الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المليشيات والحكومة والوضع الأمني ..!

هادي فريد التكريتي

2006 / 1 / 9
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


الجرائم المروعة المرتكبة في كربلاء والرمادي وكركوك وبغداد ، وغيرها ن المدن العراقية ، راح ضحيتها المئات من الأبرياء خلال أسبوع واحد ، ورغم كل الإجراءات المزعومة ، لا زالت لحكومة قاصرة عن معالجة هذا الوضع ، وستبقى غير قادرة على الحد من هذه الأنشطة الإرهابية ، طالما أنها لم تضع حدا للمليشيات الطائفية المنفذة لهذه الجرائم . فجرائم التفخيخ والتفجيرات لم تقم بها عناصر إرهابية ، دينية ـ سلفية قادمة من خارج الحدود فقط ، بل هنالك مليشيات عراقية من نوع مختلف ، عما هو معروف من مليشيات بدر وجيش المهدي ، لقوى قومية وطائفية انتحارية تنفذ مثل هذه الجرائم ، وهذا ما أثبتته تفجيرات عمان ، حيث كان المنفذون عراقيين ومرتبطين بأحزاب وقوى عراقية ، على الرغم من دعاوى ارتباطهم بأبي مصعب الزرقاوي ، فمظلة الزرقاوي ، حمايته وتوفير أجواء آمنة وملائمة لنشاطه وجرائمه المرتكبة ، هي إجراءات عراقية خالصة مائة % ، وهذا ما أثبتته انتخابات الخامس عشر من كانون أول الماضي ، حيث تعطلت الفعاليات الإرهابية بالكامل في كل أنحاء العراق ، وهذا ليس نتيجة إجراءات الحكومة ونشاط أجهزتها الأمنية ، بقدر ما هي توجيهات من قيادات الأحزاب القومية والقوى الطائفية المشاركة في الانتخابات ، وتجديد هذه الهجمات بهذا الشكل الواسع والمؤثر دليل قاطع على ما أزعمه ، ويصب في خانة ضغط هذه القوى للحصول على مواقع أفضل في الحكومة القادمة ، بغض النظر عن النتائج الإنتخابية واستحقاقاتها ، .مستغلة ضعف الحكومة وتخبطها في الحلول للمشاكل التي يعاني منها الشعب ، وخصوصا الوضع الأمني الذي يحظى بالأولوية ، ويتصدر ما يطالب به الشعب من حلول ، هذا ما تعرفه الحكومة وتدركه كل القوى السياسية العراقية أيضا . الحكومة المؤقته ـ المنتخبة ـ حتى الآن فشلت أولا ، في تحقيق أي انفراج لمطالب الشعب الخدمية ، و ثانيا لم تنجح في إيجاد حلول ناجعة للإرهاب ، للقضاء عليه أو تحجيمه ، على الرغم من استخدامها لكل الأساليب الشرعية والعلنية ، كما استخدمت ، وتستخدم ، جاهدة بسرية تامة ، ميليشياتها الطائفية ، لمجابهة الأنشطة الإرهابية ، بإطلاق يد قوات بدر وجيش المهدي وتشكيلات حزب الدعوة السرية ، لتمارس نشاطات في الخفاء حصيلته تصفية الكثير من معارضيها وخصومها السياسيين ، أو من الذين تعتبرهم ضالعين في العمليات الإرهابية ، من القوى القومية والطائفية ، ومن المناهضين لتوجهاتها ومشاريعها الطائفية والسياسية ، هذا الأسلوب ، عقد التوصل إلى حلول ممكنة ، ليس مع هذه القوى الرافضة فقط وإنما مع تلك المنخرطة في العملية السياسية منذ بدايتها ، وأصبح الإرهاب ليس نهجا للقوى التي ناصبت التغيير منذ أول لحظاته ، وإنما أصبحت الحكومة تمارسه علانية وفي وضح النهار ، عن طريق مليشياتها الملثمة ذات الأردية السود ، معتقدة أنها الطريق السوي للخروج من دوامة العنف والعنف المضاد الذي يجتاح العراق كله.. المتابع للوضع الأمني يجد خلال شهر واحد ، مقتل أكثر من عشرين شخصا ، تسعة منهم في يوم واحد ، يوم 5/1 ، استخدم إرهابيون ( مجهولي الهوية )، أسلوبا واحدا في تصفية خصوم " مجهولين " طلقة في الرأس ، الأيادي مقيدة ، والجثث ملقاة في مشروع معالجة المياه الثقيلة في منطقة الرستمية ، تكرر هذا السيناريو لأكثر من ثلاث مرات في مكان واحد ، وفي منطقة تسيطر عليها بالكامل قوات الشرطة والحرس الوطني ، كما تشغل منظمة بدر حيزا معلوما في هذه المنطقة ـ الكرادة الشرقية ـ ، فإن لم تكن الحكومة وأجهزتها مسؤولة عن هذه الجرائم فمن هو يا ترى ؟ عندما تتماهى أجهزة الأمن الحكومية مع المليشيات التابعة لها ، وُتمارس الجريمة علنا أو خفية ، فاقرأ على الأمن السلام .. الحكومة تحاول الخروج من أزماتها الخانقة والمحيطة بها من كل جانب ، عن طريق الإرهاب ، وإشاعة الرعب بين الناس ، إلا أنه لن ينقذها هذا السلوك ، ولن يخرجها من أزمتها ، فبالأمس مظاهرات واعتصامات للجماهير الغاضبة ، ضد تسعيرة النفط ومشتقاته ، من البصرة وحتى أقصى مدينة في الشمال ، ومقتل أربعة مواطنين والعشرات من الجرحى في الناصرية ، نتيجة مصادمات بين المطالبين بالعمل والشرطة ، تسترت عليها الحكومة ، ودون تغطية إعلامية رسمية لهذه الجريمة . الناس لن تأكل من المشاريع الطائفية سوى البطالة والجوع والقتل ، وحبل الكذب قصير جدا ، خصوصا إذا كان الأمر يتعلق بأمن الناس وخبزها .
