طوبيا ومن ثم يؤسس أقدم الأحزاب العراقية ( الحزب الشيوعي العراقي ) . ومن يومها أنتمى حلم هذه المدينة لتلك المشاعر الهائمة في تخيل رؤيا العدالة والسلام والحرية والاشتراكية مثلما يتخيل الأمير السومري أور ــ نمو صعود زقورته الى العلا لتحقق أحلام سومر في بلوغ مجد فقراءها في منافسة الالهة من اجل صناعة الحياة الرائعة بين سكان مدن الطين والصرائف وسوابيط القصب.
تلك مقدمة مقال قديم في استذكار المونليزا الماركسية ــ السومرية ( أنسام أمين ) اخت صديقي داود امين ( 1948 ــ التنومة البصرة ) الذي عاش في تفاصيل حلم المدينة بطموح يساري صلب كلفه ان يطارد ويعتقل ثم يختار المنفى كمهنة شاقة كما وصفها الشاعر الشيوعي التركي ناظم حكمت والتي اظن ان ابي نهران كان ولم يزل يحفظ الكثير من قصائده كما كان يحفظ قصائد البياتي وعبد كوران ومايكوفسكي وتوفيق زياد .
لم ار ابو نهران من سنين طوال بعد ان كنا نلتقي مرارا في مقهى الروضة في دمشق ، وسوية نستعيد ذكريات المدينة وليل منطقته الاسكان ورفاقه في الامس البعيد الذي تفرقت بهم المنافي حيث صار منفاه الدنمارك وهناك استقر حالما بالعودة الى بلاد سومر ولها كان ينتج قصائد دافئة وقصصا طفولية تحمل المعنى الاوسع لجمال الحياة وهو ما صار يعلمه للاطفال الدنماركيين والمهاجرين .
في ذكريات مقهى الروضة يسكنك في عاطفة ابي نهران شجن الحديث عن الجنوب والذكريات ويفيض منه خيال توقعات ما سيحدث بشرقنا العربي ، حتى انه اراد ان يبيع بيته الذي يملكه في جرمانا لانه كان يرى ان المشهد الشامي سيعيش ازمة حربه مع داعش والمعارضة المسلحة .
هو بوجهه المحمر طيبة وازمنة شاقة من دروب طويلة بين جبل ووادي ومقاهي مدينته الاليفة في محبة انتماءه اليها يعيش تألق روحه في الاستذكار ويمتلك الذاكرة الخصبة والندية والمتسامحة وهو ما يميز داود امين في ان نبض قلبه يتوافق تماما مع ملامحه وابتسامه وحضوره الجميل بين جلاسه واهله واصدقائه.
داود أمين الذي تصنعه رقة العاطفة وجمالية الروح واناقة المظهر ، هو واحد من الوجوه المضيئة في مرايا اليسار السومري .
نبتعد ونلتقي دوما ، فحين ذهبت ايام الشام وذكريات مقهى الروضة التقينا ثانية في الملتقى الاول لمهرجان المدى الادبي في اربيل وهناك احتفى المدعويين من ابناء الناصرية بداود امين لنسجل مع طلته المشرقة حضورا ثانيا لذكريات حلم وجمالية ازمنة تؤشر في مدى استعادة الوجوه تلك الروح الطرية والطيبة الذي عاش لينسج ثوب مودته مع قناعته وما انتمى اليه.
هذا الانتماء وتلك الشخصية الجنوبية التي تدعى ( داود أمين ) تمثل في حضورها وخصوصيتها بعضا من التأريخ العريق لمدينتنا ، اختلفنا معه أو اتفقنا ، هو ذاكرة وقامة مثلت حضورا وصلابة وطيبة عبر ازمنة عاشها بحلوها ومرها متكئأ على ايمان غريب يسكن قلبه منذ صباه وطفولنه :اخترت نافذة الضوء تلك وسأبقى أتأمل منها دوما .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية
عبد الرضا حمد جاسم ( 2017 / 1 / 5 - 17:27 )
لك وللغالي ابو نهران الورد
و امنيات بأن تكون القادمات افضل
لك و لكما و لكم تمام العافية و السلامة


2 - محبتي
نعيم عبد مهلهل ( 2017 / 1 / 6 - 12:11 )
عبد الرضا الرائع شكرا وكل عام وقلبك الطيب بشذى ذكريات المدينة بألف خير

اخر الافلام

.. عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف قطاع الطائرات المسيرة


.. ماكرون يدعو لبناء قدرات دفاعية أوروبية في المجالين العسكري و




.. البيت الأبيض: نرعب في رؤية تحقيق بشأن المقابر الجماعية في قط


.. متظاهرون يقتحمون معهد التكنلوجيا في نيويورك تضامنا مع جامعة




.. إصابة 11 جنديا إسرائيليا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة ا