فضائح الحكومة الطائفية طالت حتى حجاج بيت الله الحرام ، وسرقة ما دفعوه من رسوم حج وقيمة جوازات وبطاقات سفر ، فالمئات من الحجيج حرموا من ممارسة شعائرهم والوصول إلى بيت الله الحرام لهذا العام ، نتيجة فساد الجهاز الإداري والأجهزة الأمنية ، فلم يكفهم ما سرقوه من خزينة الدولة فوجدوا الفرصة ملائمة عند حجاج بيت الله ، حيث قد زورت جوازات السفر وبيعت موافقات الحج لأشخاص سفروا على الخطوط الجوية ، وحرمت من السفر أسماء المئات من الحاصلين على الموافقة الرسمية ، وهم ينتظرون دورهم في العراء لأيام عدة ، يقاسون البرد وسوء الأحوال الجوية ، دون ماء وطعام ومرافق صحية ، فمن يا ترى المسؤول عن جريمة مثل هذه ؟ وكيف حصل التزوير في الموافقات الرسمية ليتطابق مع المئات من المغادرين بجوازات السفر المزورة ؟ هذا التوافق نتيجة لعمل منظم ومشترك بين أجهزة رسمية مسؤولة في الحكومة ، تطال مسؤوليته رئيس الحكومة ، يتطلب الكشف عنه بشفافية كاملة بمشاركة من منظمات المجتمع المدني . الغريب في الأمر أن رئيس الوزراء بدلا من محاسبة الأجهزة المساهمة في هذه الجريمة ، يتوجه بإلقاء اللوم على الجانب السعودي وبلهجة لا تخلو من تهديد صريح ، وهو المشهود له بالهدوء ، ولم نعهد له موقفا مماثلا مع دول أخرى " شقيقة " تتدخل بشكل مكشوف بأمور العراق وأمنه ، وهل من الحكمة تهديد السعودية ونحن في ظرف نحتاج فيه لكل مساعدة تعيننا على البلوى ، التي أوصلنا إليها الاحتلال الأمريكي ومن ثم شريكه الحكم الطائفي . هل من المنطق والحكمة أن يقول السيد رئيس الجعفري في مؤتمره الصحفي يوم أمس " ... الطرف السعودي لم يكن واضحا في موقفه رغم أننا لا نريد الخلط بين المسار السياسي ومسار تعاطي السعوديين مع موسم الحج ، ولكن أقول لهم أنني لم أصبر على تعاملي معهم بهذه الطريقة ...على السعوديين أن يفرقوا بين فعل مجموعة شواذ قاموا بتزوير جوازات سفر وبين شعب أصيل ...وليتعاملوا ( أي السعوديين ) مع الموقف كما تعاملنا معهم عندما كان ولا زال السعوديون يتصدرون قائمة الإرهابيين الذين يأتون إلى العراق ليقتلوا أبناءه .." بالرغم من كل ما يحويه هذا الخطاب من توتير للعلاقات العراقية السعودية ، أقول لم نحمل السعوديين مسؤولية استخدام جوازاتنا المزورة ؟ لماذا لا نسأل : كيف تم مرور آلاف الحجاج المغادرين بجوازات سفر مزورة من المطار أو من المنافذ الحدودية دون تدقيق ؟ أليس هذا ما يدلل أن الأجهزة الأمنية مخترقة وغير أمينة على مصلحة العراق والعراقيين ؟ ألا يعني أن الإرهاب لا زال يمر عبر بوابة أجهزتنا الأمنية ، وهل فقط السعوديون يعبرون حدودنا لقتل أبنائنا ؟ وغيرهم من الحدود الشرقية ، " أشقاؤنا " وهم حلفاء لسوريا ، ألا يحملون الموت لأبناء العراق ؟ سواء أكان هذا الموت تفخيخا وتفجيرا أم سما قاتلا ، وهو في النهاية أدهى واخطر من الموت ؟ على كل حال تصريف الأزمات وإلحاقها بالغير لا يحل ما يعاني منه العراقيون من مشاكل أمنية وخدمية ولقمة عيش ، الحل هو سلوك النهج الوطني في التعامل مع كل فئات المجتمع ،وحل المليشيات ، وتنظيف الأجهزة الأمنية ودوائر الدولة من المرتزقة والفاسدين ، وإسناد مناصب الخدمة العامة وفق الكفاءة وعلى أسس وطنية وليست طائفية ، وبدون هذا يبقى العراق مستباحا ، والدم العراقي مباحا ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إعلام: شبان مغاربة محتجزون لدى ميليشيا مسلحة في تايلاند تستغ


.. مفاوضات التهدئة.. أجواء إيجابية ومخاوف من انعطافة إسرائيل أو




.. يديعوت أحرنوت: إجماع من قادة الأجهزة على فقد إسرائيل ميزتين


.. صحيفة يديعوت أحرنوت: الجيش الإسرائيلي يستدعي مروحيات إلى موق




.. حرب غزة.. ماذا يحدث عند معبر كرم أبو سالم؟